معركة أولي البأس

خاص العهد

تونس وسوريا.. حرب واحدة على الإرهاب
10/03/2021

تونس وسوريا.. حرب واحدة على الإرهاب

تونس - روعة قاسم

يحتفي التونسيون هذه الأيام بالذكرى الخامسة لملحمة بن غردان الأبيّة التي دحر فيها الجيش التونسي عصابات "داعش" الإرهابية وأسقطوا مخططها الرامي لإقامة إمارة في الجنوب التونسي. ففي يوم السابع من مارس / آذار من سنة 2016 فُوجئ أهالي بن غردان بهجوم مباغت لجماعة ارهابية تسللت من الجوار الليبي وأطلقت على نفسها اسم مجموعة "البتّار" كانت تنوي تنفيذ حلمها بإقامة امارة داعشية في تونس، ولكن ثلاثة أيام من المواجهات الدامية كانت كافية للقضاء على الإرهابيين وارجاعهم الى جحرهم.

وتكمن أهمية هذا الانتصار ودلالاته لكونه ساهم في قلب موازين هذه الجماعة الإرهابية في المنطقة ككل وذلك في واحدة من أهم المعارك التي خاضها الجيش التونسي ضد التكفيريين.

تحول في استراتيجية الإرهابيين

لقد تحولت استراتيجية "داعش" الإرهابي من محاولة إنهاك الجيش الوطني عبر العمليات الانتحارية والتفجيرات المتنقلة الى محاولة إقامة إمارة "داعشية". ولكن بن غردان أسقطت حسابات "الدواعش" الذين اعتقدوا أن هذه المنطقة الحدودية مع ليبيا هي رخوة بما يكفي للتسلل وتنفيذ مخططهم الشيطاني وبثّ سمومهم في عقول أبنائها. فمقاومة وصمود أهالي المنطقة ولحمتهم مع أبناء الجيش الوطني مثّلا رسالة شديدة الأهمية للداخل والخارج. وقد شهد العالم برمته بعدسات الكاميرا تفاصيل هذا النصر الذي لا يزال ماثلًا في أذهان كل التونسيين الذين قدموا شهداء في هذه المعركة فداء لوطنهم.

ويقول أمين عام "حركة الشعب" زهير المغزاوي لـ "العهد" إن هذه المعركة بيّنت أن تونس مستهدفة من الإرهاب لذلك فانه على الدولة التونسية أن تقيم علاقاتها الدولية والخارجية على هذا الأساس، فنحن في حركة الشعب نعتقد بأنه في هذا العالم هناك أطراف داعمة للإرهاب ومستفيدة منه وهناك أطراف تحارب الإرهاب ومتضررة منه وتونس من ضمن هذه الدول. وهذا ما دفعنا للمطالبة بإرجاع العلاقات مع سوريا".

 ويوضح المغزاوي أن "الجماعات نفسها التي تقتل وتدمّر في سوريا، هي نفسها الموجودة في تونس، وكذلك شيوخ الإفتاء الذين يفتون ويشجعون على القتل والدمار هم أنفسهم يستهدفون كلا البلدين، لذلك فإن المخطط يستهدف الأمة العربية والإنسانية قاطبة".

وبحسب المغزاوي فإن "تونس بجيشها وشعبها نجحت في صدّ الجماعات الإرهابية وإسقاط مخططها الرامي لإقامة الإمارة الداعشية بسويعات قليلة. وتمّ إجبار الإرهابيين على الفرار من بن غردان وقتل العديد منهم واعتقال بعضهم، وهو نصر عظيم لشعب تونس وأمنها وجيشها والمعركة متواصلة".
   
أسباب عميقة

وبعد خمسة أعوام يتأكد اليوم أن الأمن الشامل ليس رهينة المؤسسة الأمنية والعسكرية فقط بل هو مرتبط بالتعاون الوثيق أيضًا بينها وبين المؤسسة السياسية وكذلك تعاون المواطنين الذين ضحى بعضهم بحياته من أجل أرضه ووطنه وذلك من أجل الكشف عن مخابئ الإرهابيين.

ولا يمكن التغافل عن الأسباب العميقة التي يستغلها الإرهابيون للتغلغل في الأماكن المهمشّة منذ سبعين عامًا. فالسلطات التونسية لم تقدم لهذه المناطق الحدودية الشيء الكثير، اذ لم تؤسس فيها المصانع الضخمة ولم تشجع على الاستثمارات، مع ما يسبّبه ذلك من ارتفاع نسب البطالة. فنصف شباب هذه المناطق الداخلية عرضة للبطالة وعرضة لإغراءات المهرّبين وربما الإرهابيين الذين قد يعرضون عليهم خدمات مقابل أموال وغيرها.

ومهما يكن من أمر، فإن شعب تونس أثبت من خلال هذه الملحمة أنه لا مكان للإرهاب والتكفيريين في هذا البلد، وأنه مهما طالت المعركة مع هذه الجماعات التي تستهدف الأمة قاطبة إلا أن الشعب التونسي سينتصر عليها، وسيبقى يوم السابع من آذار / مارس عالقا في ذاكرة أبناء بن غردان الذين دفعوا أرواحهم في سبيل النصر على الإرهاب وحماية قدسية تراب الوطن.

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل