خاص العهد
هكذا يمنع القانون اللبناني "دولرة" وزيادة الأقساط في الجامعات والمعاهد الخاصة
فاطمة سلامة
لم يكن ينقص اللبنانيين وسط كل الأزمات التي يعانون منها سوى "دولرة" العلم. الأخير ورغم أنه لم يعد يطعم "خبزاً" في لبنان وسط تفشي البطالة وتدني الرواتب بات عزيزاً على كثيرين. يريد البعض للعلم سواء عن قصد أو غير قصد أن يقتصر على فئة معيّنة، فئة الأثرياء. فبعد أن ضاع مستقبل آلاف الطلاب اللبنانيين في الخارج جراء سعر صرف الدولار الخيالي، يقف مستقبل عشرات الآلاف من الطلاب في لبنان على عتبة التهديد وسط توجه عدد من الجامعات والمعاهد الخاصة الى رفع الأقساط في بلد بات يحسب فيه حساب لسعر القلم والدفتر. الجامعة الأميركية في بيروت كانت أولى المبادرات لأخذ الطلاب نحو هذا الواقع وتهديد واقعهم التربوي. جامعات أخرى أبلغت طلابها أنّ أسعار الأقساط ستكون في الفصل الثاني "مدولرة" وفقاً لسعر المنصة، فيما يُتوقّع أن تكر السُبّحة وتُفتح شهية كثيرين على رفع الأقساط ما يهدّد الواقع التربوي بأكمله ويجعل العلم رهينة الابتزاز والفوضى.
ومنعاً لأخذ الطلاب والأهالي نحو واقع تربوي صعب، كانت كتلة الوفاء للمقاومة السباقة في تقديم اقتراح قانون معجل مكرر لوجوب استيفاء الأقساط في المؤسسات التربوية الخاصة بالليرة اللبنانية.
فما السياق القانوني لهذا الاقتراح؟ وهل يحق للجامعات والمعاهد الخاصة رفع الأقساط؟.
حمادة: مواد قانونية عدة تمنع استيفاء الأقساط في المؤسسات التربوية الخاصة الا بالليرة اللبنانية
عضو كتلة الوفاء للمقاومة وعضو لجنة التربية النيابية النائب الدكتور إيهاب حمادة يستهل حديثه عن "دولرة" الأقساط بالإشارة الى أننا حاولنا سابقاً الحفاظ على مستقبل آلاف الطلاب في الجامعات الخارجية عبر إقرار "الدولار الطالبي"، لكن للأسف لا يزال قسم من أولئك الطلاب خارج دائرة التسجيل لعدم قدرتهم المادية على الدفع وسط ارتفاع سعر صرف الدولار ما يهدّد مستقبلهم التربوي. إلا أنّ التهديد لم يتوقّف على طلاب الخارج بل بدأت بعض الجامعات والمعاهد التعليمية الخاصة في لبنان تنحو منحى "دولرة" الأقساط ما أوجد أزمة شبيهة بأزمة التعلم في الخارج مع فرق شاسع في الأعداد. وفق حمادة، نحن نتحدّث عن حوالى 70 ألف طالب في لبنان، بينما في الخارج نتحدّث عن نحو 10 آلاف طالب.
ومن هنا، كان لزاما ًعلينا -يقول حمادة- الذهاب باتجاه قانون يلزم هذه الجامعات والمعاهد استناداً الى خلفية قانونية بعدم استيفاء الأقساط الا بالليرة اللبنانية التي هي العملة الرسمية الوطنية، وهذا ما ينص عليه القانون اللبناني. وهنا يستشهد حمادة بالمادة الأولى من قانون "النقد والتسليف" التي تنص على العملة الوطنية اللبنانية، كما يستشهد بجزء من الفقرة 299 التي تنص في جزء منها على أن العملة الوطنية تتمتع بقدرة الإبراء على مستوى كل الأراضي اللبناني. كما أن المادة 192 تنص على استيفاء العقود بالليرة اللبنانية وهي تعرّض وفقاً للمادة 319 من قانون العقوبات كل من يخالف هذا القانون للسجن من ستة أشهر الى 3 سنوات والى غرامات مالية تبدأ من 500 ألف حتى مليوني ليرة لبنانية.
"دولرة" الأقساط تهدد الأمن القومي
ويشدّد حمادة على أنّ الاقتراح المعجّل المكرّر اعتمد على نصوص قانونية تمنع "دولرة" الأقساط داخل لبنان أو ربطها بأي سعر صرف للدولار سواء في المنصة أو غيرها، تماماً كما تمنع عزل العملة اللبنانية، فالقانون يعاقب على هذه الأفعال. أكثر من ذلك، يؤكّد حمادة أن "دولرة" الأقساط تأخذنا في القانون الى مادة العقوبات التي تعتبر هذا الفعل في إطار النيل من مكانة الدولة المالية ما يهدد الأمن القومي، وهذه التهمة "خطيرة" -برأي حمادة- الذي يوضح أنها أشبه بالخيانة ومن يخون بلده. العملة الوطنية هي رمز البلد، ولنتصور أنّ هذا الرمز الذي يمثل القدرة والاستقلال يهمّش. وفق حمادة، فإنّ التطاول على هذه العملة والاستهانة بها هو تطاول على البلد واستهانة به. وعلى الصعيد المعنوي، فإنّ هذا الأمر يشكل نوعاً من التعدي على المؤسسات والكيان في لبنان.
وفي سياق شرحه للاقتراح، يوضح حمادة أن كتلة الوفاء للمقاومة ذهبت الى الاقتراح المعجل المكرّر المذكور تحت كل ما سبق من عناوين قانونية، لذلك أعلنا بوضوح أنه يمنع على الجامعات والمدارس والمعاهد الخاصة "دولرة" الأقساط. وهنا يوضح حمادة أنّ هذه القضية خضعت لنقاش قانوني انتهى بالتأكيد أنّه حتى ولو وضع البعض منذ البداية قيمة القسط داخل العقد بالدولار فهذا الأمر يعاقب عليه القانون.
يمنع قانوناً رفع الأقساط حتى بالليرة اللبنانية
لكن قد تذهب بعض الجامعات الى رفع الأقساط بالليرة اللبنانية وليس الدولار؟ يجيب حمادة على هذا السؤال بالإشارة الى أنّ كتلة الوفاء للمقاومة أدرجت مرتكزا ثانيا في الاقتراح المعجل يُمنع فيه زيادة الأقساط حتى بالليرة اللبنانية كي تفوّت الفرصة على البعض باستخدام هذه الطريقة لزيادة الأقساط. وبحسب المتحدّث، نص الاقتراح على المؤسسات التربوية الخاصة الالتزام بلائحة الأقساط التي كانت معتمدة في عامي 2017-2018 لأن الدولار كان وفقاً لسعر صرف 1515 والأمور الاقتصادية كانت مستقرة.