معركة أولي البأس

خاص العهد

لا مرحباً ولا سلاماً: فلسطين تجري في عروق شعب البحرين
13/09/2020

لا مرحباً ولا سلاماً: فلسطين تجري في عروق شعب البحرين

زينب عبدالله
كثيرةٌ هي المواقف المخزية التي يُحرج بها حكّام الدول العربية شعوبهم، فيتّسم بلدٌ هنا أو هناك بالخيانة برغم رفض شعبه المطلق لأفعال السلطة الحاكمة فيه. وفي الوقت الذي يهلّل فيه هؤلاء لاتّفاق مع عدو الأمة جمعاء، تنتفض الشعوب لترفض هذه الخيانة العظمى بحقّ أقدس المقدّسات. ولكنّ الوقع الأقوى للفعل الرسمي، بغضّ النظر عن شرعيّة الطبقة الحاكمة، يحجب الإنتباه عن الموقف المشرّف الذي تصرّ عليه الشعوب الحرّة من دون استثناء.

وهذه هي الحال بالنسبة لشعب البحرين... ففي إثر إعلان النظام البحريني المتمثّل بآل خليفة التطبيع الأعمى مع العدو الصهيوني، ضاع حقّ شعبٍ حرٍّ ثائرٍ مقاومٍ قدّم منذ فجر تاريخه كلّ الدعم والنصرة والدماء فداءً للقضيّة الفلسطينية.

وعلى الضفّة المشرقة، في مقابل غفلة شيوخ التطبيع هؤلاء، يوجد شعبٌ يؤمن بأنّ النضال مفتاح العودة، شعبٌ نبضه من نبض الأقصى، ونور طريقه من زيت زيتون فلسطين المقدّس، ودمه ثائر لا يعرف السلّام إلا في أجنحة الطيور المرفرفة على شبابيك المسجد الأقصى.

للتعليق على إقدام نظام آل خليفة البحريني على إعلان تطبيع العلاقات مع الكيان "الإسرائيلي"، أجرى موقع العهد الإخباري مقابلة خاصّة مع مدير المكتب السياسي لائتلاف شباب 14 فبراير في بيروت، الدكتور ابراهيم العرادي، الذي أعلن الرفض المطلق لخطوة النظام البحريني، واصفاً إياها بالخيانة العظمى.

طريق تلّ أبيب قد يكون الأقصر

لا مرحباً ولا سلاماً: فلسطين تجري في عروق شعب البحرين

وفي معرض الحديث عن توقيت هذا الإعلان، شرح الدكتور العرادي أنّ "حكام آل خليفة كانوا في سباق مع الزمن وخاصة بعد ثورة 14 فبراير لإنهاء ملف التظاهرات الشعبية، وهذا الرفض السياسي الذي ما زال حتى اليوم مستمرّاً، بأيّ طريقة. وقد اتخذوا طريق تلّ أبيب وطريق الصهاينة طريقاً استراتيجياً لبقائهم على عروشهم ونيلهم كلّ هذه المكتسبات، وكذلك لتثبيت أولادهم وأحفادهم في الحكم".

وقد شدّد على أنّ "هذا التوقيت ليس بيد الحاكم الخليفي وإنما هو بيد الحاكم الأميركي الذي يحدّد توقيت تطبيع الخيانة العظمى خاصّة بعد أن أعلن ترامب أنّ كل الدول وافقت عليه وهو يقوم بتلاوة أسمائها لا أكثر ولا أقلّ". وفضلاً عن أزماتهم الداخلية في الثورة، ومشاكلهم الخارجية، قال الدكتور العرادي إنّ "الخليفيين" أرادو أن يستخدموا التطبيع كطوق نجاة وأرادوا أن يثبتوا لترامب أنهم معه في هذا الخط وأنهم أكثر الدول وأكثر الأنظمة الاستبدادية استجابة وتلبيةً له. وهذا بيع ما تبقّى من شرف، إن وُجد لديهم.

"لذلك دلالة التوقيت هي سباقهم مع الزمن لتثبيت عروشهم بعد أن هددهم ترامب بإمكانية إسقاطهم في خلال يوم واحد. هذا هو سبب الضغط عليهم لأن ترامب يعرف أن لا شرعية شعبية لديهم وهم يدركون الأمر أيضاً".

طواغيت العرب يطبّعون والشعوب تتحمّل الخطايا

ولدى سؤاله عن الثمن مقابل هذه الخطوة، أكّد العرادي أنّ ثمن بيع فلسطين والتواطؤ تحت الطاولة منذ عقود يؤخذ من رصيد هذا الطاغية حمد، مشدّداً على أنّ شعب البحرين يرمز له هذا الأمر ظلماً وزوراً وتجنّيّاً. ولكن الصورة تجلّت اليوم. ونحن نتمنى من على منبر موقع "العهد" الإخباري أن نبيّن للرأي العام هذه الحقيقة: "لا يوجد شيء اسمه البحرين تطبّع، الكيان الخليفي هو الذي يطبّع، أمّا شعب البحرين فلم ولن يطبّع ويجب التركيز على هذه النقطة. فحكّام آل خليفة وعلى رأسهم حمد، من أجل هذه الدنيا الزائلة وهذه المناصب، حاربوا الدين ونكثوا العهود، وضربوا القيم ونسفوا تاريخ وحاضر ومستقبل شعب البحرين. هم قتلوا الهوية البحرانية ولكن هذا الثمن الذي يريدون أن يسلّموه هو عصيّ عليهم مهما تواطأوا".

شعب البحرين اليوم في حالة غضب وحالة ثورة لن تهدأ. لن يكون هذا الغضب عبارة عن ردّات فعل أو حالة طارئة، بل هذا عمل استراتيجي وتكليف أمّة بأكملها وليس شعباً بحدّ ذاته، هذا ما أكّده لموقع "العهد" مدير المكتب السياسي لائتلاف شباب 14 فبراير، وهو أحد الجهات المؤسسة لثورة البحرين.

مخطّط الخليج "الإسرائيلي" والدمى الحاكمة

وعن المخطّط المرسوم لتحويل منطقة الخليج إلى ما يسمّى بالخليج "الإسرائيلي"، شرح الدكتور العرادي أنّه بالرغم من أنّ كلّ الحكّام والأنظمة الاستبدادية في الخليج وقّعوا ووافقوا وكلّ أمورهم أصبحت فوق الطاولة، إلاّ أنهم دائماً يستخدمون البحرين كفأر تجارب لما يحدث في المنطقة، وعلى إثرها يستفيد النظام السعودي في سياساته المستقبلية.

"اليوم، حاكم آل خليفة كذب وقال نحن نعتمد فقط على السعودية وما تقوله السعودية، وخاطب السلطة الفلسطينية وقال لهم نحن مع الإجماع العربي ونكث بهذه العهود كعادته. هم ليسوا أصحاب قرار، لا ملوك الرياض ولا ملوك المنامة. كلّهم مرتزقة، وكلّهم مفاعيل لتنفيذ هذه الأجندات في المنطقة".

وقد كرّر العرادي أنّ هذه الخيانة الكبرى لا تطبّق بوجود حكومات منتخبة ولا بشخصيّات واعية، بل تطبّق فقط بوجود هذه العقول وهذه الشخصيات المتوحشة أمثال بن زايد وحمد آل خليفة وآل سعود وغيرهم. هذا هو المهم في هذه المسألة، لا يهمّ من التالي ومن السابق لأنّ مخطط الكيان الصهيوني لـ "إسرائيل" الكبرى أن تسمّى منطقة الخليج بالخليج "الإسرائيلي". وخطوات هذه الخطة والإتفاق بينهم يكمن في محاصرة المنطقة العربية كلّها تحت الجناح الصهيوني عبر أدوات قذرة تتمثّل بالحكّام المستبدّين.

فلسطين قلبُ ثورة البحرين

لا مرحباً ولا سلاماً: فلسطين تجري في عروق شعب البحرين

وتعليقاً على موقف شعب البحرين من أفعال الطبقة الحاكمة، شدّد العرادي على أنّ شعب البحرين مقموع من هذا النظام الذي يحميه ترامب وتحميه الحكومة البريطانية، معتبراً أنّ أهمّ أسباب ضرب ثورة 14 فبراير هو لأنها في مبادئها وفي جوهرها تقف مع القضيّة الفلسطينية. "شعب البحرين في حالة غضب وحزن واستفزاز غير مسبوقة. لقد انفجرت مواقع التواصل الإجتماعي بالهاشتاغات التضامنية مع فلسطين. انكسر حاجز الخوف من جديد رغم القمع والتهديد، وهذه ليست ردّة فعل آنيّة بل هو مسار".

وفي هذا السياق أصرّ العرادي على وجوب أن تعلم جميع الشعوب "أن النظام الخليفي هو المطبّع وشعب البحرين لم يطبّع ولن يطبّع، بل نحن نتشاطر المظلومية مع شعبنا الفلسطيني. ويجب أن لا يشعر الشعب البحراني أنه وحيدّ في هذه الساحة. كلّ الشعوب يجب أن تسانده وتنصره لكي يقاوم هذا المشروع الأخطر على المنطقة وهو "أسرلتها"".

المعارضة في البحرين تتوعّد بالتصعيد

ولدى سؤاله عن الخطوات المعدّة في مواجهة تطبيع النظام في البحرين مع العدو "الإسرائيلي" أعلن الدكتور العرادي أنّ ائتلاف شباب 14 فبراير لم يتوقف يوماً عن نصرة الشعب الفلسطيني سواء عبر كوادره الميدانية التي تتلقى الرصاص في الصدور من النظام الخليفي، وتزجّ في السجون أو تهجّر، أو عبر فعالياته في الخارج من خلال المكتب السياسي للإئتلاف.

"لقد سخّرنا كلّ كوادرنا لفلسطين وأقمنا فعاليات في بيروت وفي صور وفي لندن. وسنقيم قدر الإمكان كلّ الفعاليات لنصرة الشعب الفلسطيني".

وقد كشف العرادي لموقع "العهد" الإخباري خبراً حصريّاً مفاده أنّ ائتلاف 14 فبراير على موعد مع استحقاق ثوري ميداني متصاعد جديد، وهذا متروك للأخوة في الميدان بحسب تقديرهم. "سيكون لنا نهج أعلامي جديد بحيث ستفتح منصّات جديدة تقاوم عمليةّ كيّ الوعي وهذا المشروع الخطير. كلّ كوادرنا هي فداء لفلسطين وهذا القرار مركزي وثابت لدى ائتلاف 14 فبراير. نحن لم نهدأ يوماً ولن نهدأ، وسيصل الصوت البحراني الثابت المناصر لفلسطين إلى أصقاع العالم ولن تُخذل فلسطين ولن يُخذل الشعب الفلسطيني".

في البحرين: نظام جبان وشعبٌ لا يهاب

لا مرحباً ولا سلاماً: فلسطين تجري في عروق شعب البحرين

المفارقة بين الطبقة الحاكمة في البحرين وبين شعب ذلك البلد هي أنّ نظام آل خليفة يعلن التطبيع بكلّ جبن وهو خلف الحجب ويتعامل مع أدواته الرخيصة المدفوعة سلفاً، التي باعت نفسها، فيسكت نوّابه الذين لا يمثّلون الشعب، ويأمرهم بأن لا يتكلموا ولا ينتقدوا وهذا أمر واضح وقد تمّ إعلانه في وكالات الأنباء، أمّا الشعب فرغم القمع يرفع صوته بالرفض والاستنكار.

"نظام آل خليفة جبان، يراقب فقط ما يحدث في المنطقة مستتراً بالحماية الأميركية الصهيونية السعودية الإماراتية. ربّما حمد بن عيسى آل خليفة لم يعلن هذا الأمر. كلّ الأمور متّفق عليها من تحت الطاولة ولكنّه بالتأكيد سيرسل مرتزقته ليمارسوا هذه الخيانة العظمى، ولكنّهم يعلمون أن هناك ردّات فعل لن تهدأ في الشارع البحراني والمنطقة ككلّ"، بحسب ما أكّده الدكتور العرادي لموقع "العهد".

لم ينفَ الدكتور ابراهيم العرادي أيّ احتمال خيانة جديدة يقوم به ملك البحرين: "كلّ شيء متوقّع من هذا الخائن حمد الذي يريد أن يخرج من مأزق ثورة 14 فبراير بأي طريقة، سواء بالمشاركة في العدوان على اليمن، أو بالتطبيع مع الصهاينة، أو بإسقاط جنسيّات البحارنة وتعذيبهم واغتصاب رجالهم ونسائهم. هذا هو حمد بن عيسى آل خليفة الدكتاتور الخليفي في هذه المنطقة".

كلّ شيء متوقّع منهم ولكنّ شعبنا بريء مما يقومون به جميعاً، هذا ما ختم به رجل المعارضة البحرينية، مشدّداً على أنّ ائتلاف شباب 14 فبراير متّحد مع الإخوة في الوطن ومع كلّ القوى لمواجهة هذا المشروع التدميري ليس للمنامة ولا للرياض فحسب، بل هم يريدونه أن يصل إلى صنعاء وبغداد وبيروت والمنطقة كلّها.

ولكن تبقى الحقيقة جليّةً لمن يبصر ويستبصر: بين القدس والحريّة... ثمّة شعبٌ يَقِظٌ، وموقفٌ، وحجرٌ، وسكّينٌ، وبندقيّة...

(*) مقابلة خاصة للصفحة الانكليزية

صفقة القرنائتلاف 14 فبرايرابراهيم العرادي

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة