خاص العهد
زلزال الأدوية.. الأسعار ستتضاعف ستّ مرات!
يوسف جابر
ماذا بعد؟ السَّائل شعبٌ يعيش على تلقي الصَّدمات تباعًا، راكم "خبرةً واسعةً" في معالجة الأزمات بطُرقه الخاصة، إلا أنَّه لم يستطع التخلَّص من الهواجس التي تلاحقه في أهم مقومات بقائه، فبعد الخوف من اختفاء الرَّغيف والبنزين والمازوت والكهرباء وغيرها، يُطلُّ "الهاجس" بأجدد "صيحاته" وهو اختفاء الدواء من الأسواق اللبنانية.
وكخطوةٍ أولى، يتهافت اللبنانيون على الصيدليات لأخذ ما استطاعوا من احتياجاتهم الأساسية، ومن لم يستطع فليأخذ ما توفَّر عن الرفوف للتخزين تحسبًا من انقطاع الدواء، ذلك بعد أن أكَّد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن احتياطي مصرف لبنان شارف على النفاد وأن الدعم لا يمكن ان يستمر للأبد، واضعًا مهلةً حتى نهاية العام الحالي.
سوق الدواء خلال الأزمة
الصيدلاني يوسف طالب مالك صيدلية الجنوب، تحدَّث لموقع "العهد الإخباري" عن شُّحٍ في تسليم الأدوية من قِبل الوكلاء مقابل ارتفاع للطلب من قِبل المواطنين، فقال: "الناس خائفة بسبب أخبار وقف الدعم عن الدواء، فمن راتبه مليون ل.ل ولديه دواءٌ دائم له أو لأحد أفراد أسرته، سيركض للصيدليات للحصول على أكبر كمية ممكنة قبل أن يصبح ثمن الدواء يوازي معاشه، وهذا ما دفع الناس لقصد الصيدليات بهدف تخزين الدواء".
وأشار طالب الى أنَّ هذا الأمر جعل الوكلاء يعتمدون سياسة "التقنين" في توزيع الدواء، إذ توزِّع بعض الشركات أقَّل من خمس علب لدواء معيَّن وصولًا لعلبةٍ واحدة، غير أنه لم يجزم إن كانت هذه الخطة لتقنين التوزيع أو لاحتكار بضاعة ستظهر بعد توقف الدعم عن الدواء الذي يشكِّل حاليًا 85%، خاصة أن من مهام وزارة الصحة أن تعرف كمية الدواء التي تدخل إلى لبنان، وكم يُصرف منه.
وبيّن طالب أن اعتمادات مصرف لبنان المركزي لا تلبي طلبات الوكلاء، فاذا طلبت إحدى الشركات اعتمادًا لشراء 100 ألف علبة تحصل على 10 آلاف علبة، وفوق ذلك تنتظر الموافقة لمدة شهر تقريبًا لتعود وتطلب من جديد فتأخذ مدّة طويلة.
ويفترض طالب أنه يتم تخزين الدواء للتهريب إلى الخارج، فالدواء المدعوم في لبنان أرخص من الأدوية في محيطنا، كما أنَّ كثيرين من العالم العربي يتعالجون ويأخذون أدويتهم من لبنان، خصوصًا مع انخفاض قيمة الدواء نسبة للدولار.
وجهة نظرٍ مختلفة تُعبّر عنها ل.ح، مالكة إحدى الصيدليات، إذ تقول إنَّ سياسة "التقنين" التي يعتمدها الوكلاء محقَّة، مضيفة: "أنا لا اعتبره احتكارًا، فمن حقِّ الوكيل أن يضبط السوق، خصوصًا مع الطلب الكبير وغير المبرر من قِبل المواطنين"، ورأت أنَّ الخطأ الذي يحصل من قِبل الوكلاء هو بالتوزيع حسب حجم الصيدلية، مشيرةً الى أنه كان الأجدى تقييم الصيدلات والتوزيع وفق الحاجة وقدرة الاستيعاب.
وتابعت "نتجه نحو مسارٍ كارثي..لا يستطيعون قطع الدواء، فهو لا يُستبدل، الطعام يمكن تبديله والمدرسة يمكن الانتقال منها، أمَّا الدواء فأساسي كأدوية علاج كهرباء القلب ماذا نفعل إن فُقدت؟؟".
نقيب الصيادلة في لبنان غسان الأمين لـ"العهد": سعر الدواء سيرتفع 6 أضعاف فور رفع الدعم عنه
أمام هذا الواقع، أوضح نقيب الصيادلة غسان الأمين في حديثٍ لـ"العهد" أنَّ " الأزمة غيَّرت آلية الاستيراد، إذ كان المستورد يفتح اعتمادًا للمصنع ويجهِّز طلبيةً عن العام كلِّه، أما خلال الأزمة فاضطر المستورد لشراء الدواء بالدولار والذي سيرتِّب غلاءً في سوق الأدوية"، وأردف "تدخَّل المصرف المركزي ودعم الدواء، فصار المستورد يطلب الاعتمادات من المصرف للحصول على الدولار، وهذه الآلية صارت تحتاج أكثر من شهرٍ لتأتي الموافقة، ما أدى لانخفاض حركة الاستيراد إلى السوق اللبنانية، وبسبب اندفاع الناس نحو التخزين بسبب الحديث عن رفع الدعم، انخفض مخزون الدواء عند الوكلاء الذين لا يستطيعون الاستيراد بسهولة لتلبية حاجة السوق".
ولوقف عملية التخزين والتهريب المتوقعتين، لفت الأمين الى أنَّ وزارة الصحة والوكلاء قرروا ضبط الكميات التي توزَّع للصيدليات وذلك لترشيد العملية الشرائية بأكملها، نافيًا الشبهات حول تخزين الأدوية من قِبل الوكلاء للاستفادة منه بعد رفع الدعم.
وأكّد أنه في حال توقَّف الدعم كما المتوقع بعد 3 أشهر، سيرتفع سعر الدواء إلى 6 أضعاف، وترتهن كل المصالح للسوق السوداء لتلبية حاجاتها إن استطاعت ومن لم يستطع سيلجأ لإغلاق باب رزقه من مستوردين وصيادلة، ورأى أنَّ "المؤسسات الضامنة لـ 33% من الشعب اللبناني كالضمان الاجتماعي وتعاونية موظفي الدولة وغيرهم سيفلسون لأن موازناتهم بالليرة اللبنانية، وهؤلاء لن يستطيعوا تغطية نفقات الأدوية بالدولار، وأن ما سيحصل أشبه بالزلزال للقطاع الصحي في لبنان".
الأمين بيّن أنَّه خلال جلسةٍ جمعته بحاكم المصرف، وعد الأخير بأن الدواء سيكون آخر ما سيُرفع الدعم عنه، وطلب تحديد أدوية أساسية لدعمها لأنه لم يعد بالاستطاعة دعم كافة الأنواع، وأشار الى أنَّ وزارة الصحة بدورها تعمل لايجاد حلٍّ لمجابهة هذه الأزمة حتى لا يفقد المواطنون دواءهم، وأمل أن تجتمع الجهتان لتوحيد الجهود لتجنُّب الكارثة قبل حدوثها.
وبناءً على ما تقدّم، أنشأ "العهد" جدولًا يُظهر الأدوية التي فُقدت من الأسواق خلال الأزمة، وظهرت النتيجة كالتالي: