معركة أولي البأس

خاص العهد

 مع انتهاء فترة الإقفال العام.. قراءة في المؤشرات الصحية والوبائية
30/11/2020

 مع انتهاء فترة الإقفال العام.. قراءة في المؤشرات الصحية والوبائية

فاطمة سلامة

ثمّة استخفاف غير مفهوم يسود بين الناس حيال فيروس "كورونا". عداد الإصابات لا يزال مرتفعاً، فيما لا يبدو الوعي المجتمعي على قدر هذا الارتفاع. يمارس كثر حياتهم الطبيعية دون الالتزام بأدنى مقومات الوقاية. ففي قاموس البعض، لا يزال فيروس "كورونا" مزحة لا تستأهل كل الاحتياطات التي يبديها البعض الآخر. والمؤسف، أنّ قلة المسؤولية تطيح بكل ما أنجزه وينجزه المعنيون في الحرب على "كورونا". جلنا لا يزال يتذكر كيف بات لبنان "مضرب مثل" في بداية الأزمة جراء الإجراءات التي قامت بها وزارة الصحة  والتي رفعت لها القبعة. حينها، اجتمعت الإجراءات الرسمية مع شبه التزام شعبي فأنتجتا نموذجاً يحتذى به لمحاربة "كورونا". اليوم، اختلفت الصورة نوعاً ما. تبذل وزارة الصحة جهوداً مضاعفة، ولكن كل هذه الجهود لن تؤتي أكلها كما يجب اذا لم يتحمل كل فرد منا مسؤوليته المجتمعية. المطلوب من كل مواطن أن يكون خفيراً يتعامل مع الآخرين كما لو أنّه مصاب فيحميهم ويحمي نفسه أولاً. 

وانطلاقاً من واقع الاستهتار الحاصل والذي لم "يرحم" عداد الإصابات، وجد المعنيون الإقفال العام ضرورة، علّه يخفّف من الاختلاط الحاصل فتنخفض نسبة الإصابات. تماماً كما أنّه ضرورة لتلتقط المستشفيات أنفاسها بعدما لامست الحدود القصوى من قدرتها الاستيعابية. وفيما يُشدّد البعض على أنّ فترة الأسبوعين من الإقفال غير كافية لنلتمس النتائج المطلوبة، يشير البعض الآخر الى الواقع الاقتصادي المأزوم، فلبنان يقع بين نارين؛ الواقع الصحي من جهة، والواقع المعيشي الصعب من جهة ثانية. 

نتائج الإقفال تحتاج بعض الوقت كي تظهر

ومع عودة الحياة اليوم الإثنين الى طبيعتها بالتزامن مع انتهاء فترة الإقفال، يبدو من المفيد إجراء قراءة سريعة في الأرقام التي رافقت تلك الفترة مع الإشارة الى أنّ نتائج الإقفال الحقيقية لجهة الأرقام تحتاج بعض الوقت كي تظهر. إطلالة سريعة على جداول ترصد عدوى "الكوفيد 19" الصادرة عن وزارة الصحة منذ بدء الإقفال العام تبيّن أنّ أعداد الإصابات لم تنخفض بشكل تدريجي، وهذا الأمر طبيعي نسبةً الى أنّ فترة حضانة فيروس "كورونا" تبلغ 14 يوماً. في اليوم الأول من الإقفال أي في 14 تشرين الثاني سجّل عداد الإصابات 1660 حالة، والوفيات 10 حالات. وفي اليوم التالي سجّل العداد انخفاضاً حيث بلغ 1163، واستمر العداد بالتأرجح صعودا وهبوطا ليرتفع في 18 تشرين الأول ويبلغ 2084 إصابة و13 حالة وفاة. أرقام الإصابات استمرت بالانحدار حتى 23 تشرين الثاني حيث سجلت 1041 إصابة وبلغت الوفيات 11 حالة، لتعود بعدها الأرقام للارتفاع وتسجل في 26 تشرين الثاني 1859 إصابة و24 حالة وفاة، أما يوم أمس في 29 تشرين الثاني أي في آخر نهار إقفال، فقد سجّل العداد 1266 إصابة و13 حالة وفاة، فيما بلغت نسبة الفحوصات المحلية خلال الـ14 يوماً 2622 لكل 100000، ونسبة الإيجابية لكل مئة فحص سجّلت 15.3 بالمئة، وعدد الحالات النشطة 21473. 

غصن: الأسبوع الحالي سيكشف لنا ما ربحناه خلال أسبوعين

رئيسة برنامج الترصد الوبائي في وزارة الصحة الدكتورة ندى غصن تؤكّد لموقع "العهد"  الإخباري أنّ الأسبوع الحالي سيكشف لنا ما ربحناه خلال أسبوعين من الإقفال. كان المطلوب من الإقفال العام هبوط المؤشرات، الا أنه ولتاريخ الأمس لم نشهد هذا الهبوط بل شهدنا ثباتاً. هذا بحد ذاته ربح -تقول غصن- التي تؤكّد أننا ننتظر هبوط المؤشرات خلال الأسبوع الحالي كي نبتهج بالنتائج.

 مع انتهاء فترة الإقفال العام.. قراءة في المؤشرات الصحية والوبائية

ثبات نسبة الإيجابية للفحوصات كانت من أهم المؤشرات الوبائية

تتحدّث غصن عن المؤشرات التي رافقت فترة الإقفال، فتوضح أنّ هناك مؤشرات صحية وأخرى وبائية. في ما يخص المؤشرات الوبائية، فإنّ أهم ما فيها هي نسبة الإيجابية للفحوصات والتي لا تزال ثابتة عند حدود الـ15 بالمئة دون أن ترتفع. ما قبل فترة الإقفال العام كانت نسبة الإيجابية في الفحوصات تتزايد يوماً بعد يوم، ولكن خلال فترة الإقفال العام شهدت هذه النسبة ثباتاً عند حد الـ15 بالمئة. وهنا تلفت غصن الى أنّ قراءة نتيجة الإقفال العام بدقة والفوائد التي جنيناها منه تحتّم علينا انتظار الأسبوع الحالي. 

وجود ارتياح لناحية توفر أسرة أكثر في المستشفيات

أما في ما يتعلق بالمؤشرات الصحية، فإنّ أهم ما برز لدينا هو وجود ارتياح لناحية توفر أسرة أكثر في المستشفيات خصوصاً العناية الفائقة لمصابي "كورونا". 

وفي معرض حديثها، توضح غصن أننا لم نر انخفاضا في أرقام الإصابات، لكنها تذكّر أن إيجابية الإقفال العام حتى الساعة تمثلت بنسبة إيجابية الفحوصات الثابتة عند الـ15 المئة رغم تمنينا أن تنخفض أكثر. وهنا تلفت غصن الى بروز طروحات تتعلّق بإمكانية سحب أرقام الحالات الميدانية من مؤشر الإيجابية لدراسة ما اذا كان هناك انخفاض فعلي بمؤشر إيجابية الفحوصات أم ثبات فقط. 

ورداً على سؤال، تشدد غصن على أن لبنان دخل منذ أواخر تموز في مرحلة الانتشار المجتمعي لفيروس "كورونا" الذي لا يمكن إيقافه بين ليلة وضحاها. صحيح بإمكاننا الحد من أعداد الإصابات والوفيات، ومحاولة علاج الحالات الحرجة، ولكن الأساس يبقى في توفر استجابة صحية تستوعب كل الحالات الحرجة خصوصاً أنّ لدينا ما يفوق الـ900 بلدة في لبنان يغزوها الـ"كوفيد 19".  

نسبة الالتزام لم تكن عالية

وفيما يتعلق بمدى التزام المواطنين بالإقفال العام، تلفت غصن الى أنّ وزارة الداخلية تملك المعطيات حول هذه القضية، أما في ما يتعلّق بنا كوزارة صحة فقد تابعنا عبر "خرائط Google" وأجرينا نوعاً من المقارنة بين وضع لبنان حالياً ووضعه في كانون الثاني وشباط ليتبين لنا أن نسبة الالتزام لم تكن عالية، بل تراوحت بين الـ40 والـ50 بالمئة في لبنان ككل. 

وفي الختام، تشدد غصن على أهمية وعي الأفراد لناحية وضع الكمامة، المحافظة على النظافة، غسل اليدين باستمرار وتطبيق التباعد الاجتماعي، لافتةً الى أنّ مريض "الكورونا" يحتاج الى رعاية، واذا شعر بأي تعب عليه الذهاب الى الطوارئ فوراً.

فيروس كورونا

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل