خاص العهد
"منتدى شرق المتوسط للغاز".. ثروة لبنان في خطر
فاطمة سلامة
لم تتأخّر وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية في الإعلان عن إنشاء "منتدى شرق المتوسط للغاز" بمشاركة الكيان الصهيوني وست دول. الخبر الذي تناقلته الوكالات العالمية والعربية بسُرعة البرق، يحمل الكثير من علامات الاستفهام. فخطوة كهذه تُشرّع الأبواب أمام سيل من التساؤلات حول ماهية هذا المنتدى، وانعكاساته سيّما على الجانب اللبناني الذي لم تكتمل فرحته بعد بالحدث التاريخي الذي شهده مطلع العام الماضي، والذي تُرجم بتوقيع اتفاقيتين مع تحالف الشركات العالمية (Total، ENI وNovatek) لاستكشاف الغاز والنفط في البلوكين 4 في الشمال و9 في الجنوب. الحدث الذي قيل فيه الكثير آنذاك ووُصف بالخطوة التي من شأنها أن تنقل لبنان من كفة العجز الى كفّة "البحبوحة". فهل يحمل المنتدى العتيد أية تداعيات على السوق اللبناني تسلب بهجة ذاك الحدث؟.
برو: لولا المماحكات السياسية لما وصلنا الى هنا
الخبير بقوانين وسياسات الطاقة المحامي علي برو يُشدّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري على خطورة خطوة إنشاء المنتدى وتداعياتها، لكنّه يؤكّد أنها أحد نتائج التأخيرات في إطلاق دورة التراخيص، والتي جاءت كنتيجة حتمية للمماحكات السياسية، فلو لم تتأخّر هذه الانطلاقة لما يزيد عن الثلاث سنوات، لكنا اليوم في بلد لديه اكتشافاً نفطياً ونعمل على تطويره.
ينطلق برو من هذه الكلمات ليؤكّد ضرورة تدارك السياسيين لمخاطر وتداعيات تلك المناكفات، وتجاوزها، والاستفادة من ما تبقى من الوقت لتصحيح الأوضاع قدر الإمكان وتدارك النتائج السلبية للمنتدى عبر الاستفادة من عضوية لبنان في الجامعة العربية والقمة التنموية الاقتصادية والاجتماعية المقرر انعقادها الأحد في بيروت، من أجل اتخاذ قرارات لها علاقة بضمان دور لبنان على مستوى سوق الطاقة العربي، واستبعاد أي مكون آخر. كما يتوجّب على لبنان ـ برأي بروـ التسريع بدوره التراخيص الثانية، وممارسة المزيد من الضغط والمحاولات لإفشال بقاء كيان العدو في هذا المنتدى، وتظهير قدرات لبنان لجهة انتاج الغاز في المستقبل، ما يؤسس لشطب كيان العدو من قائمة الدول العربية والاستعاضة بلبنان عنه.
ما حدث خطير جداً والقضية أبعد من منتدى
يبحث مصدر متابع للملف عن كلمة أشد من "خطير" لتصف حدث إنشاء المنتدى. بالنسبة اليه، فإنّ ما حدث خطير جداً، ويُرتّب على لبنان تبعات، إذا ما التقط الاشارات جيداً وسعى سعيه لمواجهة هذه الخطوة على وجه السرعة وبلا أية مماطلة. كيف يتمثّل هذا الخطر؟. يشرح المصدر القضية بالإشارة الى أنّ هذا المنتدى يفتح الباب واسعاً أمام كيان العدو للعبور نحو الاستكشاف والانتاج والبيع، وحتى فرض التسعيرة، وبطريقة منطقية وسلسة وبسيطة مستفيداً من شرعية وقانونية المنتدى، ومساعدة مصر. فهذا المنتدى سيصبح بعد فترة مرجعاً بعد حركة الزبائن العالميين اتجاهه، ليُذكّرنا بـ"أوبيك". وهنا يُرجع المصدر اندفاعة مصر باتجاه المنتدى الى رغبتها بإنشاء تجمع يستفيد من الكميات الهائلة للنفط والغاز الموجودة في حوض المشرق ليُصبح بعد حوالى عقد من الزمن مشابهاً لبحر الشمال. أكثر من ذلك ينقل المصدر معلومات عن جهات نافذة تُفيد أنّ ما بين الدول التي اجتمعت في القاهرة أكثر من منتدى، فهناك ما يُشبه الاتفاقية السياسية بين كل من مصر، اليونان، إيطاليا، قبرص، السلطة الفلسطينية، الأردن، وكيان العدو.. وبرأي المصدر فإن المنتدى يعمل على إعادة إحياء كامب دايفيد بكل معنى الكلمة، فهو بالواقع يضم دولا منتجة ومصدرة ودولا مستهلكة للغاز..
والأخطر من ذلك، وفق المصدر المطلع يكمن في قدرة هذا المنتدى على فرض التسعيرة التي يريدها، فاللاعب الأساس في هذه القضية يصبح كلا من مصر وكيان العدو، لما يملكانه من إنشاءات نفطية تعود لعقود من الزمن. وبالتالي فإنّ أي سعر سيُصار الى فرضه حتماً سيتأثر به لبنان، نظراً لأن كلفة الانتاج في الوطن ستكون أعلى من 50 بالمئة الى مئة بالمئة. ما الحلول إذاً؟.
لاتخاذ جملة من التدابير
فيما يلفت المصدر الى أنّ المنتدى العتيد يضع لبنان أمام خيارين: إما الإنضمام اليه وهي خطوة غير واردة مُطلقاً ولن تكون واردة، لما تُشكّله من تطبيع مع كيان العدو. وإما عدم الدخول في المنتدى مع ما يحمله الغياب من تبعات جرى ذكرها آنفاً. إلا أنّ المصدر يؤكّد أن باستطاعة لبنان تدارك الأمر، واعتبار الخطوة بمثابة إنذار يجب أخذه على محمل الجد والاهتمام من قبل كافة الأطراف السياسيين في البلد، عبر اتخاذ جملة من التدابير تتمثّل بالآتي:
- التسريع في الاستكشاف والتنقيب عبر بلورة استراتيجية وخطة عمل متكاملة للبدء بالتنقيب عن الغاز في البر بموازاة البحر، وبطريقة شفافة ليمتلك لبنان وزنا بموازاة سوريا
- تقوية القدرات اللبنانية في التنقيب والانتاج
- خلق جو من التعاون مع الدولة السورية وإن أمكن مع العراق لإنشاء قوة بمواجهة المنتدى، فسوريا تنتج حوالى 0.2 الف مليار قدم مكعب من الغاز سنوياً
- الذهاب نحو اتفاقات مع مصر وتجديد اتفاقية شراء الغاز عبر الخط العربي التي كانت قائمة سابقاً في عهد الرئيس الراحل رفيق الحريري، وهنا تستطرد المصادر بالإشارة الى ضرورة تحرك لبنان باتجاه مصر، فالسوق اللبناني هو سوق ضخم ومغري بالنسبة لمصر (مليارين الى 4 مليارات دولار سنوياً)، وفي ذلك خطوة قد تقطع الطريق أمام كيان العدو، خصوصاً أنّ القاهرة لطالما وجّهت رسائل ـ بحسب المصادر ـ الى لبنان لفتح باب التعاون بين القاهرة وبيروت من جديد عبر توريد الغاز الى الداخل.
فهل تلتقط الطبقة السياسية في لبنان خطورة الوضع المستجد فتفرض ما يُشبه بحالة طوارئ لإنقاذ ثروتها من الغاز، بعيداً عن التلهي في قشور المحاصصات والمناكفات؟ يسأل مواطن مسوؤل.