خاص العهد
كيف يؤثر إستهداف قاعدة العند على مسار العدوان على اليمن؟
شارل ابي نادر
لم يكن مستغرباً استهداف قاعدة العند في لحج جنوب اليمن من قبل سلاح الجو المسير التابع للجيش واللجان الشعبية اليمنية، فقيادة الأخير كانت قد أعلنت أنها ماضية في متابعة تلك المناورة الجوية وتطويرها، في القدرات وفي الأهداف، داخل أو خارج اليمن، وذلك من ضمن معركة الدفاع التي تخوضها بمواجهة تحالف العدوان ومرتزقته منذ حوالي الأربع سنوات تقريباً، ولكن المستغرب كان ردة فعل تحالف العدوان ومرتزقته في اعتبار هذا الاستهداف وكأنه يشكل خرقاً فاضحاً لاتفاق السويد حول الحديدة، اذا لم يكن لاغياً له بالكامل.
بمعزل عن موقف العدوان من هذا الاستهداف وردة فعله حياله، لا بد من إلقاء الضوء على أهميته من الناحية العسكرية ومن الناحية الاستراتيجية وما يمكن أن يقدمه لمعركة الدفاع على اليمن، وهل سيكون له تأثير منتج في تلك المعركة؟ أم سيكون كغيره، عملية من ضمن مسلسل العمليات التي تكثر في معارك الكر والفر ضمن الحرب المفتوحة على اليمن؟
عسكرياً:
جاءت عملية الاستهداف فعالة لدرجة عالية، من خلال مقتل واصابة عدة قيادات أساسية لدى مرتزقة العدوان ووحداته، خلال احتفال عسكري كبير، وداخل إحدى أكبر ثكنات تلك الوحدات جنوب البلاد، والتي كانت مؤخراً نقطة ارتكاز أساسية لعمليات ومحاولات الزحوف والمهاجمات على جبهات الشرق والوسط في محافظتي تعز والبيضا.
برهنت القوة الجوية في الجيش واللجان الشعبية عن قدرات متطورة في سلاح الطيران المسير لديها، في نوعية الصاروخ أو الصواريخ المتفجرة داخل وعلى الهدف، أو في قدرتها الفنية والتقنية على تجاوز منظومة الدفاع الجوي وأجهزة الرصد والمراقبة لدى العدوان، والتي من المفترض أن تحمي تجمعاً عسكرياً بهذا الحجم وفي ثكنة من أكبر ثكنات وحداته.
أثبتت وحدة الاستطلاع والرصد والاستعلام لدى الجيش واللجان الشعبية قدرة مميزة في متابعة ومراقبة أكثر الأهداف حساسية، وفي الاختيار المناسب للمكان وللتوقيت ولنوعية الهدف، بالرغم من إجراءأت الحماية والتخفي التي تقوم بها وحدات العدوان، نسبة للاستهداف المتواصل والمُعلن عنه بشكل دائم من قبل قيادة الجيش واللجان الشعبية اليمنية.
استراتيجياً:
هذا الاستهداف النوعي، والذي يضاف الى سلسلة من الاستهدافات المماثلة في القدرات وفي نوعية الأهداف وفي الفعالية، يعطي فكرة أن معركة الدفاع التي يخوضها الجيش واللجان الشعبية وأنصار الله تجاوزت المسرح الداخلي اليمني، الى مسرح اقليمي ودولي اوسع، في مستوى الامكانيات والقدرات، وفي مستوى وحساسية الاستهداف، ويمكن القول بكل موضوعية، إن سلاح الجو اليمني، من خلال القدرات التي أدخلها في المعركة عبر الطيران المسير، ومن خلال مناورة ذكية وحساسة وناجحة، استطاع خلق توازن مقبول الى حد ما، مقابل التفوق الجوي الذي يمتلكه العدوان، والذي تشترك عدة وسائط اقليمية ودولية في تكوينه، لناحية أنواع وعدد القاذفات المتطورة، أو لناحية مستوى التدمير والدقة في الصواريخ الموجهة والقنابل الذكية التي تُطلِقها قاذفاته، أو لناحية غرفة العمليات (الدولية المستوى) والتي تدير معركتها الجوية.
ربما يعتبر الكثير من المتابعين والمراقبين والمعنيين، أن هذا الاستهداف المؤلم لقاعدة العند، والذي نفذه الطيران المسير التابع للقوة الجوية في الجيش واللجان الشعبية اليمنية، سيكون سبباً رئيساً لردة فعل عنيفة، يقوم بها تحالف العدوان ومرتزقته، انتقاماً لخسائرهم الكبيرة التي سقطت، وسينتج عن ردة الفعل هذه تغيير أساسي في مستوى وطبيعة معركة تحالف العدوان.
ولكن في الحقيقة، من خلال متابعة دقيقة وحساسة لمعركة الجيش واللجان الشعبية بمواجهة تحالف العدوان على اليمن، فقد أثبتت جميع تلك المواجهات خلال سنوات الحرب الأربع تقريباً، أنه لم يعد لدى هذا العدوان ما يقوم به على الصعيد العسكري والميداني، أكثر مما نفذه أو حاول القيام به حتى الآن، وقد أصبحت امكانياته في إحداث أي تغيير ولو بسيط في الميدان وعلى الأرض محدودة وعقيمة.
من هنا، لا بد لهذا العدوان أن يتخلى عن حالة الانكار هذه التي يعيشها، لناحية الاستهتار بموقع وبامكانيات الجيش واللجان الشعبية وانصار الله، او لناحية التغاضي عن حقوقها السياسية والاجتماعية ، او لناحية عدم اعترافه بقدراتها العسكرية والميدانية، وآخرها الاستهداف القاسي والصادم لثكنة العند، ولا بد استناداً لذلك كله أن يقتنع هذا العدوان ومرتزقته، انه لا بد من التسوية السياسية ومن التفاوض الصريح والصادق، ومن الجلوس وجهاً لوجه والبحث بروح صادقة ومسؤولة، في سبيل إيجاد الحل الذي أصبح حاجة وضرورة لكل أبناء ومكونات الشعب اليمني.