خاص العهد
معركة كورونا..أطباء وممرضون يعملون فوق طاقتهم
فاطمة سلامة
يُحدّثنا أطباء وممرّضون عن إرهاق ما بعده إرهاق في رحلة المواجهة مع "كورونا". جلّ هؤلاء لا يعرف طعم الراحة. الحياة العائلية شبه معدومة. تأهب واستعداد متواصلين، وقلق شبه دائم على المحيط من تسلّل الجرثومة الخبيثة عبرهم. ومع احتلال لبنان قائمة الدّول الأكثر إصابات بالفيروس نسبة إلى عدد السّكان، يزداد الضّغط على الطاقم الطبي والتّمريضي الذي يخوض منذ 11 شهراً الحرب ضد "كوفيد 19" باذلاً جهوداً مضاعفة. وهو الأمر الذي يؤكّده نقيب الأطباء الدكتور شرف أبو شرف لموقعنا، فالطاقم الطبي والتمريضي يعمل بأقصى طاقته رغم الإصابات التي تتسلّل إلى صفوفه. وفق بو شرف، يوم بعد يوم يتعرّض هذا الطاقم لـ"ضربة" "كورونية" تجعل من الصعوبة بمكان تعويض غياب أفراده أو سدّ الفراغ الحاصل.
أبو شرف: الأطباء يعملون على مدار الساعة
ويلفت أبو شرف إلى أنّ القطاع الطبّي لم تُرهقه فقط هجرة الأطبّاء حيث هاجر حوالي 600 طبيب من ذوي الكفاءات، بل إنّ فيروس كورونا أرهق هذا القطاع، إذ لم يتسلّل إلى الأطباء الرئيسيين فقط -بحسب أبو شرف- بل حتّى المتمرنين. هناك حوالى 300 طبيب في الحجر المنزلي أو الإستشفائي. 20 طبيباً في العناية الفائقة، و10 أطباء توفوا. في المستشفى الذي أعمل به -يقول أبو شرف- هناك طبيبان في العناية الفائقة و17 طبيباً متمرناً في عداد المصابين ومثلهم في الحجر المنزلي. وهنا ينوّه أبو شرف إلى أنّ كافة الأطباء اليوم يشاركون في المعركة بمواجهة كورونا. هؤلاء لا يعرفون طعم الراحة. يعملون على مدار الساعة وهواتفهم لا تهدأ للردّ على اتصالات واستفسارات المواطنين وإعطائهم الإرشادات.
لم يعد هناك مكان لإدخال مريض إلى المستشفى رغم حاجته لها
ويؤكّد بو شرف أنّنا وصلنا إلى وضع يحتّم على الجميع التّعاون لتفادي هذه المرحلة الصعبة، خصوصاً أنّه لم يعد هناك أسرة شاغرة ما يزيد الضّغط أكثر فأكثر. لم يعد هناك مكان لإدخال مريض إلى المستشفى رغم حاجته لها. وهنا يكرّر أبو شرف مطالبته أي مستشفى لديها الإمكانية استحداث قسم لمرضى كورونا. تماماً كما يشدّد على ضرورة إلزام المستشفيات الخاصة التي أقفلت في البَداية بسبب كورونا على إعادة العمل، داعياً لتخفيف الضغط عن المستشفيات الخاصّة ودعم المستشفيات الحكومية، إذ هناك قسم كبير من المرضى لا يحتاج إلى عناية فائقة بل يكفي أن نقدّم له "الأوكسيجين" وبعض الأمور الإستشفائية ليتعافى، كما يُطالب بتجهيز المستشفيات القادرة على التّوسعة بأسرة عناية فائقة.
وفي الختام، يشدّد بو شرف على أنّنا مجبرين على التّعاون جميعاً، داعياً لفتح المجال أمام وصول اللّقاحات بأسرع وقت ممكن، وإلّا قادمون على مزيد من المصائب.
ضومط: الوضع "الكوروني" في لبنان يستدعي نزول كل ممرض وممرضة إلى العمل
نقيبة الممرضين والممرضات الدكتورة ميرنا ضومط تؤكّد لموقعنا ما يقوله بو شرف. القطاع الطبي والتمريضي يعيش ضغطاً كبيراً منذ نحو عام. الممرضون يعملون فوق طاقتهم رغم أنّ القطاع التمريضي لا يعاني نقصاً على الصعيد الوطني. لدينا أعداد كثيرة -تقول ضومط- التي توضح أنّ هناك 10 آلاف ممرّض في لبنان. 40 بالمئة منهم إمّا جالسون في المنازل بلا عمل أو يعملون بنصف دوام ونصف راتب، فضلاً عن أنّ هناك 1200 خريج جديد، يجب أن يبدأوا بالتمرّن. وفق ضومط، فإنّ الوضع "الكوروني" في لبنان يستدعي نزول كل ممرض وممرضة إلى العمل. إذا لم نقُم بهذا التّدبير لا يمكن استحداث أسرة جدد -تقول ضومط- التي تشدّّد على ضرورة أن تضغط الدولة على المستشفيات في هذا الإطار. كما تشدّد على ضرورة إعطاء المستشفيات حوافز لهؤلاء تفادياً للهجرة، فهناك 550 ممرضاً وممرضة هاجروا حتى الآن من الصف الأول ولديهم خبرات.
المستشفيات تسعى إلى التّوفير والإكتفاء بعدد قليل وهذا الأمر ليس آمناً ولا عادلاً
وفي سياق حديثها، تكرّر ضومط أنّ لدينا أعداداً كافية من الممرّضين والممرّضات على الصعيد الوطني، لكن على صعيد المستشفيات، فلا أعداد كافية تغطّي المزيد من الأسرة نتيجة السياسة التي اتّبعتها المستشفيات بالتّخلي عن القطاع التمريضي، والإكتفاء بفريق صغير. هذا الفريق تعب كثيراً -وفق ضومط- التي تلفت إلى أنّ الضغط كبير جداً حالياً. فالمستشفيات تسعى إلى التوفير والإكتفاء بعدد قليل لكن هذا التّصرف ليس آمناً وليس عدلاً، وعلى المستشفيات أن تبدأ بالتّوظيف. وفق ضومط، يعمل الطاقم التمريضي أكثر من طاقته خصوصاً أنّ هناك نقصاً حلّ بالممرضين والممرضات جراء الإصابات التي لحقت بهم، إذ لدينا 1500 ممرضاً وممرضة بين مصاب ومحجور ومتعاف، و4 شهداء.
وفي الختام، تشدّد ضومط على أنّ الضغط الحاصل يشكّل خطراً على كافة المرضى ومنهم مرضى كورونا.