معركة أولي البأس

خاص العهد

ماذا وراء استقالة قيادات الصف الأول في
10/04/2020

ماذا وراء استقالة قيادات الصف الأول في "هيئة تحرير الشام"؟

محمد عيد

ضربتان قاسيتان تلقتهما "هيئة تحرير الشام" - "النصرة" سابقًا، باستقالة شخصيتين بارزتين في إدارتيها السياسية والعسكرية وهما بسام صهيوني وأبو مالك التلي الأمر الذي شكل ضربة قاصمة للبنية التنظيمية في هذه الميليشيا الإرهابية التي كانت تنتظر نهاية من نوع آخر على خلفية ما حكي عن وجود مخططات لدمج "الحركات السلفية" فيما بينها الأمر الذي كان سينزع تاج الزعامة عن واحدة من أكثر الحركات الإرهابية تكفيرًا وبطشًا.

لا يبدو أن انشقاق التلي والصهيوني سيكون آخر ما سيحرر في شؤون البيت الداخلي لهذا التنظيم التكفيري، فالمعطيات تقول إن الاستقالات ستتوالى على خلفية ذلك لتشمل الشخصيات الأكثر تطرفًا في الهيئة التي تعاني من انقسام بنيوي في نظرة شرعييها للواقع الحالي وآلية التعاطي من المستجدات السياسية والميدانية وآخرها الانكفاء الكبير للهيئة أمام تقدم الجيش السوري وكيفية التعاطي مع الاتفاق الروسي - التركي الذي يتهددها على مستوى الوجود.

ضربة سياسية

المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية الدكتور حسام شعيب أكد لموقع "العهد" الإخباري أن "استمرار الانشقاقات في "هيئة تحرير الشام" وخصوصًا على مستوى المتشددين يبدو أمرًا حتميًا بالتوازي مع مساعي كل من موسكو وأنقرة لتثبيت وقف إطلاق النار في إدلب شمال غرب سوريا.

ولفت شعيب إلى أن إحجام بسام صهيوني رئيس مجلس الشورى العام في هيئة تحرير الشام المنبثق عن المؤتمر العام الذي عقد في معبر باب الهوى والذي دعا إليه صهيوني بنفسه وما تبعه من تأسيس النسخة الأولى من "حكومة الإنقاذ" المقربة من الهيئة في أيلول من العام 2017 برئاسة محمد الشيخ  لم ينجح في تغييب الأسباب الحقيقية وراء هذه الاستقالة والمتمثلة بحالة اليأس التي انتابت صهيوني على خلفية تنصل "حكومة الإنقاذ" من التزاماتها السابقة باعتبار المجلس هو الجهة التشريعية الرسمية في هذه الحكومة.

المتخصص في الشؤون الإسلامية كشف كذلك جانبا من أسباب هذه الاستقالة وهو الجانب المتعلق بالخلافات بينه وبين قيادة الهيئة حول مستقبل ما يسمى بالإدارة المدنية في إدلب ومحاولة قيادة الهيئة عرقلة مساعي توحيد "الحكومتين المعارضتين" شمال غربي سوريا، أي رغبتها في فصل إدلب عن مناطق سيطرة ميليشيا الجيش الوطني في ريف حلب، فضلًا عن استيائه من بقاء المجالس والهيئات السياسية والمجالس التشريعية المفترضة في حالة من الركود التام وعدم القدرة على التأثير في القرار داخل إدلب مع هيمنة القيادة العسكرية للهيئة على كل شيء وتعيين الموالين لها وخصوصًا في أعضاء "مجلس الشورى" و"الإنقاذ" بشكل يتوافق مع مصالحها.

انشقاق في القيادة العسكرية

الانشقاق الأخطر في "هيئة تحرير الشام" كان لأحد أبرز القادة العسكريين وعضو مجلس الشورى جمال زينية الملقب بـ "أبو مالك التلي" والذي وخلافا لصهيوني لم يتردد في توضيح أسباب استقالته بشكل مفصل في بيانه على أنستغرام بالقول: "عزمت مفارقة هيئة تحرير الشام وذلك بسبب جهلي وعدم علمي ببعض سياسات الجماعة أو عدم قناعتي بها".

وساق التلي سببا "ظاهريا" للاستقالة يتعلق باعتراضه الأخير على قرار "حكومة الإنقاذ" المرتبط بتعليق صلاة الجمعة في إدلب بحجة منع انتشار فيروس كورونا ، وقال: "الأمة الإسلامية ابتليت بتعطيل الجمعة بحجة منع انتشار الوباء".

ويرى الدكتور شعيب أن هناك الكثير من المؤيدين للتلي في "تحرير الشام" وأغلبهم من أعضاء كتيبته التي قدمت معه من القلمون فضلا عن مجموعات أخرى من غوطة دمشق ترتبط به. ولم يخفِ هؤلاء يومًا رغبتهم في إزاحة أبو محمد الجولاني عن زعامة الهيئة وتعيين أبو مالك التلي مكانه. وبحسب شعيب، فإنه "في الوقت الذي بدا فيه أن الجولاني قد تخلص من واحد من أكبر خصومه في الهيئة فإن عقبى ذلك قد تكون كارثية بالنظر إلى ما قد يعقب استقالة التلي من استقالات لشخصيات متشددة تبايعه على الولاء وترى رأيه في النظر إلى الجوانب السياسية والميدانية المتعلقة بقضايا الساعة في إدلب سيما وأنه شارك وبشكل واسع في المعارك الأخيرة التي حاول فيها عبثا منع تقدم الجيش السوري في إدلب ولا يزال حتى اللحظة معترضا على التهدئة ورافضا للاتفاق الروسي - التركي".

ويعتبر أبو مالك التلي من أكثر القادة المتشددين لـ"هيئة تحرير الشام" وكان يشغل منصب أمير جبهة "النصرة" في منطقة القلمون الغربي قبل أن يتلقى هزيمة ساحقة على يد رجال المقاومة الاسلامية ويذعن للتفاوض الذي قضى بانتقاله مع عناصره إلى إدلب في الباصات الخضراء للحكومة السورية.

جبهة النصرة

إقرأ المزيد في: خاص العهد