سرايا المقاومة: مستعدّون للدفاع عن لبنان

لطيفة الحسيني

قبل التحرير بسنواتٍ ثلاث، عزمت ثلّة من الوطنيين على حشد هِمَمها لرفد المقاومة الاسلامية. ملحمة جبل الرفيع ألهبت مشاعر الحماسة والجرأة على مقارعة المعتدي حتى طرده. بعد 40 يومًا من شهادة السيد هادي نصر الله وُلدت السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال. سيلٌ المعارك انطلق، مواجهةٌ تلو أخرى، كتفًا بكتف الى جانب مجاهدي حزب الله.

عام 2000 اندحر الاحتلال في أطول حرب خاضها كما قال ضباطه. راكم عناصر السرايا خبراتهم، واصلوا مناوراتهم وتدريباتهم. دافعوا عن المقاومة داخليًا، ساندوها في عدوان تموز 2006 وفي معاركها ضدّ التكفيريين.

إخلاصٌ وثبات على الموقف طيلة 23 عامًا، تُرجم احتضانًا كاملًا من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، ولا سيّما عندما التقى بألف كادر منهم قبل أكثر من سنتين.

اليوم تستعدّ السرايا للمشاركة في الدفاع عن لبنان في أيّة حرب قد تقع مستقبلًا. قائدها يتوعّدهم بقوّة. بتقديره، مقاتلو هذا التشكيل العسكري سيؤلمون الأعداء في المعركة الموعودة، وإمكانياتهم تخوّلهم تحقيق ذلك.

 

 

موقع "العهد الإخباري" أجرى مقابلة مع مسؤول السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال بمناسبة الذكرى الرابعة عشرة لعدوان تموز 2006 وهزيمة العدو، وكان هذا الحديث:

* ما هي ظروف تأسيس سرايا المقاومة؟

عام 1997 تهافتت الاتصالات على قيادة المقاومة عقب استشهاد السيد هادي حسن نصر الله في عملية جبل الرفيع في الإقليم وبروز حافزية كبرى لدى الشباب اللبناني من أجل الانخراط في صفوف المقاومين، فأعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في الذكرى الأربعين لشهادته إنشاء تشكيل عسكري لمقاومة الاحتلال تحت عنوان: السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الاسرائيلي.

على ضوء ذلك، ارتفعت نسبة طالبي الانضواء تحت راية هذا التشكيل. قيادة المقاومة اجتمعت وأقرّت هذا الإطار، وبالفعل بدأ تدريب مجموعات من الشباب اللبناني على مساحة الوطن ضمن آليات وضوابط خاصة منعًا لحصول أيّة اختراقات، خصوصًا أن هاجس المقاومة كان الضبط الأمني لأداء رجالها ضمن عمل سرّي ومتخفٍّ من أجل نجاح عمليّاتها.

 

بعد أربعة أشهر من إعلان تأسيسها، شاركت السرايا في عدد من العمليات العسكرية بوجه الاحتلال، أي منذ سنة 1997، واستمرّت على هذا المنوال حتى تحرير الجنوب اللبناني، فهاجمت المواقع الاسرائيلية بتشكيلات كاملة وبإشراف المقاومة.

في تلك المرحلة، لمسنا تعاطفًا كبيرًا من عموم الشعب اللبناني، وهو ما ترجم عبر الأعداد الهائلة التي بادرت للانضمام الى صفوف السرايا، وقد عمل جهاز المقاومة على استيعابها وتأهليها في دورات تدريبية كانت تدوم أشهرًا لتخريج كوادر قتالية تستطيع أن تُشارك وتصنع النصر. بالفعل كان لسرايا المقاومة شرف هذه المشاركة كتفًا بكتف الى جانب المقاومة الاسلامية من أجل تحرير الجنوب.

 

 

*ما هي أبرز المعارك التي خاضتها السرايا؟

شنّت السرايا هجومات كثيرة على مواقع العدو في الجنوب، كمواقع حداثا والطيري وجزين. تنوّعت عملياتها من قصف مدفعي الى اقتحام مواقع اسرائيلية،  بالإضافة الى عمليات مشتركة مع المقاومة الاسلامية، تضمّنت تبادلًا للأدوار. وقد وصل عدد عمليّاتها الى 200 عملية على اختلاف أنواعها.

*ماذا عن المُنتسبين الى سرايا المقاومة؟ هل نستطيع الحديث عن أرقام؟

الآن، تضمّ سرايا المقاومة الآلاف من الشباب اللبناني المتحمّس للدفاع عن وطنه وتحرير ما تبقى من ترابه.

 

 

*هل نستطيع القول إن جهوزية سرايا المقاومة عالية سلاحًا وعتادًا؟

عناصر السرايا يخضعون لتدريبات ودورات عسكرية عديدة وبأعداد كبيرة. خلال الهجمة التكفيرية على لبنان، شاركت مجموعات منها في العمليات التي حصلت عند السلسلة الشرقية، وكان لها مواقع قتالية خاصّة، ومرابض مدفعية ضدّ الإرهابيين عند الحدود مع سوريا.
 
لسرايا المقاومة تجهيزات كاملة تخوّلها تنفيذ أيّة مهمّة تكلّف بها ضمن آليات الدفاع التي وضعتها قيادة المقاومة في أيّة حرب مقبلة.

 

 

*ميزة سرايا المقاومة أنها تضمّ عناصر من مختلف الطوائف، هل يُفرض على هؤلاء الالتزام بضوابط دينية كتلك المتّبعة في المقاومة الاسلامية؟

في المبدأ، كانت فكرة إطلاق هذا التشكيل هي استيعاب من يرغب من الشباب اللبناني في مشاركة حزب الله في مقاومة الاحتلال دون الالتزام بالمبادئ الفكرية والعقائدية للحزب، بل الاجتماع على مبادئ وطنية وقيمية مشتركة يلتفّ حولها عموم اللبنانيين المُخلصين لقضية الدفاع عن بلدهم ورفع الظلم ومحاربة الاحتلال.

لا يهمّ ما هي معتقداتهم الدينية الخاصة، فالقضية الجامعة تؤدي الى نوع من التضامن واللُحمة بين أفراد السرايا. لدينا أفراد ملتزمون بمذاهبهم ويمارسون طقوسهم بكلّ حرية، ونعمل على توفير الجوّ الملائم لذلك، فالهدف المقاومة وفقط بعيدًا عن أية خلفيات دينية أو طائفية أو مذهبية، وينظرون الى السيد نصر الله على أنه القدوة وينتظرون توجيهاته دائمًا.

وبالمناسبة، اجتمع الأمين العام لحزب الله شخصيًا بسرايا المقاومة قبل أكثر من سنتين، وبمسؤولي المجموعات والفصائل الذين قارب عددهم الألف. اللقاء حينها كان مُميّزًا، شعر كلّ أفراد السرايا بأبوّة سماحته وتبنّيه الكامل لهم. في ذلك اليوم خاطبهم السيد نصر الله قائلًا" أنتم يا أبنائي.. كلّ فرد فيكم هو هادي حسن نصر الله"، فكان لقاءً مجبولًا بالدموع والعاطفة ومشاعر المحبّة.
بدت هذه المجموعات تمامًا كمجموعات المقاومة الاسلامية.. متشابهة الى حدّ بعيد بأدبيّاتها وأخلاقيّاتها، حتى أمست أحد عوامل قوّة لبنان.

 

 

*بعد تحرير العام 2000 وحرب تموز 2006 ودحر الإرهاب التكفيري عام 2017، هل يُمكن القول إن مهمّة سرايا المقاومة انحصرت بالساحة الداخلية كما يتّهمها البعض؟

كما يتعرّض حزب الله لهجمة محلية وإقليمية وعالمية، تتعرّض السرايا لحملة مُماثلة. هي حربٌ نفسية.. شبابها هم من النسيج اللبناني المعروف، ولذلك يتمّ الإشارة إليهم دائمًا بسبب المشاكل الداخلية، بغرض تشويه صورتهم وضرب روحية المقاوم اللبناني.

شباب السرايا ينتشرون عند الحدود اللبنانية مع فلسطين، ولهم معسكراتهم ونقاطهم. ويعملون على مؤازرة المجتمع اللبناني، وقد عملوا مؤخرًا على توزيع مساعدات غذائية وتموينية وتعقيمية في مختلف المناطق من عكار الى العرقوب ومن الناقورة الى رأس بعلبك والقاع في ظلّ جائحة "كورونا" دون تفريقٍ بين المناصر والخصم.

 

 

* البعض يسأل كيف ينتسب أيّ لبناني الى السرايا؟

هناك آليات طبعًا. يستطيع أيّ مواطن التواصل مع مسؤولي المناطق حيثما كانوا. هناك بعض الاجراءات التي تُتّخذ على صعيد الضبط والتنظيم، ثمّ يخضع لفترة اختبار، وينتقل بعدها الى مرحلة الإعداد. المهمّ أن يؤمن من يودّ الانخراط في السرايا بأهداف المقاومة وأن يكون قادرًا على القيام بالواجبات المطلوبة منه ضمن عمل المقاومة وملتزمًا بمشروعها الوطني والتحرير، وأن يكون صاحب سُمعة طيّبة ولا ينتمي الى أيّ إطار حزبي آخر.

 

 

* هل يتقاضى المنتسبون لسرايا المقاومة رواتب؟  

ليس لدينا متفرّغون ولا من يتقاضى رواتب في هذا التشكيل ويتمّ التعاطي معهم كما يجري التعامل مع أفراد التعبئة العام لحزب الله حيث نقوم بتقديم بعض المساعدات الاجتماعية أو التسهيلات الصحية لبعض الإخوة الذي يمرّون أحيانًا بظروف اجتماعية حرجة، ونحاول الوقوف الى جانبهم في الأيّام الصعبة بحسب الإمكان.

أمّا على صعيد شهداء السرايا البالغ عددهم 6 شهداء، فيتمّ تبني عوائلهم بشكل كامل.

*برأيكم كيف ينظر الصهاينة الى تشكيل سرايا المقاومة؟

العدوّ يُتابعنا ويأخذ بعين الاعتبار قدرة المقاومة وحركتها في البيئات الأخرى، الأمر الذي يُشكّل مصدر قلق ملموس لديه.

حرب تموز 2006#زمن_النصر

إقرأ المزيد في: خاص العهد