خاص العهد
مصادر قضائية لـ"العهد": مافيا تبييض الأموال كبيرة جداً ويجب أن تحاسب
فاطمة سلامة
منذ بداية أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار، والتحذيرات تتوالى من أداء مريب يسرّع انهيار العملة الوطنية. من يراقب مسار الارتفاع الخيالي لسعر صرف الدولار لا يكتشف الذرة حين يقول أنّ سعر الصرف لا يخضع لقاعدة العرض والطلب. ثمّة سياسة نقدية غير سليمة اتبعها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة برزت معالمها في جملة تعاميم فاقمت الأزمة. وفي المقابل، ثمّة اتهامات وجّهت لسلامة ومعه جملة أشخاص من أصحاب مصارف وصرافين بوضع كل "ثقلهم" في سوق المضاربات. كما وجهت التهم اليهم بتحويل وتهريب الأموال الى الخارج لتشتد نار الأزمة ونشهد كل هذا الانهيار الدراماتيكي في سعر الليرة اللبنانية، ما يضع هؤلاء حكماً في دائرة المساءلة القضائية. وهو الأمر الذي تولّت متابعته النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون. فما أبرز المعطيات في هذا الملف خصوصا بعد تطورات الأيام الماضية؟.
مصادر قضائية: في حال لم يحضر سلامة المرة القادمة سيبنى على الشيء مقتضاه
مصادر قضائية تشدّد في حديثها لموقع "العهد" الإخباري أننا أمام ملف كبير وشائك يحتاج الى الكثير من العمل. تؤكّد المصادر أنّ هناك مافيا كبيرة جداً وقوية ومحمية من بعض القضاة تورطت حتى العظم في جرم زعزعة استقرار النقد الوطني. تشير المصادر الى أنّ القاضية عون استدعت بملف التحويلات المالية الى الخارج صيارفة وحاكم مصرف لبنان. الأخير امتنع -كما بات معروفاً- عن الحضور لأسباب أمنية كما تذرع، وأرسل وكيله المحامي شوقي قازان لتؤجل عون جلسة الاستماع الى الأسبوع المقبل. وفي هذا السياق، توضح المصادر أنه في حال لم يحضر سلامة المرة القادمة سيبنى على الشيء مقتضاه.
سلامة سخّر كميات كبيرة من الليرة اللبنانية لصحناوي وغيره للمشاركة في المضاربة وتشدد المصادر على أنّه وبناء على المعطيات الموجودة فإن سلامة متورط بتبييض الأموال والتحويلات المالية، وقد سخّر لرئيس مجلس إدارة بنك "SGBL" أنطوان الصحناوي وغيره من أصحاب المصارف كميات هائلة من الليرة اللبنانية الموجودة في مصرف لبنان دون أي حس بالمسؤولية ودون أي حدود. وفق المصادر القضائية، فإنّ التهمة في هذا الصدد تدخل في إطار تبييض الأموال لأنه من غير المعروف كمية الأموال التي أعطاها سلامة لبنك "SGBL" وغيره من المصارف، اذ لا قيود ولا إيصالات ولا مستندات. وتسأل المصادر: أليس سلامة هو المسؤول عن سلامة النقد فكيف يعطي الصحناوي وغيره كميات كبيرة من الليرة يومياً للمشاركة في "المضاربة" بالسوق السوداء وبالتالي التورط بزعزعة الليرة؟. وفق المصادر، لو أنّ حاكم مصرف لبنان لم يُسخّر كل هذه الليرات للصحناوي لما سحب الأخير كل هذه الدولارات من السوق.
عون ستستدعي مصارف أخرى وصرافين
وتوضح المصادر القضائية أنّ الصحناوي الذي استدعته القاضية عون والذي لم يحضر مرسلاً موكله المحامي آلان بو ضاهر، أخذ كميات كبيرة من الليرة من البنك المركزي منذ أواخر عام ٢٠١٩ واستعمل قسما منها في المضاربة ما أدى الى تدني قيمة العملة الوطنية وزعزعتها حيث اشترى الدولار وفقاً لأسعار متعددة منها ١٥٠٠ ليرة و٣٠٠٠ ليرة. وهنا تلفت المصادر الى أنّ القاضية عون ستحقق مع الصحناوي وفقاً لقانون تبييض الأموال، لافتةً الى أنها ستستدعي مصارف أخرى بعد وصول معلومات حول تورطها بجرم تبييض الأموال.
وفيما تلفت المصادر الى بلاغ "البحث والتحري" الذي أصدرته القاضية عون بحق الصحناوي لأنه امتنع عن الحضور، أشارت الى أنه لم يقدّم عذراً قانونياً بل عمد موكّله الى رمي طلب الرد في وجه القاضية عون تحت ذريعة "الارتياب المشروع" متهماً اياها بالفساد والغش وعدم النزاهة وعدم الاستقلالية. وهنا توضح المصادر أنّ القاضية عون ستتابع الملف حتى النهاية وأنّ البلاغ مدته شهر، وبعد هذه المدة ستحدد الخطوات اللاحقة.
وفي الختام، تلفت المصادر القضائية الى أنّ هذا الملف سيبقى محل متابعة، فهناك جهات أخرى سيتم استدعاؤها تباعاً من صرافين وشركاء، مكررةً في النهاية القول "المافيا كبيرة جداً ويجب أن تحاسب".