خاص العهد
"الموتسيكلات" بين حقوق أصحابها.. وفوضى عدم الالتزام بالقانون
نور الهدى صالح
"رجاع حاجز" يصرخ سائق دراجة نارية لآخر، مشيرًا بيده إلى الخلف حيثُ دوّار المريجة. فيعود القادم بأدراجه من حيثُ أتى، يبتسم وهو في طريقه نحو الفرار تمامًا كمن يخاطب نفسه قائلاً "خي.. زمطنا." ليهرب بذلك من مصيدة القوى الأمنية للدراجات المخالفة.
مُصادرةٌ مباغتة لدراجات نارية وضبط لا حساب له. ما يجعل قلوب أصحاب "الموتسيكلات" عند بعضها في هذه المواقف، يقول جواد عسّاف. بالنسبة له فإن الحواجز التي تقوم بها قوى الامن متشددة. عسّاف الذي سجّل دراجته النارية ويمتلك كامل الأوراق القانونية، لا زال يتحاشى "الحواجز الطيّارة" خوفًا من أي افتراء!!. فيتبع بذلك المقولة الشهيرة "لا تنام بين القبور ولا تشوف منامات وحشة" يختم كلامه.
من وجهة نظر حسن سرحان الذي يقود دراجة من حوالي عشر سنوات، فإن الالتزام بالقانون هو رهين مراعاة وضع الشباب اللبناني. ويوضح كلامه مشيرًا إلى "أهمية خفض كلفة رخصة الدراجات النارية، فليس من العدل أن تكون تكلفة الرخصة تساوي نصف سعر الدراجة النارية."
ويعدد سرحان بعضًا من حسنات الدراجة النارية، كالتوفير المادي في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة. "فكلفة البنزين تعدّ أقل من كلفة السيرفيس أو الفان للذهاب إلى العمل يوميًا." هذا بالاضافة إلى عامل الوقت، فتوفير الأخير بات مطلبًا ملحًّا مع وجود أزمة السير المزمنة في شوارع بيروت والضاحية الجنوبية. يعلّق " توصل ب5 دقايق ولا تقضّي نهارك عالطريق."
الموتسيكلات التي يجدها أصحابها نعمة، يراها آخرون نقمة في الشوارع. رندا على سبيل المثال، والتي تقود سيارة منذ أكثر من عشرين عامًا، تمتعض من أساليب قيادة بعض أصحاب الموتسيكلات التي تظهر فجأة بين السيارات، وتتمايل بسرعة مجنونة ما قد يعرضها لحادث اصطدام. كذلك تشير إلى تصرفات بعض سائقي الدراجات النارية الضخمة التي تتسابق على الطرق السريعة كأوتوستراد خلدة والأوزاعي. بما في ذلك الحركات البهلوانية التي تعيق السير وتربك أصحاب السيارت. لذلك تطالب الدولة بالقيام بطرق خاصة للموتسيكلات، مشيرة إلى "أهمية أن تتحرك الدولة لوقف هؤلاء ومحاسبتهم، وهي بتضييقها على المخالفين تؤمن مصلحة المواطنين جميعًا."
قوى الأمن والبلديات: تعاون مستمر لوقف المخالفات
"تنتهي حريتي عندما تبدأ حقوق الآخرين. "هكذا يعبّر رئيس اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية الأستاذ محمد درغام لـ"العهد" عن رأيه في مسألة التزام الدراجات النارية بالقانون. ويفسّر مقولته من منطلق أنّ استهزاء بعض الشبان بالقانون لا يعرض الشباب إلى المشاكل والحوادث وحسب بل يجعل أصحاب السيارات أحيانًا تدفع ثمن إهمالهم. فإثر أي حادث بين الدراجة النارية والسيارة، "تبتلي السيارات، لأن أي حادث بين سيارة قانونية وموتسيكل غير مسجل لا يغطيه التأمين وإن كان الموتسيكل هو السبب."
درغام الذي يؤكّد على التنسيق الدائم بين البلديات والقوى الأمنية في قمع المخالفات، يشدد على استمرارية التعاون مع قوى الأمن الداخلي، لاسيما بحملات المصادرة الفجائية. ويشير إلى بعض الأرقام التي سجلتها مُصادرة الدراجات المخالفة منذ بداية شهر شباط 2019، والتي وصل عددها إلى حوالي 134 دراجة.
وتعليقًا على إنشاء حيّز خاصة للدراجات النارية، فيعترف درغام أن دراسة المشروع أخذت وقتًا كبيرًا. "لكننا لم نوفق بهذا الموضوع، فالطرقات في لبنان بأغلبيتها غير مؤهلة لذلك، والأمر يستلزم ازالة السيارات المصفوفة إلى جانب الطرقات واستحداث مواقف بديلة، ما يجعلنا في مشكلة أخرى لعدم القدرة على توفير تلك المواقف."
ويرى درغام أنّ الخطوات الاساسية للحد من المخالفات تكمن في وضع آلية مدروسة لتسجيل الدراجات النارية من المحلات التي تبيعها. "فملاحقة تسجيل الدراجات من مصدرها الأساسي كالمحلات والمطار يجعل المخالفات أقل. ويجد درغام أن تأمين النقل العام المشترك يعدّ حلاً آخر للمشكلة، حيثُ أنّه يؤول إلى الاستغناء عن القيادة اليومية للسيارات والموتسيكلات والفانات ويغنينا عن المخالفات كما يحل أزمة السير في لبنان."