خاص العهد
غياب سلامة عن البرلمان: لامبالاة أم هروب؟
فاطمة سلامة
ثمّة استخفاف غير مبرّر يمارسه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حيال حقوق الشعب ومصالحه. استخفاف لا يحتاج كثيراً الى أدلة للإشارة اليه. يكفي أن نستحضر في هذا الصدد غياب المذكور عن جلسة اللجان المشتركة التي عقدت لمناقشة الدعم والاحتياط الإلزامي. هل يُعقل أن يغيب رأس النظام النقدي عن جلسة بهذه الأهمية؟. طبعاً، ليس المؤمل من حضور سلامة أن يجترح الحلول وهو الذي ابتدع -بممارساته غير المسؤولة- الأزمات المالية والنقدية على مدى أكثر من عقدين، لكن أقله كان المطلوب من سلامة القيام بواجباته وإظهار حد أدنى من المسؤولية والاهتمام لمصير الناس. كان المطلوب مصارحة الجميع بحقيقة الموجودات والأرقام في المصرف المركزي. ثمّة شكاوى كثيرة في هذا الصدد تأخذ على سلامة توصيف الواقع المالي والنقدي بطرق إنشائية دون تقديم أرقام حقيقية وواقعية دقيقة. وثمة أسئلة كثيرة تُثار على هامش غياب سلامة شكلاً ومضموناً لناحية ما إذا كان تهرّبا من تقديم معطيات دقيقة، أم لناحية تهربه من أسئلة البعض ومساءلته، أم لامبالاة وقلّة مسؤولية. وطبعاً، أياً تكن مبررات سلامة -إن وجدت- فهي مبررات واهية لا توازي خطورة الوضع الذي يمر به لبنان، فيما الاحتياطي ينفد وقوت اللبنانيين وودائعهم مهدّدة.
خليل: سلامة بات شخصاً غير مؤهل لإدارة مصرف لبنان
وتعليقاً على تجاوزات سلامة، يعتبر الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور حسن خليل في حديث لموقع "العهد" الإخباري أن حاكم مصرف لبنان بات شخصاً غير مؤهل صحياً وعقلياً ونفسياً لأن يدير مصرف لبنان. وفق قناعاته، لا بد من الحجز عليه فوراً لأنه لا يمكن لأي شخص أن يكون بـ"عقله الكامل" ويستمر في المكابرة بأنّ الوضع تحت السيطرة وبأنه يعلم جيداً ماذا يفعل. وهنا يضيف خليل:" ألا يوجد سلطات لتسأل سلامة عن حقيقة الأرقام الموجودة في مصرف لبنان، وإذا لم يُجب ألا يوجد قضاء لاستدعائه ومحاسبته؟". وفق خليل، يجب استدعاء سلامة ووضعه تحت الاعتقال بتهمة خيانة السلطة التنفيذية وعدم تنفيذ قراراتها. على حاكم المصرف المركزي أن يخضع للسلطة التنفيذية، إلا أنّ العكس ظهر في كل ممارساته وكل ما طلب منه، حيث تمرد على رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة والمجلس النيابي.
منذ تسلمه الحكم عمل على تبديد ودائع الناس وتوزيع أموالها
يسترجع خليل ما جنته يدا سلامة على مدى أكثر من عقدين من الزمن فيؤكّد أنّه قد يكون من الأسهل تعداد أين أصاب من أين أخطأ. مثال بسيط على أخطائه الكثيرة، بين عامي 1996-1997 قام سلامة بهندسات مالية أسوأ من تلك التي قام بها عام 2016 حيث رفع الفوائد على الليرة اللبنانية ليبقى سعر الصرف ثابتاً. وفق حسابات خليل، فإنّ كل ممارسات سلامة منذ تسلم الحكم كانت تصب في خانة تبديد ودائع الناس وتوزيع أموالها على المحاصصة السياسية، فسلامة كان شريكاّ للطبقة السياسية في ما وصلنا اليه اليوم. وهنا يربط خليل لامبالاة سلامة بتهديده لبعض الطبقة السياسية بعدم التجرؤ عليه انطلاقاً من "أنّ من سيحملني المسؤولية سيتحمل معي".
يشوعي: المطلوب تغيير سلامة
الخبير الاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي يؤكّد في حديث لموقعنا أنّ خطوة سلامة بتغيبه عن الجلسة لا تفسّر سوى أنها تهرب من الحضور لعدم امتلاكه شيئاً للدفاع عن نفسه، حيث فضّل الهروب من محاسبة النواب. من وجهة نظر يشوعي، فإنّ المطلوب اليوم تغيير هذا الرجل والاتيان بشخص آخر على سدة الحاكمية بعدما أثبت فشله، اذ لم يعد لدينا في لبنان لا أموال ولا حتى مصارف. على سلامة مغادرة الحكم من تلقاء نفسه في بلد تغيب فيه معايير الفشل والنجاح.
سلامة ورّط المصارف ويضعها في الواجهة
ويستغرب يشوعي قول سلامة بأن الأزمة وراءنا. يقول الخبير الاقتصادي:"كل ما نحن فيه من أزمات اليوم لا يوجد أزمة!". وفق يشوعي، يدّعي حاكم مصرف لبنان أنّ ودائع الناس في المصارف، سائلاً عن الغاية من مطالبته بها وكأنه يقول لنا: "إنني أخذت الأموال وتصرفت بها كما يحلو لي لكن في الأساس لم تضعوها في حوزتي بل في حوزة المصارف، ما يحتّم عليكم محاسبة المصارف وليس محاسبتي". هذا صاحب الضمير الحي يتكلم بهذه الطريقة -يضيف يشوعي- الذي يلفت الى أنّ سلامة ورّط المصارف ويضعها في الواجهة ويتبرأ من أي علاقة له ومسؤولية في هذا السياق وكأنه يقول :" أنا هكذا لماذا قبلت المصارف إعطائي الأموال".
حاكم البنك المركزي اللبناني لا يتّبع سياسة البنوك المركزية
ويلفت يشوعي الى أنّ حاكم مصرف لبنان ومنذ توليه سدة الحكم لم يصارحنا بالموجودات والأرقام. منذ عام 1993 وحتى اليوم لا يتحدّث بطريقة علمية وواقعية. بحسب يشوعي، فإنّ حاكم البنك المركزي اللبناني لا يتّبع سياسة البنوك المركزية، فسياسة النقد التي يتّبعها لا تشبه سياسة أي بنك مركزي، حتى أن سياسة الاستثمار ليست كسياسة البنوك المركزية. أكثر من ذلك، فإنّ المساهمة في النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل والمحافظة على الموارد البشرية وتعزيز الصادرات، كل هذه المؤشرات الاقتصادية كانت من مسؤولية سلامة لكنه لم يقم بها أبداً، يختم يشوعي.