خاص العهد
"مصارف التمويل الأصغر": إنعاش للطبقة الفقيرة في سوريا
محمد عيد
القانون الذي أصدره الرئيس بشار الأسد والذي يسمح بتأسيس "مصارف التمويل الأصغر" التي تمنح قروضًا تشغيلية للأفراد تصل قيمتها حتى خمسة عشر مليون ليرة سورية حوالي "خمسة آلاف دولار" يفتح باب الأمل أمام الطبقة الفقيرة لإنشاء مشاريع اقتصادية صغيرة تحسن دخل الأسرة بشكل ملحوظ إذا ما أحسن استخدام هذا القرض وتوظيفه بالشكل الأمثل.
تحويل الأجير إلى مالك
كان اليأس قد أخذ بمحمد كل مأخذ، فضيق الحال أجبره على البقاء أجيرًا في فرن للمعجنات. أتقن الشاب عمله وباتت فطائره مشهورة في كل أنحاء دمشق، لكنه بقي يشعر أن سقف طموحاته محدود، وأن خبرته الطويلة في هذا المجال تعود بالفائدة على صاحب المحل أكثر منه بكثير الأمر الذي رأى فيه "إجحافًا" بحقه، فبقي يتحين الفرص لإنشاء مشروع محل الفطائر الخاص به إلى أن وصل إلى مسامعه خبر إصدار الرئيس بشار الأسد قانون تأسيس مصارف التمويل الأصغر التي ستسمح له لاحقًا بالحصول على قرض مالي جيد سيضاف بطبيعة الأحوال إلى مدخراته القليلة ليبدأ بعدها مشوار العمل لحسابه الشخصي ويتحول إلى مالك محل.
العبرة في التطبيق
يرى الخبير الاقتصادي عمار يوسف أن فكرة قانون تأسيس مصارف التمويل الأصغر قد جاءت في توقيتها المناسب نتيجة لتراجع الواقع المعيشي للمواطن السوري بعد الحصار الجائر المفروض على سوريا واشتداده، خصوصًا في السنتين الأخيرتين.
وفي حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري أمل يوسف أن يصار إلى تسريع إجراءات حصول المواطنين على القرض وبشروط ميسرة وفقًا لنص القانون الذي سمح بذلك ودون أن تغرق الموافقات في بحر "الروتين والإجراءات الإدارية المعقدة" التي غالبًا ما تطبع المعاملات الرسمية وتخرج القوانين الموضوعة بعناية عن الأهداف التي وضعت لأجلها.
الخبير الاقتصادي حذّر كذلك من اضطرار المواطنين للحصول على هذا القرض من أجل إيفاء الديون المترتبة عليهم نظرًا للواقع المعيشي الصعب الذي استهلك مدخراتهم وكلفهم الاستدانة مطالباً بأن تلحظ الحكومة ذلك وتبادر إلى الحصول على ضمانات عبر آليات رقابية لا تحفظ "الغاية" من المشروع دون أن تضيق على المواطن صاحب القرض.
يوسف أكد أن فكرة قانون "مصارف التمويل الأصغر" تعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح تعزز المشاريع الصغيرة لذوي الدخل المحدود والتي غالبًا ما تكون "جدواها" على المواطن أكثر بكثير من المشاريع العملاقة التي تستهلك الأموال الوطنية قبل أن تعيقها العقوبات الخارجية التي يبقى تأثيرها محدوداً على "المشاريع المحلية الصغرى" بحيث تحرك عجلة الاقتصاد الحقيقي الذي يعود نفعه على الجميع.
يوسف تمنى كذلك أن يصار إلى رفع قيمة القرض بحيث يتجاوز مبلغ الخمسة عشر مليون ليرة سورية خاصة وأن قيمة الليرة قد تراجعت الأمر الذي أفقد القرض بعضا من قيمته لكنه مع ذلك بقي دواء ناجعًا للفقر ويمكن أن يوجه له الضربة القاضية إذا ما أدارت الحكومة والمواطن معًا معركتهم مع الظروف المعيشية القاسية التي تعيشها سوريا.