خاص العهد
أزمة في تصريف إنتاج العسل ومربّو النحل يُفصّلون لـ"العهد" مِحنتهم
حسين كوراني
تتفاقم معاناة مربي النّحل في الجنوب عامًا بعد آخر، لكنّهم يُجمعون أن هذه السنة كانت الأصعب عليهم. نسبة الانتاج تراجعت وأسواق تصريف العسل قلّت. عدة عوامل طرأت على هذا القطاع الذي يعتبر مورد الرزق الوحيد لحوالي ألفي عائلة لبنانية وأكثر من 700 عائلة جنوبية تحديدًا.
للاطلاع على الأزمة المستجدّة على هذا الصعيد، أجرى موقع "العهد الإخباري" مقابلة مع أحد مربّي النحل وهو محمد شعيتو من بلدة الطيري الجنوبية. يقول شعيتو إن الوضع الاقتصادي المتردي هذا العام أثّر بشكل كبير على قطاع تربية النحل، إذ إن تكلفة الأدوية التي تستعمل للنحل ارتفعت بشكل جنوني، خاصة أنها تُستورد من فرنسا مثل دواء "apevar" لمكافحة حشرة "الفاروا" المعروفة بقملة النحل، بالإضافة الى 3 أدوية أخرى تُستورد من تركيا والصين.
ويضيف شعيتو أن تكلفة قفير (خلية) النحل الواحد أو ما يسمى بـ "الدغر" كانت العام الماضي حوالي 100 دولار تتوزّع على أدوية وأقراص شمع والطبقة العليا التي تحمل أقراص العسل، بالإضافة الى ثمن القفير نفسه المصنوع من الخشب، لكن حاليًا أصبح القفير الواحد يكلّف 700 ألف ليرة، وهذا يعني أن انتاج الخلية المتراوح بين 5 و25 كيلوغرامًا خلال الموسم كحد أقصى، لا يمكن أن يغطي التكلفة في حال بيع كيلو العسل الواحد بـ 50 ألف ليرة كما هو السعر الحالي.
حسن جباعي من بلدة عيتيت الجنوبية يُبيّن لـ العهد" أنه في السنة الماضية كان ثمن كيلو العسل الربيعي 30 ألف ليرة والصيفي 35 ألف ليرة، ومعدل القفير الواحد 30 كيلو في السنة خلال موسمي الربيع والصيف، أي ان إنتاج الخلية كان يحصل مليون ليرة ، أما هذه السنة فهناك صعوبة كبيرة في تصريف الإنتاج، إذ بلغ سعر الكيلو الربيعي 50 ألف ليرة والصيفي 60 ألف ليرة، وأغلب الزبائن كانت تشكو من ارتفاع السعر، ويُشير الى أنه في حال لم يبلغ ثمن الكيلو 80 ألفا، فيكون الربح ضئيلًا في ظل الغلاء الفاحش، وهذا يؤثّر على مئات العائلات في الجنوب التي تعتاش من تربية النحل حصرًا، إذ كان متوسط دخل "صغار المزارعين" في لبنان (ممّن يملكون أقلّ من مئة قفير) حوالي 600 دولار شهريًا في العام الماضي، فيما لا تتجاوز اليوم 100 دولار.
ويضيف جباعي أن هناك معضلة أخرى واجهتنا هذه السنة، وهي أن الدولة لم تحرّك ساكنًا كما الأعوام الماضية لشراء جزءٍ من المحصول وبيعه للخارج بمعدل 20 دولارًا..
المربّي محمد بلوط يتحدّث من ناحيته لـ العهد" كيف أن لبنان يشتهر بارتفاع أعداد صغار النحالين فيه، اذ يمارس هذه المهنة حوالى 10 آلاف شخص في ظل وجود ما يزيد عن 100 ألف خلية نحل عاملة وموزّعة على كافة الأراضي اللبنانية، ويوضح أن هناك سببًا طرأ على مراعي النحل هذه السنة أثر على إنتاجيته، فعوضًا عن ازدحامها بآلاف القفران المحلية والمستوردة وتقلّب الطقس الذي يساهم في تلف موسم الزهر ورش المبيدات السامة على المزروعات في قتل النحل على مرّ السنوات الماضية، فقد لجأ العديد من الناس بسبب الفقر الى قطع الأعشاب البرية كالزعتر والقصعين وبعض الأعشاب البرية قبل موسم إزهارها إذ إن الازهار تعتبر الغذاء الرئيسي للنحلة.
ويشير بلوط الى وجود سبب آخر أثّر في زيادة التكلفة هذه السنة، ألا وهو غياب المساعدات التي كانت تقدمها وزارة الزراعة على الرغم من قلّتها في السنوات الماضية.
وعليه، فإن ارتفاع الكلفة والعوامل المذكورة آنفًا ساهمت في خفض الأرباح، وإذا استمرّ الوضع على ما هو عليه، فإن تربية النحل في لبنان ستواجه مشكلة كبيرة تقضي عليها كليًا.