معركة أولي البأس

خاص العهد

قاصرو القطيف.. هل من مُغيث؟
17/02/2020

قاصرو القطيف.. هل من مُغيث؟

لطيفة الحسيني

مآسي أهالي القطيف لا تنتهي. وكأنّ الاضطهاد قدرهم. هو ضيْم لا يدفعهم الى الاستسلام، بل يحثّهم على التمسّك أكثر بسلميّتهم وصوابية خياراتهم رغم كلّ محاولات إسكاتهم وإخماد حراكهم الحقوقي. المعركة طويلة اذًا، محطاتها كثيرة، المُحاكمات الصوَرية للمعتقلين تعسفيًا تتصدّرها. هؤلاء يواجهون أسوأ أنواع العقاب على أرفع أنواع التعبير: التظاهر والمطالبة بالعدل والإنصاف.

زنازين المملكة تعجّ بالسجناء السياسيين الذين يُدانون فقط لأنهم ناوؤوا السلطة وأساليبها وسياساتها. بينهم من اقتيد ظلمًا وهو قاصر، تحت السنّ القانونية، جريمته أنه تعاطف مع المسيرات الشعبية التي خرجت عام 2011 في شوارع القطيف، فكان مصيره خلف القضبان. المحاسبة والحكم يصدر عن جهة واحدة. لا مجال للدفاع عن النفس أو توكيل محامٍ. الجلسات تُعقد ولا يعرف "المتهم" متى وكيف وماذا تضمنّت. عليه فقط الرضوخ لأمر الحاكم التابع رسميًا للملك وأجهزته القضائية وأدواتها. واذا ما تقرّر إعدامه أو إقامة الحدّ عليه أو قتله تعزيرًا، لا يُبلّغ ذووه إلّا بعد ارتقائه شهيدًا مظلومًا وغريبًا. يُدفن وحيدًا ولا يسمح لعائلته بأن تودّعه أو تتسلم وصيّته.

 

قاصرو القطيف.. هل من مُغيث؟

علي محمد آل بطي

 

قاصرو القطيف.. هل من مُغيث؟

علي محمد آل نمر

 

12 قاصرًا قد يُعدمون قريبًا

خلال الأيام الماضية، تحدّثت تسريبات عن أن قائمة المُهدّدين بالإعدام جديًا في السعودية باتت تتألّف من 12 معتقلًا قاصرين وجميعهم متهمون بقضايا سياسية. أكثر من جهة حقوقية نبّهت الى إمكانية تنفيذ الأحكام قريبًا. مصادر المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان تؤكد لموقع "العهد الإخباري" أن المخاوف جديّة، وأن المُهدّدين بالإعدام يتوزّعون على أكثر من درجة تقاضٍ، بينهم من استنفذت بحقهم كافة الدرجات ولم يبقَ إلّا التنفيذ بعد أن يوقّع الملك على أحكامهم وهو إجراء غير علني، وبينهم أيضًا من صدرت بحقهم أحكام وينتظر الاستئناف، وهناك قسم ثالث يواجه مطالبات من قبل النيابة بإعدامه، والحصيلة الكاملة تصل الى 47 معتقلًا.

البارز، بحسب المصادر، أن 12 سجينًا وُجّهت لهم تهمٌ في فترات كانوا لا يزالون قاصرين، كمحمد عصام الفرج (من مواليد 2002) الذي واجه تهمًا قبل بلوغه سنّ العاشرة.

 

قاصرو القطيف.. هل من مُغيث؟

داوود حسين آل مرهون

 

قاصرو القطيف.. هل من مُغيث؟

محمد عصام الفرج


محاكمات للمعتقلين دون وكلاء

الخطر اذًا داهمٌ ووشيك. مصدرٌ من القطيف يوضح لـ"العهد" أن آخر المعطيات من داخل سجن المباحث العامة بالدمام يؤكد وجود مخاوف شديدة من إقدام النظام السعودي على إعدام القاصرين، خاصة أن المحاكمات عُقدت في أغلبها دون وجود وكلاء عن المعتقلين وبسريّة تامّة، إذ يعلم ذوو المعتقل بها بعد مضيّ أيّام من نقله من سجن المباحث بالدمام إلى المحكمة الجزائية المتخصصة بالرياض.

أسى ومعاناة إنسانية

قضية المعتقلين تتشعّب في مظلوميّتها وقسوتها. كما السجناء تعسفيًا يعانون الجوْر الكبير، يشكو الأهالي حرمانهم من فلذات أكبادهم. هم يعذّبون نفسيًا للغاية، فإضافة للتنكيل بأبنائهم، تحظر عليهم السلطة أخبارهم أو ربّما لقاءهم للمرة الأخيرة قبل إعدامهم.

المصدر يلفت الى المرارة التي تشعر بها العوائل عندما تبحث عن وسيلة لمتابعة آخر المعطيات في قضية أبنائهم ولا سيّما في ظلّ التسريبات الموجعة بشأن مصيرهم. يقول "عوائل المحكومين بالإعدام في القطيف تعيش حالة من الشلل والأمل في آنٍ معًا، تارة تتمنّى أن يتمّ إلغاء الحكم، وتارة تخشى غدر النظام بأبنائها مثلما فعل في مجزرة 23 نيسان/أبريل 2019 التي راح ضحيتها 33 شهيدًا ومجزرة 11 تموز/يوليو 2017 التي راح ضحيتها 4 شهداء ومجزرة 2 كانون الثاني/يناير 2016 حين ارتقى 4 شهداء وعلى رأسهم الشهيد الشيخ نمر باقر النمر.

 

قاصرو القطيف.. هل من مُغيث؟

محمد حسين آل نمر

 

قاصرو القطيف.. هل من مُغيث؟

سجاد ممدوح آل ياسين


الحرمان من الوداع الأخير

طه الحاجي، أحد أبرز المحامين السعوديين المواكبين للقضية يحذّر عبر"العهد" من خطورة أوضاع هؤلاء، ويشير الى أن بعضهم صدرت بحقّهم أحكام نهائية ما يُشير الى احتمال إعدامهم بأيّ وقت دون إعلان مسبق أو إعلام ذويهم.

بحسب محدّثنا، هذا الأسلوب انتهاك فاضح لحقوق السجناء انسانيًا بغض النظر عن صحّة توقيفهم ومحاكمتهم في الأصل. السلطة تمنعهم من كتابة الوصية الأخيرة وملاقاة الأهل ووداعهم، ويتواصل كلّ هذا الى مرحلة ما بعد قتلهم، من خلال عدم مراعاة مشاعر الأهالي وإبلاغهم بارتقاء أبنائهم، وأكثر من حادثة إعدام ليس آخرها في نيسان/أبريل الماضي شاهد على ذاك العنف، حينها سمعوا من وسائل الإعلام المحلية وتطبيق الـ"واتسآب" خبر إعدام المعتقلين بطريقة وحشية.

ويشدّد الحاجي على أن الانتهاكات تتراكم الى ما بعد الإعدام، فالمعتقلون يُدفنون بعيدًا عن مسقط رأسهم، غرباء عن ذويهم، دون صلاة عليهم، دون إلقاء النظرة الأخيرة على جثامينهم المنكّل بها، وكلّ ذلك لأنهم اتهموا بما لا يرتقي الى مستوى الجريمة، فالسجناء مارسوا حقوقهم الطبيعية بالتنديد والكتابة والتظاهر لا أكثر

بحكم تجربته القضائية، يُبيّن المحامي أن نظام الأحداث الذي صدر لمنع قتل المعتقلين القاصرين لن يردع السلطة والمحكمة من الاستمرار في تنفيذ الحكم فالنيابة تصرّ على طلب هذه العقوبة.

 

قاصرو القطيف.. هل من مُغيث؟

جلال حسن آل لباد

 

قاصرو القطيف.. هل من مُغيث؟

يوسف محمد المناسف


الله حسبهم

لا تعويل إلّا على الله، تقول مصادر مقرّبة من الأهالي، فـ"نحن أمام  نظام ديكتاتوري ودموي يعمد الى تخويف وترهيب الشعب بإعدام القاصرين والمظلومين ليضمن بقاء حكمه على حساب أشخاص طالبوا بأبسط حقوقهم أو خرجوا في مظاهرات سلمية أو عبروا عن آرائهم لما يروه بؤسًا".

المشهد يتعقّد أكثر في ظلّ عدم تجاوب نظام آل سعود مع كلّ الأصوات المندّدة من قبل المنظمات الحقوقية والإنسانية، وفق المصادر، ما يعني أن شيئًا لن يردعه عن جرائمه بحق أبناء القطيف، مسلوبي الرأي والحقوق والخيرات.

 

 

قاصرو القطيف.. هل من مُغيث؟

 

القطيف

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل