خاص العهد
بالأرقام: استقدام العاملات الأجنبيات تقلّص بشكل كبير.. واليكم الأسباب
فاطمة سلامة
يكاد لا ينجو قطاع في لبنان من الآثار الاقتصادية الخطيرة التي عصفت به جراء الأزمة. التلاعب بسعر صرف الدولار ترك تداعياته على مختلف القطاعات. قطاع استقدام العاملات في الخدمة المنزلية واحد من القطاعات التي تأثّرت بشكل كبير. أصحاب المكاتب يشكون من قلّة الطلبات خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، بعدما شهد هذا القطاع هجمة في السنوات القليلة الماضية. الازدحام الذي كانت تشهده بعض المكاتب المعروفة في سوق الاستقدام، لم يعد موجوداً لعدة أسباب على رأسها التلاعب بسعر صرف الدولار. وبحسب أصحاب المكاتب فإنّ هذا الأمر جعل كثراً ممن يتقاضون أموالهم بالليرة اللبنانية يُفكّرون كيف سيؤمنون الأموال بالعملة الأجنبية. كما أنّ الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها البلد دفعت بالبعض الى ترتيب أولوياته على قاعدة "الأهم، فالمهم، فالأقل أهمية".
الأمن العام: التأشيرات تراجعت لأكثر من النصف
التدقيق في مختلف الأرقام المتعلّقة بملف استقدام العاملات الأجنبيات تبيّن تراجعاً ملحوظاً في الأعداد التي استقدمت الى لبنان بعد أزمة 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019. وربما اجراء مقارنة سريعة بين الأشهر الثلاثة التي سبقت الأزمة تُبيّن مستوى الركود الذي يعيشه هذا القطاع. مصادر الأمن العام زوّدت موقع "العهد" الإخباري بعدد التأشيرات التي أعطيت للعاملات في الخدمة المنزلية قبل وبعد الأزمة. وقد تبيّن أنّ 5125 تأشيرة أعطيت خلال شهر تموز/يوليو 2019، و4198 تأشيرة أعطيت خلال آب/أغسطس، أما في أيلول/سبتمبر فقد أعطى الأمن العام 4395 تأشيرة دخول لعاملات أجنبيات. وبذلك يبلغ مجموع التأشيرات التي أعطيت خلال الثلاثة أشهر التي سبقت الأزمة 13 ألفاً و718 تأشيرة دخول. وقد لفتت مصادر الأمن العام الى أنّ عدد التأشيرات التي أعطيت منذ 18 تشرين الأول/أكتوبر أي بعد الأزمة بيوم واحد حتى تاريخه (كانون الثاني/يناير 2020)، بلغت 6027 تأشيرة. ماذا يعني ذلك؟، يعني أنّ أعداد الطلبات للحصول على تأشيرة تراجعت بعد الأزمة لأكثر من النصف عما كانت عليه قبل الأزمة.
وزارة العمل: أعداد الطلبات الى انخفاض مستمر
أما الأرقام التي استحصل عليها موقع "العهد" من وزارة العمل، فتشير الى أنّ عدد الطلبات التي قُدّمت للوزارة للحصول على "إجازات عمل" لعاملات جديدات بلغت من أول تموز/يوليو (2019) حتى آخر أيلول/سبتمبر (2019) 15 الفاً و262، لتتقلّص بعدها الى ما يقارب النصف وتبلغ 8 الآف و248 منذ شهر تشرين الأول حتى آخر العام. وتفيد مصادر وزارة العمل أنّ الأعداد الى انخفاض مستمر يوماً تلو آخر.
يونس: الدولار أزمة المكاتب
الأستاذ حسن يونس، وهو أحد أصحاب مكاتب استقدام العاملات في الخدمة المنزلية، يؤكّد ما بيّنته الأرقام. ويتحدّث لموقعنا أنّ وتيرة العمل في المكتب تراجعت بنسبة 70 بالمئة جراء الأزمة. برأيه، فإنّ الأسباب عديدة وتختلف من جنسية الى أخرى. فعدد العاملات من الجنسية الأثيوبية مثلاً يتراجع منذ العام الماضي، بسبب عدم الاتفاق بين لبنان واثيوبيا على بنود العمل. لكنّ السبب الأساسي -برأي يونس- هو التلاعب بسعر صرف الدولار. الزبائن بدأت تحسب حساباً للعملة الصعبة، نظراً لأنّ العقد يُلزم الزبون بدفع البدل بالدولار. هذا الأمر "غربل" وفق قناعات يونس الأهداف التي تستقدم لأجلها "العاملة". فهي لم تعد احتياجات صورية بل فعلية، ومن يحتج اليها فعلاً يجد نفسه مضطراً لاستقدامها بغض النظر عن الأزمة. أما من ليس مضطراً إليها كثيراً، فقد بدّل أولوياته.
يعود يونس ليؤكّد أن نسبة الاستقدام انخفضت كثيراً، والسبب الرئيسي هو الدولار الذي سجل سعر صرفه في بعض الأحيان 2500 ليرة. ويشدد على أن تأرجح الدولار يخلق أزمة لأصحاب المكاتب. كل المعاملات التي يقومون بها بالدولار نظراً للتعاملات الخارجية. وفي هذا الصدد، يشير المتحدّث الى أنّ تكلفة استقدام العاملة تتفاوت من مكتب لآخر، إلا أنها زادت حوالى 20 بالمئة جراء الأزمة، وبدأت تترواح بين 2300 و2400 دولار، وهذا سبب اضافي ربما لتراجع الاقبال على الطلبات.
لا شك أنّ الأزمة التي طالت مكاتب استقدام العاملات الأجنبيات، تركت تداعياتها على العديد من الأسر التي تعتاش من هذه المهنة. حالها حال الكثير من القطاعات التي وجدت نفسها مضطرة الى إقفال مؤسساتها ومكاتبها، مع ما حمله هذا الأمر من تداعيات على مئات العمال. أولئك وجدوا أنفسهم مصروفين بشكل تعسفي، على أمل أن تضع الحكومة الجديدة حداً نهائياً للتلاعب بسعر صرف الدولار، ما سينعكس بشكل إيجابي على الكثير من القطاعات بما فيها قطاع استقدام العاملات الأجنبيات.
عاملات الخدمة المنزليةمكاتب استقدام العاملاتوزارة العمل