خاص العهد
بالوثائق: رسائل صينية للحكومة اللبنانية وعروضات..استعداد للتعاون بمشاريع تصل الى حد الـ50 مليار دولار
فاطمة سلامة
ثمّة شيء لا يُمكن فهمه أو تفهمه مُطلقاً لجهة كل هذا الاستخفاف و"برودة الأعصاب" التي يتم التعاطي بها مع عروضات الشرق لمعالجة الأزمة الاقتصادية. لماذا كل هذا "التطنيش" عن خيار مفيد يُنقذ لبنان في هذا الظرف الاستثنائي وغير المسبوق؟. هل هو خوف أم جُبن أم تردد أم مداراة لخاطر قوى خارجية أم ماذا؟. يبدو أنّ المسألة باتت تحتاج الى تبسيط، فلنفكّر سوياً على صوت عال. لبنان بلد مُنهك اقتصادياً ويقف عند حافة الانهيار إن لم نقل في صلبه، وفي المقابل، لا تزال العروضات التي تأتينا من الشرق سارية المفعول لا بل تتجدّد. فما الذي يمنع لبنان من التوجه الى هذا الخيار المفيد؟. طبعاً، لم يعد سراً على أحد أنّ هناك ضوءا أحمر أميركياً يمنع عن لبنان أي حل. المطلوب حصاره وتجويعه، وهو الأمر الذي أشار اليه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله.
الوضع في لبنان يزداد سوءاً، وما على القوى السياسية سوى النظر بعين العقل الى ما فعلته وتفعله أميركا لنا. إجراء مراجعة شاملة لتاريخ التدخل الأميركي في لبنان بشتى الميادين، وخصوصاً السياسية والاقتصادية منها يُحتّم علينا ليس فقط تجاهل واشنطن والتوجه بخطوات ثابتة نحو الحل، لا بل الصراخ في وجه مندوبيها والقول "لا". على بساط أحمدي، لبنان شبه ميّت اقتصاديا ومالياً ونقدياً. وطالما أنه ميّت ميّت فإن تحدي أميركا لن يحرم لبنان شيئاً، بل على العكس تحدي أميركا يعني قطع ذلك الطوق المحكم على عنق لبنان وتنفس الصعداء للبدء بمرحلة جديدة من تاريخ لبنان. مرحلة يزول فيها الاحتلال والاستعمار الأميركي عن لبنان في كل شيء. وعليه، كل ما هو مطلوب من الحكومة اللبنانية أن تقول "ok" لعروضات الشرق وتحديداً الصينية منها. بكين أبدت استعداها للتعاون في البنية التحتية والمجالات الأخرى في لبنان، فماذا يقول وكيل الشركات الصينية في لبنان الأستاذ سركيس شلهوب عن هذه القضية؟. وما أبرز العروض التي تلقتها الحكومة اللبنانية في هذا الصدد؟.
كلام السيد نصر الله حرّك الملف من جديد
ما إن نسأل الأستاذ شلهوب عن العروضات الصينية، حتى يُخرج من جعبته كل ما يتعلّق بالملف. يتوسّع في الحديث عن المشاريع الصينية الجدية التي لم تلق آذاناً صاغية في لبنان. يستغرب كل هذا "التطنيش" رغم العروضات المقدّمة على طبق من ذهب. الحديث مع شلهوب يُبرز حجم التردد الذي يتحكّم بالدولة اللبنانية. يبدأ شلهوب بسرد قصّة العروضات الصينية القديمة-الجديدة، فهي بطبيعة الحال ليست حديثة العهد؛ منذ سنوات يبادر الصينيون للتعاون مع لبنان. لكنّ شلهوب يوضح في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ الحراك الجديد في هذه القضية بدأ فعلياً بعد إطلالة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله منذ فترة والتي دعا خلالها للتوجه شرقاً نحو الصين. حينها، أعدنا تفعيل هذه القضية، فالشركات الصينية مستعدة لاستثمار مشاريع في لبنان تصل الى حد الـ50 مليار دولار، وهي لا مشكلة لديها أو "فيتو" على أي مشروع يطلبه أو يحتاجه لبنان.
رسالة وجّهت في آذار لرئيس الحكومة
منذ شهر سلّمت رئيس الحكومة كُتب العروضات الصينية
منذ حوالى الشهر، يقول شلهوب، أحضرت شخصياً كُتب العروضات الصينية الموجّهة باسم رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب، وطلبت موعداً رسميا للقائه وسلمته إياها. المشكلة برأي شلهوب تكمن في الجانب اللبناني الذي على الدوام يتلقى الرسائل لكنّه يُبقيها بلا رد، الأمر الذي يضرب مصداقية لبنان مع الصين. ويوضح شلهوب أنّه وخلال لقائه برئيس الحكومة -وهو على الصعيد الشخصي كان متجاوبا جداً- عرضت عليه جملة مشاريع من ضمنها:
مشروع سكّة حديد
-تنفيذ مشروع سكّة حديد تربط طرابلس بخلدة، وفي الخطة الثانية تصل الى الناقورة. وهنا يوضح شلهوب أننا وضعنا بيد رئيس الحكومة رسالة من بنك (Of china) بقيمة مليار دولار، يبدي استعداده لتمويل هذا المشروع. يوم غد الجمعة هناك موعد سيجمعني مع وزير الأشغال ميشال نجار لمناقشته في هذا الأمر، على أمل ان يكون هناك تجاوب جدي وسريع. أكثر من ذلك، يلفت المتحدّث الى أنه ولكي نُكمل هذا المشروع ويصل في الخطة الثانية الى الناقورة يجب أن تُنجز العديد من الخرائط والدراسات التنفيذية التي تتطلب 6 ملايين دولار، وقد قدّمت الصين استعدادها لدفع هذا المبلغ في حال كانت الدولة لا تملك، على أن تنفّذ الصين المشروع بقيمة تتراوح بين ثلاثة وأربعة مليارات دولار.
تنفيذ خطة الكهرباء من ألفها الى يائها
-مشروع لتنفيذ خطة الكهرباء على طريقة الـbot من ألفها الى يائها. المطلوب من الدولة فقط اختيار أي خطة تريدها والصين مستعدة لتنفيذ كافة المشاريع المتعلّقة بها. وفق شلهوب فإنّ تنفيذ خطة الكهرباء يحتاج ما بين مليار دولار الى مليار و300 مليون دولار، وكل هذه الأرقام وأكثر منها تبدي الصين استعدادها لتمويلها. فالشركات الصينية التابعة للدولة الصينية تتعهّد بتمويل وإنجاز كافة المشاريع، وهي تحتاج ما يقارب الـ28 شهراً للانتهاء من تنفيذ مشروع خطة الكهرباء في لبنان. وفي هذه النقطة يتوسّع شلهوب الشاهد على الكثير من النقاشات والمباحثات التي جرت سابقاً. الصين عرضت على لبنان أنه وفي حال لا يريد "توربينات" صينية لتوليد الطاقة، -مع أنها توفر في كل محطة 100 مليون دولار وهذه التوربينات مكفولة-، تستعد الصين لتأمين "التوربينات" من شركة "سيمنز" الألمانية، أو "جنرال الكتريك" انطلاقاً من الاتفاقيات التي تعقدها مع هذه الشركات. لكن المشكلة في موضوع الطاقة الكهربائية -يوضح شلهوب- تكمن في أن لبنان تارةً يبدي استعداده للتعاون مع شركات معينة، وتارةً يتذرع بأنه لا يملك الأموال للتمويل. وفق شلهوب، فإنّ الصين لا تطالب الدولة اللبنانية بالدفع اليوم. وهنا يبدي شلهوب استغرابه كيف أن لبنان يتوجّه في بعض المشاريع الى شركات غربية ويرفض عروضا من الصين، في الوقت الذي رفضت فيه "سيمنز" تمويل لبنان مشددة على ضرورة دفع "اليوروبوند" أولاً. تماماً كما رفضت شركة "جنرال الكتريك" هذا الأمر.
رسالة لرئيس الحكومة في أيار
رسالة لوزير الطاقة في أيار
رسائل جديدة وجّهت اليوم الخميس لدياب ونجار
ويتطرّق المتحدّث الى نفق شتورا-بيروت الذي أقر في مجلس النواب. هذا النفق تبدي الصين كل استعداد لتمويله على طريقة الـbot وبمليارات الدولارات. ويكشف شلهوب أنّ الشركات الصينية أرسلت اليوم الخميس كتباً رسمية جديدة لكل من رئيس الحكومة ووزير الأشغال تختص باهتمام الصين لتنفيذ مشروع نفق شتورا-بيروت، بعدما كانت قد أخذت موافقة مبدئية. وتعرب عن استعدادها للتعاون في مشاريع بنى تحتية وطاقة وغيرها.
رسالة وجّهت اليوم الخميس (18 حزيران) لرئيس الحكومة
رسالة وجّهت اليوم الخميس (18 حزيران) لوزير الأشغال
وبلغة الواثق من النوايا الصينية، يشدّد شلهوب على أنه وفي حال لم تمول الصين المشاريع في لبنان، لا أحد سيُموّل ولا أحد سيتعاون. يكرّر مشكلة الدولة اللبنانية في التردد، تارة نريد أن نتعاون وتارة لا. أحد الوزراء -يقول شلهوب-طلب في البداية التعاون مع الصين، وأرسل مكتوباً لها فجاوبته على وجه السرعة، ليقول بعدها انه يريد تنفيذ قرار مجلس الوزراء الذي يحصر التجاوب مع شركات معينة.
لدى الصين تعهدات في 63 دولة حول العالم
تبدي الصين استعداها لتنفيذ أي مشروع يحتاجه لبنان. هناك مشاريع تنموية وبيئية، فلتدعُ الدولة الى مناقصة على غرار الدول. وضعنا وفق شلهوب "تحت الارض" وصندوق النقد لن يعطينا دولارا واحدا وفي حال أعطانا سيعطينا من الجمل اذنه. فكيف لنا أن نرفض عروضات تأتينا من دولة غنية كالصين؟!. ويُشدد شلهوب على أن الصين هي أكبر بلد مصنع في العالم، ففي ايران يوجد أكبر محرقة في العالم تتعهدها شركة "سيمنز" وتنفذها الصين من كوادر تدريبية الى معدات وغيره. وهنا يكشف شلهوب أننا نعمل على تسهيل قدوم وفد رسمي كبير الى لبنان، لكن للأسف لا يوجد حتى اللحظة اهتمام جدي لفتح الباب. لماذا؟ وفق قناعات شلهوب لأن هناك جهات مستفيدة من عدم وجود كهرباء في لبنان. هل المخاوف من أميركا؟ صدقاً لا أعلم يقول شلهوب، الذي يوضح أن الصين تعمل في السعودية ودبي وغيرها من المناطق، ولديها تعهدات في 63 دولة حول العالم.
وفي الختام، يقول شلهوب إن الوفد الصيني مستعد للإتيان الى لبنان عبر طائرة خاصة مع مكتوب من البنك لتمويل المشاريع في لبنان لمجرد أخذ كلمة الـ"ok" من الحكومة اللبنانية.