خاص العهد
أداء وسائل الاعلام الى النقاش برلمانياً..للحفاظ على السلم الأهلي
فاطمة سلامة
يقضي طلاب كلية الإعلام الكثير من وقتهم في دراسة أخلاقيات ومبادئ العمل الصحفي والإعلامي. المسؤولية تقع على رأس تلك المبادئ. هذا المصطلح ليس مجرّد كلمة تُلفظ أو تقال، بل مصطلح يحمل ما يحمله من التزامات وضوابط وشروط ينبغي أن تتوفّر في أي صحفي وإعلامي يُمارس مهنة الإعلام. تلك المهنة لم تعد سُلطة رابعة كما أطلق عليها في يوم من الأيام، بل باتت -إن لم نقل السلطة الأولى- باتت في مقدّمة مؤسسات "الحل والربط" في المجتمع نظراً لقدرتها الكبيرة على تشكيل وتكوين اتجاهات الرأي العام. ومن هنا، تبرز أمام الإعلام مسؤولية كبيرة يستمدها من هالة القوة والتأثير التي يمتلكها والكفيلة بتحويل أي حدث عابر الى حديث الساعة. تماماً كما أنها كفيلة بتحجيم أي قضية تبعاً لأسلوب المقاربة والمعالجة الذي تتّبعه.
ولا شك أنّ دور الإعلام اللبناني يبرز وبشكل كبير في الأزمات الوطنية. الأخيرة تُلقي على وسائل الإعلام عبء ومسؤولية تقديم السلم الأهلي على ما عداه من أهداف. الصحفي المسؤول والملتزم هو الذي يُغلّب مصلحة الوطن على ما عداه، لا ذاك الذي يلهث وراء سبق صحفي هنا أو هناك. اعتبار السبق الصحفي يسقط عند اعتبارات الفتنة الداخلية. الأجندة الوطنية يجب أن تطغى على ترتيب أولويات أي صحفي وأي مؤسسة. هدف "الريتينغ" يجب أن يتحوّل الى هدف أسمى يتمثّل بتجنيب لبنان شرارات أي كلمة تُغرّد خارج سرب الوحدة الوطنية، والتي قد تذهب بالوطن الى المجهول. تماماً كما حدث يوم السبت الماضي، حيث كاد الأداء المريب لبعض وسائل الإعلام أن يقودنا الى فتنة مذهبية طائفية عمياء، وكل ذلك لأهداف مشبوهة لا تمت الى الوطنية بصلة. هذا الواقع دفع الى تحديد جلسة للجنة الاعلام والاتصالات البرلمانية للنقاش في أداء المؤسسات الإعلامية. فما أهمية هذه الجلسة للمساهمة بوضع حد للممارسات الاعلامية المريبة؟ وما دور وزارة الإعلام والمجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع في لجم الأداء المريب لبعض الإعلام اللبناني؟.
الحاج حسن: ليس من وظيفة الإعلام نقل الحقيقة عندما تسهم في خلق مناخات سلبية
في حديث لموقع "العهد" الإخباري، يُشدّد رئيس لجنة الاعلام والاتصالات النائب الدكتور حسين الحاج حسن على أهمية جلسة الغد النيابية، والتي ستناقش أداء المؤسسات الإعلامية وخصوصاً في هذه الفترة، بحضور وزيرة الاعلام الدكتورة منال عبد الصمد. برأيه فإنّ الإعلام من المفترض أن يكون أحد أهم المساهمين والشركاء في تعزيز الوحدة الوطنية، ويجب أن يلعب هذا الدور. هل يتحوّل الإعلام الى سلاح لزرع الفتنة وإحداث الحرب الأهلية؟ يجيب الحاج حسن عن هذا السؤال بالتأكيد أنّ الإعلام وعندما لا يلعب دوره في تعزيز الوحدة، يصبح بطبيعة الحال مساهماً في إذكاء الفتنة ونار الحرب الأهلية. يُشبّه رئيس لجنة الاعلام والاتصالات الاعلام كالسياسيين ورجال الدين والمثقفين، جميعهم شركاء بتعزيز مناخ الوحدة الوطنية.
ورداً على سؤال حول: أين تنتهي وظيفة الاعلام؟ يؤكّد الحاج حسن أن وظيفة الإعلام هي نقل الحقيقة، وعندما تساهم هذه الحقيقة -ولو كانت مرة- في خلق مناخات سلبية، برأيي فإن الاعلام ليس من وظيفته نقل هذه الحقيقة.
وحول الأجواء المصاحبة لجلسة الغد، يُشدد الحاج حسن على أنّ وظيفة اللجان النيابية أن تشرّع وتراقب وتحاسب وتصدر توصيات، ووظيفة السلطة التنفيذية اتخاذ القرارت. وفي هذا الصدد، يُرجّح الحاج حسن أن يتم التوافق يوم غد على توصيات ورؤية مشتركة بيننا كلجنة نيابية وبين وزيرة الاعلام، وزارة الاعلام، المجلس الوطني للإعلام، ووسائل الاعلام. يُشدّد الحاج حسن على أننا نعمل في جو من الشراكة داخل اللجنة، وجميعنا شركاء ولا وجود لمنطق جبهة ضد جبهة أخرى. لسنا ضد أي جهة أخرى بل نعمل في مناخ من الشراكة الوطنية لتعزيز الوحدة الوطنية.
وفي الختام، يُكرّر الحاج حسن كلامه لجهة أن الجميع من طبقة سياسية، رجال دين، وسائل اعلام، مثقفين، الجميع شركاء في تعزيز الوحدة الوطنية. ويرفض تحميل مسؤولية ما حدث فقط الى الاعلام. الأخير أحد الشركاء الى جانب رجال الدين، السياسة، المثقفين، وحتى المدونين على وسائل التواصل الاجتماعي.
محفوظ: القانون ينص على وقف أي بث مباشر يلحق الضرر بأمن المجتمع
رئيس المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع الأستاذ عبد الهادي محفوظ يُشدّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري أن المشكلة الأساسية في الأداء الإعلامي تكمن في البث المباشر.هنا تكون مسؤولية المؤسسات المرئية والمسموعة والالكترونية كبيرة، فالقانون ينص في مثل هذه الحالات على ضرورة الانتباه ووقف أي بث مشابه كونه يلحق الضرر بأمن المجتمع ووحدته.من وجهة نظره، أعطيت المؤسسات المرئية والمسموعة التراخيص على أساس الالتزام بموضوعية وصحة الخبر ودقة المعلومة، والابتعاد عن الاشاعة والترويج لها وهو الأمر الذي قد يهدد أمن المجتمع والدولة. ويؤكّد محفوظ أنّ المشكلة الحقيقة تكمن في استمرار المؤسسات الاعلامية والمواقع الالكترونية في تعميم الخبر حتى بعد معرفة ما يمثله من خطورة.
ننجز تقريراً حول أداء المؤسسات الإعلامية السبت الماضي
ويتطرّق محفوظ الى جلسة الغد، موضحاً أنّ المجلس الوطني ينكب على إنجاز تقرير حول أداء المؤسسات الاعلامية يوم السبت الماضي، وسيتقدّم به بالتعاون مع وزيرة الاعلام الى لجنة الاعلام والاتصالات لأنّ المطلوب -وفق قناعاته- تطبيق القانون وليس العكس. يفترض تطبيق القانون على المؤسسات المخالفة أياً كانت هذه المؤسسات. وهنا يوضح محفوظ أن التقرير يعمل على تقصي ما اذا كانت بعض المواقع الالكترونية أو مواقع التواصل الاجتماعي قد عمّمت الأخبار التي تؤدي الى التحريض الطائفي يوم السبت، فاذا ثبت فعلاً هذا الأمر، سيحيل المجلس الوطني هذه القضية الى جرائم المعلوماتية. ويُشير محفوظ الى أنّه تم الاتفاق بين المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع ووزارة الاعلام على تقديم تقرير الى السلطتين التنفيذية والقضائية، متمنياً أن يكون هناك توجه واحد عند أهل السلطة.
الحرية الاعلامية ليست الفوضى
وفيما يؤكد محفوط أنّ المجلس الوطني مستعد لتحمل كافة الانتقادات تحت عنوان ما يتسلح به البعض من الحرية الإعلامية، يُشدّد على أنّ الحرية الاعلامية لا تعني الفوضى، وأنا أؤيد الحرية الاعلامية، لكنها ليست القدح والذم والتشهير والتحريض الطائفي، وليست الفتنة وليست الاستجابة الى رغبات دولية وخصوصاً أنّه تبين لنا من المتابعة -يقول محفوظ- أن طرح شعار سلاح حزب الله ليس القصد منه مصلحة الدولة أو الاستراتيجية الدفاعية، بل القصد منه المزيد من التخريب في الوضع الداخلي لأن هذا السلاح يحتاجه لبنان، طالما أنّ "اسرائيل" لا تزال تخرق أجواءنا، وطالما أن القرارات الدولية لا تطبقها "اسرائيل"، ولم تلتزم بها، لا بل تضع يدها على مزارع شبعا وتنفّذ قرارات الضم.
يستغل محفوظ الفرصة للحديث عن سلاح المقاومة طالما أنّ بعض الاعلام يسعى الى استهدافه. يؤمن أنّ هذا السلاح يخدم لبنان حالياً، والمطلوب التوافق الداخلي وليس الاستجابة الى الدعوات المغرضة التي قد يكون هدفها إعادة النظر بخريطة لبنان وانشاء أنظمة كانتونات. يسأل: أين هي المصلحة اللبنانية من هذا الأمر؟. برأيه، فإنّ هذا السؤال يجب أن يطرح من قبل جميع اللبنانيين. وينبغي التشديد على المشترك بين اللبنانيين وخصوصا فيما يتعلق بالفساد. حزب الله يقف وراء كل من يتحرك في هذا الاتجاه ويلتقي معه، وبالتالي فإنّ تحويل الانتباه عن المطالب الاجتماعية والاقتصادية ومواجهة الفساد -وهي مطالب يلتقي عليها كل لبناني- باتجاه أمر آخر يؤدي الى انقسامات داخلية هو أمر غير مطلوب ومرفوض.
ينبغي أن يكون دور الإعلام بنّاء
يُبدي محفوظ خوفه من إحداث حرب أهلية، فالامام المغيّب السيد موسى الصدر كان يعتبر الفتنة الداخلية أشد خطراً علينا من "اسرائيل". وفق محفوظ، فإنّ اللبنانيين في الفتنة الداخلية يقتتلون ويصطفون وراء مخاوف طائفية، أما في الحرب مع اسرائيل" فيتوحد اللبنانيون كما تعودنا. وهنا ينبغي أن يكون دور الإعلام بنّاء، وأن يلجم مثل هذه الاتجاهات الخاطئة وأن يقف وراء وحدة البلد وتعزيز المشترك والمطالب المحقة للناس. وظيفة الاعلام يجب أن تكون بناءة لا سلبية كما تبين لنا، يقول محفوط الذي لا ينكر أن بعض المراسلين أبعدوا أنفسهم عن تغطية الأمور الخاطئة، وهذا يجب أن نشجع عليه وأن نضيء على تلك الممارسات الايجابية. أما عندما يحوّل الاعلام المطالب الاجتماعية الى مطالب أخرى تؤدي الى انقسام اللبنانيين هنا ينبغي النظر بعين الشك الى الكثير من المسائل لحماية لبنان وتحصينه من التدخلات الخارجية المسيئة لوحدته ولدوره في المنطقة.
نأمل أن يكون هناك توجه واحد لدى السلطة السياسية
وفي الختام، يوضح محفوظ أنّنا نعمل على تشخيص الحالة والوضع، ونأمل أن يكون هناك توجه واحد لدى السلطة السياسية لمواجهة هذا الأمر. برأيه، هناك مؤشرات إيجابية لأننا نعمل على قاعدة التعاون الوثيق بين وزارة الاعلام والمجلس، فالخطر يتهدد أمن المجتمع ووحدة اللبنانيين ومن الممكن أن يعيدنا الى حافة 1975 وما شابه من حرب أهلية لم تنته تداعياتها بعد.
فهل يتوحّد قرار القوى السياسية ويُرفع الغطاء عن كافة المؤسسات الإعلامية العابثة بأمن الوطن تمهيداً لمحاسبتها ووضعها أمام مسؤولياتها؟ أم أنّ قوى سياسية مستفيدة من هذا الواقع ستستمر في دعمها وتحريضها لهذه المؤسسات لتزكية نار الفتنة الداخلية؟ يسأل متابعون.