خاص العهد
رفع الدعم يُضاعِف تكلفة ربطة الخبز: هل يصبح الرغيف "عزيزًا" على الفقراء؟
فاطمة سلامة
لم يكن ينقص اللبناني الذي تُزنّره الأزمات، سوى تهديده بخبز يومه. التلويح بسحب الدعم عن مواد أساسية من ضمنها القمح يعني عملياً سحب الدعم عن رغيف الخبز قوت الفقراء، ما يعني ببساطة أنّ ربطة الخبز القاسم المشترك بين الأغنياء والفقراء قد تُصبح حكراً على فئة دون أخرى نظراً لارتفاع تكاليفها، أو بمعنى أدق قد تصبح "عزيزة" على الفئات المعدومة، الأمر الذي يحمل تداعيات كارثية لا تقتصر على الجانب الاقتصادي بل تتعداه لتشمل جوانب أكثر خطورة كالاجتماعي والأمني. وهو الواقع الذي يدفعنا الى استحضار السياسات العوجاء لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة والسياسة النقدية والمالية الخاطئة التي انتهجها في غير محطة، والتي تتحمل جزءاً أساسياً من المسؤولية عن أزمة الاقتصاد اللبناني.
وإن كان رفع الدعم عن القمح سينعكس على العديد من القطاعات، إلا أنّ آثاره المباشرة ستبدو واضحة وجلية في ارتفاع ثمن ربطة الخبز. الأخيرة تشكّل جزءاً أساسياً من يوميات المواطنين، وعليه فإنّ آثار ارتفاع ثمنها ستدخل بيوت الفقراء من الباب الواسع.
رئيس نقابة اصحاب المخابز والأفران في بيروت وجبل لبنان علي ابراهيم يؤكّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ رفع الدعم عن القمح سيحمل تداعيات كبيرة جداً على ربطة الخبز. وفق حساباته، عندما تصبح مواد أساسية في صناعة الخبز غير مدعومة كالطحين والمحروقات سيرتفع سعر ربطة الخبز بشكل تلقائي لأنّ كل هذه المواد ستُحتسب تبعاً لسعر صرف الدولار في السوق السوداء. ويوضح ابراهيم -الذي يعد حالياً دراسة حول كلفة ربطة الخبز بعد رفع الدعم- أن كلفة الربطة ستقارب الـ3500 ليرة دون احتساب الأرباح ما يعني عملياً أنها ستباع الى المواطن بسعر يتراوح ما بين الأربعة آلاف وخمسة آلاف ليرة، هذا إن بقي سعر صرف الدولار في السوق السوداء كما هو اليوم ولم يتعد حدود الثمانية آلاف ليرة. بحسب ابراهيم، فإنّ شراء ربطتي خبز في اليوم سيكلّف رب الأسرة ما بين الثمانية والعشرة آلاف ليرة أي حوالى 300 ألف ليرة شهرياً وهذا الأمر يتطلّب ميزانية ويرتّب أعباء كبيرة وسط تآكل الرواتب وانخفاض القدرة الشرائية للبنانيين وفي ظل ارتفاع نسبة البطالة، على ما يقول ابراهيم.
وفي معرض حديثه، يلفت ابراهيم الى أنّ تصنيع ربطة الخبز لا يقف عند حدود الطحين والمحروقات، بل إنّ 17 عنصراً يدخل في هذه العملية، فبالإضافة الى الطحين والمازوت، يأتي السكر، الخميرة، المياه، النايلون، الزيت، الملح، اليد العاملة، الكهرباء، التلفون، الرسوم المالية والبلدية، الصيانة جراء استهلاك المعدات، إيجار الفرن... لا ينكر ابراهيم أنّ بعض العناصر لن يتأثر برفع الدعم، لكنّ القسم الأكبر سيتأثر ما سيُرتّب تكاليف كبيرة على المصنّعين ولاحقاً على المواطن. وهنا يتمنى ابراهيم أن لا يضطر كنقيب للأفران لمواجهة الفقراء عبر ربطة الخبز.
وبحسب ابراهيم، يبلغ ثمن طن الطحين اليوم 250 دولاراً، واذا ما احتسبناه على سعر الدعم فإنه يكلّفنا كأفران 620 ألفاً، أما بعد وقف الدعم فسيصبح ثمن الطن ما يقارب المليونين هذا اذا ما احتسبنا سعر صرف الدولار وفقاً للثمانية آلاف ليرة. أما اذا تخطى هذه الحدود -يقول ابراهيم- فالأسعار ستختلف حكماً، خصوصاً أنه مع رفع الدعم سيشهد سوق الصرف هجمة غير مسبوقة وعندها للأسف سيحلّق الدولار.
وفي الختام، يتمنى ابراهيم أن يُصار الى تأمين البدائل والحلول لعدم رفع الدعم وإلا سنكون أمام أوضاع صعبة فالمواطن لم يعد يحتمل خاصة أن هناك 55 بالمئة من اللبنانيين باتوا فقراء.