خاص العهد
فوضى في عالم المواقع الإلكترونية: هل يكون الحل بالقانون؟
فاطمة سلامة
مع تحول الوجهة الإعلامية من الإعلام التقليدي نحو الإعلام الإلكتروني، انتشرت المواقع الإلكترونية في السنوات الأخيرة كالنار في الهشيم. أيُعقل أن يبلغ عدد المواقع الإلكترونية في لبنان الألف ومساحة هذا البلد لا تتجاوز الـ10452 كم2؟ للأسف، سهولة إنشاء هذه المواقع وعدم خضوعها لقانون يرعاها جعلها تنبت كالفطر، وجعل أي كان قادرا على إنشاء صفحة الكترونية والتحكم بمضمونها كيفما يحلو له،ً كما جعل الفوضى متحكّمة في عمل الكثير منها.
ولا غرابة أن نسمع بين الحين والآخر بأسماء مواقع غريبة عجيبة تنشر معطيات ومعلومات تنسبها لمصادر لا أساس لها من الصحة. ففي خضم الفوضى الحاصلة بات بإمكان الهواة أن يحولوا أنفسهم الى جهابذة في الإعلام يكتبون ويحللون وينشرون بعيداً عن أي مصداقية أو موضوعية. بعض المواقع ينسج قصصاً من نسج الخيال لأهداف فتنوية لا تراعي أدنى معايير أخلاقيات المهنة الإعلامية. وبعض المواقع يتقن ثقافة النسخ واللصق من دون التحري عن مصدر الخبر ودقته، وهذا الأمر يجعل معظم المواقع الالكترونية متشابهة لناحية الأخبار التي تنشر. بعض المواقع يعمد الى فبركة الأخبار الأصلية لزيادة عدد القراء. ذلك الهدف يدفع بمواقع كثيرة الى فعل أي شيء حتى ولو كان "محرماً" في مهنة الإعلام. وللأسف، قلّة في عالم المواقع الالكترونية من تتقن مهنة الإعلام المسؤول بضمير حي وسط غياب القانون.
الحاج حسن: المواقع الإلكترونية قاربت الألف ولا قانون يرعى هذا القطاع
هذا الواقع دفع المعنيين الى العمل لإعادة تنظيم قطاع المواقع الالكترونية في لبنان عسى ولعلّ تتمكّن من الحد من الفوضى الحاصلة. وفي هذا الإطار، تقدّم رئيس لجنة الإعلام والاتصالات النيابية النائب الدكتور حسين الحاج حسن باقتراح قانون حول "تنظيم المواقع الالكترونية الاعلامية". هناك طفرة في عدد المواقع الالكترونية التي قاربت الألف موقع الكتروني، وفق ما يقول الحاج حسن لموقع "العهد" الإخباري. هذه المواقع بلا قانون يرعاها على غرار المطبوعات الورقية التي تخضع لقانون المطبوعات، والإعلام المرئي والمسموع الذي يخضع لقانون صدر في التسعينيات. منذ ذلك الوقت -يقول الحاج حسن- لم يصدر أي قانون ينظّم عمل الإعلام الالكتروني الذي ظهر في العقد العشرين. وهنا يوضح الحاج حسن أن هناك اقتراحاً أعدته لجنة الإعلام والاتصالات النيابية السابقة ولا يزال عالقاً في لجنة الادارة والعدل التي لم تنته منه بعد. وفي الوقت نفسه، لا يجوز الاستمرار بهذا الواقع حيث توجد طفرة بالمواقع بدون أي مرجع قانوني.
إشكالات عدة حصلت في السنتين المنصرمتين تستدعي تنظيم عمل المواقع
ويؤكّد الحاج حسن أنه ونتيجة لعدة إشكالات حصلت في السنتين المنصرمتين خصوصاً في السنة الأخيرة، تقدمت بهذا الاقتراح الى رئيس مجلس النواب نبيه بري والى لجنة الاعلام والاتصالات على أن تتم مناقشته في اللجنة. ولا يخفي الحاج حسن أنه كان بصدد تقديم الاقتراح منذ عامين، لكن لجنة الادارة والعدل تأخرت في دراسة قانون الاعلام الكامل والذي يشكّل اقتراح "تنظيم المواقع الالكترونية الاعلامية" جزءاً منه، ونتيجة لهذا التأخر -يقول الحاج حسن - تقدمت باقتراح قانون مستقل.
سألناه: "هل سنشهد إلغاء لبعض المواقع الإلكترونية في حال أقر اقتراح القانون؟"، فأجاب الحاج حسن:" اذا لم يكن الموقع مستوفياً للشروط بالتأكيد سيلغى". لكن الحاج حسن يستطرد بالقول: "نحن تركنا الكثير من المساحة للحرية بالتزامن مع التنظيم". ويوضح رئيس لجنة الإعلام والاتصالات أنّ أول شرط للحصول على رخصة لأي موقع يكمن في إعطاء علم وخبر إلى المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع، وتضمينه اسم صاحب الموقع ورقم هاتفه والبريد الإلكتروني وتحديد الشخص المسؤول، والالتزام بقوانين المرئي والمسموع.
ورداً على سؤال حول خطورة ظاهرة تفشي المواقع الإلكترونية بالشكل الذي نراه اليوم والفوضى الحاصلة، يقول الحاج حسن :" عندما تخضع المواقع الإلكترونية لقوانين المرئي والمسموع معناها أنها ستخضع للقانون". ولا يخفي الحاج حسن أن هناك مشكلة كبيرة في الإعلام ككل والبلد ككل، ولكن في نهاية المطاف يجب أن يكون هناك مستند قانوني تُنشأ على أساسه المواقع الإلكترونية.
وفي الختام، يتمنى الحاج حسن أن يتمكّن القانون بعد إقراره من تنظيم الفوضى الحاصلة حالياً لأن القانون هو جزء من منظومة تنظيم أي قطاع.