خاص العهد
آخر سفير لسوريا في أنقرة: لا يستطيع اردوغان احتلال بلد ببناء جامعة
محمد عيد
كشف آخر سفير لسوريا في تركيا قبل القطيعة الدبلوماسية بين البلدين الجارين الدكتور نضال قبلان، عن الأسباب "السياسية والنفسية والتاريخية" التي جعلت الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يوقع شخصيًا على "مرسوم" إنشاء جامعة تركية في بلدة الراعي السورية تتبع لجامعة اسطنبول وهو أمر يرتبط بـ "حلم استعادة أمجاد العثمانيين التاريخية".
أحلام عثمانية لا تموت
استفاد الدكتور نضال قبلان كثيرًا من خلفيته الإعلامية الكبيرة التي ساعدته في أن يكون سفيرًا ناجحًا ومخلصًا لوطنه سوريا في تركيا، التي عاش فيها مرحلتين متناقضتين وصفت الأولى والتي امتدت لسنتين بالمزدهرة قبل أن تنحو تركيا باتجاه التصعيد السافر في علاقتها مع جارتها الجنوبية التي عانت كثيرًا من سياسة الدعم اللامحدود للإرهابيين، وعاش خلالها قبلان مدة ستة أشهر دافع فيها عن بلده ما وسعه لسانه وقلبه قبل أن تقطع العلاقات نهائيًا بين البلدين، ويعود السفير إلى بلده ليمارس فعل الدفاع عنه ولكن من بوابة الإعلام هذه المرة.
وفي حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري، تطرق قبلان الى إنشاء جامعة تركية في حلب على نحو غير شرعي وغير قانوني معتبرًا أن "هذا الفعل هو انعكاس لشخصية أردوغان المصابة بجنون العظمة وهاجس ووهم إحياء الإمبراطوريه العثمانيه وهو الذي لا يتعلم من دروس التاريخ ولديه عناد يصل حد المرض، وأنا أتكلم من معرفتي الشخصية به واجتماعاتي العديدة معه كسفير لبلادي لأكثر من عامين ونصف في تركيا في المرحلة الذهبية وفي الستة أشهر الأولى من بداية الحرب على سوريا".
السفير السوري السابق لدى أنقرة أكد أن "افتتاح الجامعة في بلدة الراعي - وهي بلدة صغيرة وإحصاءات عام 2004 تشير إلى أن تعداد سكانها حوالي 15000 نسمة، وهي تقع حوالي ستين كيلو متراً شمال شرق حلب وهي بلدة فقيرة تعتمد على الزراعة - يصرف في السياسة على النحو الذي يحاولون من خلاله إحياء هذه المناطق لتحقيق المخطط العثماني منذ ما قبل بداية الحرب على سوريا وهو قضم أجزاء من الأراضي السورية.
وأضاف "شاهدت خرائط عند معارضين لأردوغان بمن فيهم بعض ضباط الاستخبارات العسكرية تظهر جيوبًا مرسومة وجاهزة للخرائط التي تنطوي على أطماعهم ودليل ذلك موضوع المخيمات الذي تحدثنا فيه طويلاً، ما حدث في بلدة الراعي هو خرق للقوانين الدولية مثل باقي الخروقات في عفرين وأعزاز".
ورأى أنه "بعد توقيع أردوغان للمرسوم بشكل شخصي بات يتحمل كرئيس لتركيا أي تبعات قانونية قد تترتب على مثل هذا الخرق الذي يعد انتهاكًا لكل المواثيق والاتفاقيات الدولية وبالتالي فإن أي رد سوري "على هذه الانتهاكات الآن أو بعد شهر أو بعد سنة أو عشر سنوات لا يسمح لأحد بلوم الحكومة السورية".
السفير السوري السابق طرح السؤال التالي: "لماذا ألحق أردوغان هذه الجامعة باسطنبول وليس بجامعة أخرى خصوصًا أن لديهم 110 جامعات ومعاهد في تركيا؟"، وتابع "لا يستطيع اردوغان أن يحتل بلدًا ببناء كلية أو جامعة أو إنشاء معبر كذلك الذي دشنه أيضًا في بلدة الراعي الحدودية قبل ثمانية أشهر والذي شهد سابقة خطيرة تمثلت في قيام وزير الداخلية التركي بزيارة بلدة الراعي السورية بشكل غير نظامي حيث عبر الحدود تهريبًا، وهذه أول مرة "يزور" فيها وزير تركي سوريا منذ بداية الحرب عليها بطريقة غير شرعية".
سياسة التتريك ممنهجة
قبلان جزم بأن ما يحاول أردوغان فعله هو الاحتفاظ بأكبر عدد من الأوراق على مائدة التفاوض في الربع ساعة الأخيرة، معتبرًا أن عام 2021 هو عام الحسم بشكل أو بآخر، ونحن منذ بداية الأزمة تعلمنا من دروس التاريخ والحروب التي حصلت في أكثر من منطقة في العالم تقريبًا أن هناك دورات عشرية تكون على مدى الأزمات يعني من 2011- 2021.
السفير قبلان تحدث لـ"العهد" عن طبيعة السياسة التركية ومراميها والآليات المتبعة في ذلك "وبالمناسبة هم غيروا إسم البلدة كما كل المناطق التي يدخلونها انسياقًا مع سياسة العثمانيين التي تتمحور حول التتريك وترغيب وترهيب الناس وسجن أي معارض أو قتله والكرم من غير جيوبهم "القطريين والخليجيين بشكل عام" على الناس الموالين لهم"، مشيرًا إلى أن التركي لا يدفع ليرة تركية واحدة لإرهابي أو عميل أو خائن بل هي أموال العرب للأسف وأموال التسول على محنة اللاجئين بعدما قبضوا مليارات الدولارات هم وبقية دول الجوار وأي شخص يدخل يسمونه لاجئا ولو دخل ليشتري بضاعة أو معه مال أكثر ممن يستقبلونه على الحدود في هذا البلد أو ذاك".
السفير قبلان أشار إلى أن مثل هذه المعارضة التي ارتمت في أحضان العثماني أو غيره وباعت وطنها وكرامتها وشرفها وهللت في أكثر من مناسبة لاعتداءات صهيونية على سوريا ولاستشهاد ضباط وعناصر في الجيش السوري دفاعًا عن سوريا، الشعب السوري لن يتقبلهم حتى لو صدر عفو بشأنهم.