خاص العهد
سد بسري..مشروع حائز على الثقة ومعارضته استعراض سياسي لا أكثر
فاطمة سلامة
ليس من قبيل الصدفة حكماً أن تنقلب جهات سياسية على مشروع سد بسري الحيوي لعرقلة إنجازه. أسئلة كثيرة تُثار حول التبديل الحاصل في أجندة البعض والتي لا تخرج عن الأهداف السياسية البحتة. مراجعة سريعة للواقع القانوني الذي رافق البدء بمشروع السد ومعه مشروع جر مياه نهر الأولي الى بيروت يُبيّن بما لا يقبل الشك أنّ أهداف البعض من وراء العرقلة ليست مبنية على أسس منطقية وهندسية وبيئية وما الى هنالك من ذرائع. أهداف قطع الطريق على مشروع سد بسري سياسية بحتة. إطلالة سريعة على محاضر المجلس النيابي تُبيّن أنّ فئات سياسية وقّعت على المشروع وأعطته الشرعية القانونية، وها هي اليوم تقف في الصف الأول في المعارضة. ولمن لا يعلم، فإنّ مشروع سد بسري جاء من ضمن منظومة تزويد بيروت وجبل لبنان بالمياه. هذه المنظومة تشمل مشروعين: الأول جرّ مياه نهر الأوّلي، والثاني هو سدّ بسري.
ولا يخفى على المتتبّع لمسار المشروعين تاريخياً أنّهما خضعا كأي مشروع للمراحل القانونية ونالا أكثرية نيابية أعطت الضوء الأخضر للبدء بالتنفيذ. عن هذه النقطة يتحدّث عضو مجلس قضاء الزهراني في "التيار الوطني الحر" المهندس بسام نصر الله الذي يستفيد -وهو ابن بلدة الصالحية- من مشروع سد بسري. يُشدّد نصر الله على أنّ المعارضة التي نشهدها اليوم في ملف السد هي معارضة كلامية فقط وليست فعلية أو مبنية على أسس قانونية. إنها معارضة في السياسة وهدفها عرقلة هذا الإنجاز الذي يُعد إنجازا للوطن بأكمله وليس لفئة على حساب أخرى.
وفي حديث لموقع "العهد" الإخباري، يُعطي نصر الله مثالاً على هذه المعارضة السياسية مستشهداً بما صدر عن رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان قبل أيام، عندما قال من بسري إنّ "هذا السد مرفوض ما رح يكفي وما رح نخلي يكفي". وفق نصر الله، فإنّ عدوان الذي رفع من بسري البطاقة الحمراء في وجه السد هو نفسه من صوّت مع السد ومحاضر مجلس النواب تشهد على ذلك. لا بل تؤكّد المحاضر أنه أقام مزايدات في هذا الصدد، وأراد أن يضع نصاً ليلزم مشروع بسري إعطاء المياه لإقليم الخروب. ويستغرب نصر الله كيف يتعدى عدوان على مهنة الهندسة ويتذرع أن السد غير مطابق للمعايير الهندسية، بينما في المقابل جرى تلزيمه لأهم الشركات. وهنا يسأل المتحدّث: هل يرضى عدوان أن تصاب مهنة المحاماة بالكلام من مهندس مثلي بالطريقة التي أصيبت بها مهنة الهندسة؟. لا يرى نصر الله في كلام عدوان ومن يلف لفه سوى بروباغندا لمنع الإنجاز للشعب اللبناني كله وليس للتيار الوطني الحر فقط.
ويسترجع نصر الله الظروف التي رافقت البدء بمشروع سد بسري وجر مياه الأولي. قبل البدء بمشروع سد بسري أخذت الحكومة اللبنانية قرضاً بقيمة 200 مليون دولار لمشروع جر مياه الأولي. هذا المشروع كان السبب في إطلاق مشروع سد بسري، فعندما وقّعت وزارة الطاقة ومجلس الانماء والاعمار ومياه بيروت وجبل لبنان في عام 2011 على اتفاقية القرض وصدر القانون عام 2012 لجر مياه الأولي الى بيروت والمسمى بمشروع "إمداد بيروت الكبرى بالمياه"، حينها، سُجّلت ملاحظة أننا نضع نفقاً كبيراً يتّسع لجر 750 مليون متر مكعب بينما في الواقع نعمل على جر 40 مليون متر مكعب، ما شجّع على إكمال هذا المشروع بسد بسري، الأمر الذي جعلنا أمام مشروعين. مشروع إمداد بيروت الكبرى بالمياه والذي نفّذ جزء واسع منه حتى الآن بحدود الـ70 بالمئة، ومشروع سد بسري الذي نُفذت منه قضية الاستملاكات ودفعت الأموال بقيمة 10 بالمئة للمتعهدين، وبالتالي يبلغ مجموع ما تم دفعه 370 مليون دولار.
من هذا المنطلق، يرى نصر الله أنه من المفيد مراجعة كيف مرّ القرضان في الحكومة اللبنانية. يوضح أنّ القرض الأول كان في عهد حكومة الرئيس السابق سعد الحريري الأولى عام 2010 فهذه الحكومة هي التي وافقت على مشروع جر مياه الأولي لبيروت، حيث جرى التوقيع على القرض المتعلّق بالمشروع عام 2011 من قبل وزارة الطاقة ومجلس الإنماء والإعمار، وفي تشرين الأول 2012 صدر القانون وجرت الموافقة على القرض في مجلس النواب. ويُشدّد نصر الله على أنه ولكي يصدر هكذا قانون يجب أن يمر ويخضع للدراسة في لجنة الأشغال النيابية، ولجنة الإدارة والعدل والعديد من اللجان النيابية المختصة، وهي الإجراءات ذاتها التي خضع لها مشروع سد بسري.
ويُشدّد نصر الله على أنّ القرض المتعلّق بسد بسري مرّ في الحكومة اللبنانية، ووقّع عليه مجلس الإنماء والإعمار بحضور رئيس الحكومة الأسبق تمام سلام ووزير المال السابق علي حسن خليل، وبحضور وزير الطاقة الأسبق أرتور نظاريان، وأقر بالإجماع بعدما مرّ على اللجان بالإجماع أيضاً. إذاً نحن أمام قانونين مرا بالاجماع في مجلس النواب والحكومة اللبنانية ووقعا حسب الأصول والاتفاقيات، ما يعني أن هذا التوقيع بات بمثابة التزام على الدولة اللبنانية ليس بإمكاننا العودة عنه بهذه السهولة.
يذهب نصر الله أبعد من ذلك، فعندما يصوّت النائب على أي قانون مع أو ضد ولمجرد أن يصبح هذا التصويت قانوناً، يصبح ملزماً لي كنائب قبل أن يكون ملزما لكافة الأطراف التي تريد تطبييقه. برأي نصرالله، عندما توقّع الأكثرية النيابية على القوانين تصبح ملزمة التطبيق من قبل النواب ممثلي الشعب. الأخير أعطى النائب وكالة لكي يوقع عنه ويوافق على هكذا اتفاقات وبالتالي فإنني كمواطن ألزمني النائب أن أسير بهذا القانون. والمفارقة، تكمن في أنّ هذا النائب الذي ألزمني بهذا القانون يستعرض أمام الناس دون أن يسحب توقيعه من المكان الصح أي من مجلس النواب، بل تراه يشجّع على معارضة المشروع بعدما أصبحنا في الـ40 بالمئة منه. وهنا يُشدّد نصر الله على أنّ المعارضة هي معارضة سياسية بالكلام فقط هدفها تحريك الناس وتجييشها، وقد يكون من هذه المعارضة معارضون صادقون لجهة الموضوع البيئي -يقول نصر الله- ولكن هناك أشخاص يتحرّكون من منطلق سياسي وفقط بالسياسة. وهنا يسأل المتحدّث: من سيتحمل مسؤولية رد أموال بقيمة 370 مليون دولار بدل قروض وأموال من جعبة الشعب البناني؟.
ويتطرّق المتحدّث الى أهمية مشروع سد بسري الاستراتيجي والحيوي انطلاقاً من أهمية المياه في لبنان. وفق نصر الله، فإنّ لبنان يتمتّع بثروة مائية جارية، والمياه في لبنان هي مياه محلية اذ إنّ كل الأنهر باستثناء العاصي تنبع من الأرض اللبناني ولدينا جبال ومخزون استراتيجي يسمى بالمياه الجوفية. ويشير نصرالله الى أهمية المشروع من عدة زوايا أبرزها:
- تنبع أهمية المشروع من أهمية المياه، إذ بإمكان الإنسان العيش بدون بنزين ولكن ليس بإمكانه العيش بلا مياه. ففي فترة من الفترات، كان لتر المياه أغلى من لتر البنزين.
-يستفيد من المشروع ما بين مليون و600 ألف نسمة الى مليونين. هؤلاء يدفعون أكثر من فاتورة، أقله فاتورة لمياه الشرب، وفاتورة للدولة اللبنانية، وإذا أردنا احتساب هذه الفاتورة نراها مرهقة -بحسب نصر الله- الذي يوضح أنّ مشروع سد بسري يلغي كافة أوجه الاحتكارات والفساد ويوفّر علينا أموالاً وتعباً وإرهاقاً وجهداً، لا بل يزودنا بمياه نظيفة بعيداً عن نوعية المياه التي تصلنا اليوم.
- يعمل المشروع على إعادة تكوين المياه الجوفية المهمة جداً والتي تشكل مخزونا استراتيجيا، اذ لدينا حوالى 90 الف بئر، منها 70 الفا غير مرخصة، ما يهدّد هذه المياه الجوفية. مشروع سد بسري يحافظ على هذه المياه لإيقاف استخدامها وتركها لسنوات الشح.
-يؤمّن سد بسري الاستراتيجي أغلبية المياه للمناطق بالجاذبية وليس بالضخ، وهذه نقطة مهمة جداً -بحسب نصر الله- تخفض كلفة الضخ وتخفف عنا مجهودا إضافياً، فضلاً عن أنها تحافظ على المياه منعاً من ذهابها الى البحر .