معركة أولي البأس

خاص العهد

 اللقاحات الصينية والروسية فعّالة.. لماذا التعتيم عليها عالمياً؟  
25/12/2020

 اللقاحات الصينية والروسية فعّالة.. لماذا التعتيم عليها عالمياً؟  

فاطمة سلامة

يترقّب العالم بفارغ الصبر لحظة القضاء على فيروس "كورونا". الوصول الى تلك المحطة دونه العديد من العقبات. معركة القضاء على الفيروس الخبيث ليست سهلة، والاتكال يبقى على لقاح يثبت فعاليته بأمان دون مضاعفات وآثار خطيرة. وفيما يعيش العالم سباقاً محموماً أشبه بحرب اللقاحات حيث تتنافس الدول فيما بينها لنيل شرف المُنقذ من هذا الوباء العالمي، تتنوّع أسماء اللقاحات والهدف واحد. ولا يخفى على المطّلعين على عالم اللقاحات أنّ البعض يشن حملات إعلامية للترويح للقاحات معينة على حساب التعتيم على أخرى. اللقاحات الروسية والصينية إحدى اللقاحات التي لم تأخذ حقها كما يجب إعلامياً، رغم أنّ العديد من الدراسات أثبتت أنها لقاحات فعالة في مكافحة "كوفيد 19". في الصين، تتعدّد أسماء اللقاحات من لقاح "سينوفاك" الى "سينوفارم" وغيرهما من اللقاحات التي لا تزال قيد التطوير، لقاح "سينوفارم" على سبيل المثال حظي بتسجيل من قبل الإمارات بعد أن أظهر فعاليته بنسبة 86% في المرحلة الثالثة من التجارب. كما وافقت دول أخرى على استخدامه. وفي روسيا أيضاً، ثمّة لقاحات أثبتت فعاليتها بنسبة تزيد عن الـ90% كلقاح "سبوتنيك في" وهو أول لقاح مسجّل في العالم قائم على منصة "الفيروسات الغدية". 

السفير الصيني: النتائج الأولية للقاح الصيني مشجعة جداً
 
السفير الصيني في لبنان وانغ كيجيان يوضح في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ هناك عدداً من اللقاحات الصينية المرجّحة، وقد باتت في مراحل مختلفة من التطوير. واحد أو اثنان من هذه اللقاحات باتا في المراحل النهائية وهي مستعدة لطلب الموافقة عليها من السلطات الصينية. وفق السفير الصيني، في شهر تموز/يوليو بدأ الاستخدام العاجل للقاحات الصينية في الصين شأنها شأن العديد من اللقاحات التي تستخدم بشكل عاجل ولم يتم الموافقة عليه بشكل رسمي سواء من قبل الحكومات أو من قبل منظمة الصحة العالمية بانتظار أن توافق السلطات الرسمية عليها. وهنا يشير السفير الصيني الى أنّ الإمارات والبحرين وافقا على الاستخدام العاجل للقاح الصيني.

يتحدّث كيجيان عن فعالية لقاح "سينوفارم" الصيني، فيلفت الى التعاون القائم بين الصين والإمارات في المرحلة الثالثة حالياً من التجارب السريرية. يوضح أنّ النتائج الأولية الصادرة من الإمارات كانت جيدة ومشجعة جداً، آملاً أن يحصل هذا اللقاح على الموافقة من السلطات الرسمية الصينية.

هل تعتقد أنّ هناك ما يشبه حرب اللقاحات في العالم؟ يُجيب السفير الصيني في لبنان عن هذا السؤال بالإشارة الى أنّ استخدام كلمة حرب يجب أن يوجّه ضد الفيروس. وفق قناعاته، على جميع الدول التعاون لمكافحته، فاللقاح وسيلة فعالة في هذه المعركة. 

وفي الختام، يأمل كيجيان أن تنجح جميع اللقاحات في العالم حتى توفّر فرصة لمكافحة الوباء بشكل فعال لتقي الناس من الفيروس.

السفير الروسي: زوّدنا لبنان برسائل وجاهزون للتعاون 
 
السفير الروسي في لبنان ألكسندر روداكوف يؤكّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّنا أجرينا اتصالات مع كافة المعنيين في لبنان من وزارة صحة وخارجية وأودعناهم رسائل عن اللقاحات الموجودة لدينا. يكرّر روداكوف غير مرة أنّ روسيا قدمت كل الاقتراحات والمعلومات حول اللقاح الروسي للسلطات اللبنانية، معرباً عن استعداد بلاده وجهوزيتها للتعاون مع لبنان اذا كان لديه حاجة ويريد استخدام هذا اللقاح. 

 اللقاحات الصينية والروسية فعّالة.. لماذا التعتيم عليها عالمياً؟  

ويزوّدنا روداكوف بإحدى الدراسات التي نشرت سابقاً والتي قام بها مركز غاماليا الوطني لبحوث الوبائيات والأحياء الدقيقة التابع لوزارة الصحة في الاتحاد الروسي، والتي تؤكّد أنّ التحليل المرحلي الثاني لبيانات التجارب السريرية أثبت فعالية اللقاح بنسبة 95%، بشرط أن يتلقى الشخص الجرعة الثانية من اللقاح. وأشارت النتائج إلى أنّ فعالية "سبوتنيك في" كانت قد وصلت في اليوم 28 من تلقي الجرعة الأولى (اليوم السابع من تلقي الجرعة الثانية) إلى 91.4%، لكنها بلغت 95% في اليوم 42 بعد الجرعة الأولى (اليوم 21 بعد الجرعة الثانية)، بعدما يكون المتطوعون قد شكلوا بالفعل استجابة مناعية مستقرة.

حمية: حرب لقاحات يشهدها العالم
 
نائب رئيس لجنة علماء لبنان لمكافحة الكورونا (lscc) والمتخصّص في علوم الجزيئيّات الذرية والنانوتكنولوجيا الدكتور محمد حمية يلفت في حديث لموقع "العهد" الإخباري الى أنّ هناك العديد من اللقاحات حول العالم الذي يشهد حرب لقاحات منذ أشهر. يوجد 42 بروتوكول للقاحات تُجرى عليها الاختبارات. ثمانية من هذه اللقاحات وصلت الى النهائيات ووضعت على منصة "كوفاكس". وبحسب حمية، يُسلّط الضوء اليوم على لقاح واحد من أصل ثمانية هو لقاح "فايزر" بعد أن اعتمدته منظمة الصحة العالمية كـ"بروتوكول" بالدرجة الأولى وفرضته على بعض الدول. 

يتوسّع حمية في الحديث عن اللقاحات الصينية والروسية والتي تتميّز بالعديد من المميزات، فهي أقل خطورة من "فايزر" بنسبة كبيرة. العوارض التي تنتج عنها أقل بكثير من العوارض التي تنتج في بريطانيا وأميركا جراء استخدام "فايزر". وبحسب حمية تنحصر  هذه العوارض بأوجاع في اليد اليمنى والحرارة المرتفعة وهذا مبدأ معظم اللقاحات. وينوّه حمية بذكاء الروس والصينيين بعدم الاستعجال إعلامياً بل التفرغ لكتابة منشورات علمية هائلة عن لقاحاتهم عكس "فايزر" الذي نشر حوله منشور أو اثنان فقط. 

اللقاح الصيني.. المنشورات العلمية تؤكد أنّ نسبة النجاح عالية

ويوضح حمية أنّ لقاح "سينوفارم" الصيني استخدم منذ بداية انتشار الوباء، وعندما كانت الأرقام ثابتة في الصين كانت الدلائل العلمية تشير الى استخدام اللقاح. وهنا يشدد حمية على أنّ الصينيين اعتمدوا استراتيجية عدم الدخول بالمناكفات التجارية، بل اعتمدوا استراتيجية تطبيق القوانين على شعبهم لأنّ نسبة السكان لديهم مرتفعة جداً. وبحسب حمية، فإنّ المنشورات العلمية عن اللقاح كانت تؤكد أنّ نسبة النجاح عالية، فالصينيون لديهم أربعة أنواع للقاحات يعملون عليها. أحد أهم اللقاحات الموجودة لديهم هي اللقاحات التي تعتمد على الجزيئيات الميتة والفيروس الميت غير المتطور. هذا اللقاح يعتمد على مبدأ اللقاحات العادية عبر إدخال فيروسات الى الجسم غير متطورة أو ميتة. وفق حمية، طبّق الصينيون هذه اللقاحات واعتمدوها وهي تحتوي على نسبة من المواد السكرية والأملاح والجزيئيات، إلا أنّ الفارق بينها وبين اللقاحات الأخرى أنها لا تحتوي على جزيئيات دخيلة مقارنة بـ"فايزر" الذي يحتوي على معادن غير مؤكدة في هيكليته وجزيئيات قيل إنها سرية. 

اللقاح الروسي يمكّن الجسم من السيطرة بنسبة 90 بالمئة على الفيروس 

أما "سبوتنيك في" الروسي فيعتمد ـ بحسب حمية ـ على مبدأ الفيروس غير المتطور الذي لا يطور بهيكليته عندما يدخل الى الجسم، بحيث إنّ الخلية تتعرّف على الجزيئيات التي دخلت الى الجسم وتعطي مضاداً حيوياً نحن بحاجة اليه لمحاربة "كوفيد سارس" ما يمكّن الجسم من السيطرة بنسبة 90 بالمئة على قضية انتشار الفيروس بداخله.  

قوة إعلامية خفية تمسك بـ"فايزر" ولا تسمح بتسليط الضوء على اللقاحات الأخرى

وفي سياق مقاربته للقضية، يوضح حمية أنّ التعتيم جار على اللقاحات الروسية والصينية لأسباب واضحة، فشركة "فايزر" هي شركة خاصة، أما "سبوتنيك في" الروسي" فهو لقاح تابع لوزارة الدفاع الروسية وبالتالي هو لقاح حكومي، وهذا هو حال "سينوفارم" الصيني التابع لمنظمة حكومية. وفق حسابات حمية، فإنّ الشركات الخاصة تسيطر إعلاميا على المنظمات الحكومية. "فايزر" سيطر على الإعلام لأن مؤسس "مايكروسوفت" بيل غيتس يملك أسهماً فيه، وبحسب حمية، اذا لم يسلط الضوء على "سينوفارم" الصيني و"سبوتنيك في" الروسي  فهذا معناه أن هناك قوة إعلامية خفية تمسك بـ"فايزر" ولا تسمح بتسليط الضوء على اللقاحات الأخرى. والواضح -برأي حمية- أنّ الصينيين أكثر ذكاء من البعض الذي يعتمد على همجية تضع الناس أمام خيارين: إما أخذ اللقاح وإما الاستسلام للسلالة الجديدة التي سوف تقضي عليها. 
 
سكرية: لعدم الاتكال على لقاح واحد كي لا تصبح الدول رهينة لدول أخرى

بدوره، رئيس "الهيئة الوطنية الصحية الاجتماعية ـ الصحة حق وكرامة" الدكتور اسماعيل سكرية يرى أنّ هناك حرب لقاحات اقتصادية سياسية معنوية تسود في العالم. وفي خضم هذه الحرب، يشدد سكرية على ضرورة تنوع الخيارات أمام الشعوب وعدم الاتكال على لقاح واحد كي لا تصبح الدول رهينة لدول أخرى. يسجّل سكرية ملاحظاته على لقاح "فايزر وبيونتيك" إن لناحية الاستعجال في إنتاجه ما يثير التساؤلات ـ وفق رأيه ـ وإن لناحية الصعوبات اللوجستية.

وفي حديث لموقعنا، يؤكّد سكرية أنّ اللقاح الصيني جيد، وأثبت فعاليته بشهادة الامارات التي حجزته، وحتى اللقاح الروسي جيد أيضاً، فروسيا دولة عظيمة. وفق سكرية، يجب أن يكون لكل دولة حرية الاختيارات، فتفتح الباب للتنافس والتنوع والتقييم العلمي كي لا نكون رهينة لجهة واحدة تتحكم بمصيرنا اذ قد تعطينا دفعة من اللقاحات وتمتنع لاحقاً.

فيروس كورونا

إقرأ المزيد في: خاص العهد