معركة أولي البأس

خاص العهد

 تخوف من
27/03/2021

 تخوف من "الموجة" الثالثة..والبزري لـ"العهد": قادمون على أيام صعبة ودقيقة

فاطمة سلامة

لم يعد خافياً أن لبنان يتجّه لوضع أكثر خطورة في سياق المواجهة مع كورونا. يتردّد مؤخراً أنّ لبنان سيشهد "موجة" جديدة يزداد معها عداد الإصابات. تأتي "الموجة" وسط تأزم الوضع نتيجة جملة عوامل تنذر بالأسوأ."استهتار" الناس يجتمع مع قدرات رسمية محدودة، يضاف الى ذلك المشكلات التي تواجهها حملة التلقيح، والقدرة الاستيعابية المحدودة للمستشفيات. كل هذه العوامل وغيرها، تجعل المواجهة مع "كوفيد 19" دقيقة وصعبة. الأمر الذي يجعل التزام المواطنين بالقواعد الاجرائية الوقائية البسيطة حبل نجاة، وإلا سيتسع "البيكار" وسيحصد الفيروس المزيد من الوفيات.

البزري: قادمون على أيام صعبة ودقيقة

رئيس اللجنة الوطنية لإدارة لقاح "كورونا" الدكتور عبد الرحمن البزري يلفت في حديث لموقع "العهد" الإخباري الى أننا قادمون على أيام صعبة ودقيقة. مقبلون على "موجة" ثالثة، وهو أمر يحصل عادة بعد الإقفال العام، حيث نعتبر أنفسنا أننا سيطرنا على الفيروس، فتتفلّت الأمور ويقوى فيها الانتشار. هل ستكون أعداد الإصابات أكثر من الحالية؟، يتمنى البزري أن لا تزداد الأرقام بشكل كبير ولكن لا شيء يمنع من ذلك.

 تخوف من "الموجة" الثالثة..والبزري لـ"العهد": قادمون على أيام صعبة ودقيقة

فشل في إقامة التوازن بين فتح البلاد والحفاظ على الأمن الصحي

ويوضح البزري أنّ وضع لبنان دقيق نظراً لعدة عوامل مجتمعة. ثمّة فشل في إقامة التوازن بين فتح البلاد والحفاظ على الأمن الصحي؛ ففي كل مرة يفتح فيها البلد تزداد الحالات، وفي كل مرة يُقفل فيها البلد يُصار الى الضغط على الناس اقتصادياً واجتماعياً وسط ظروف معيشية صعبة وانهيار في سعر العملة الوطنية. يجري إقفال البلد فيقل عدد الحالات ويرتاح القطاع الصحي قليلاً، لتعود الأمور الى التأزم حال فتح البلد. يؤكّد البزري أننا نعيش اليوم السيناريو نفسه، فيما حاولت  اللجنة الوزارية أمس الجمعة التعلم من الخطأ الأول والكبير الذي ارتكب عندما فتحت البلاد في عيدي الميلاد ورأس السنة ما دفع الى اتخاذ المجلس الأعلى للدفاع القرار بإقفال البلاد في الأعياد كافة.

لا نعلم نتائج فتح المجتمع والمدارس

لا ينكر البزري أن الاقفال بفترة الأعياد ربما يفيد، ولكن السؤال: ما العمل ما بين الأعياد خاصة أننا مقبلون على شهر رمضان وغيره من المناسبات؟. كما يلفت البزري الى أنّ عامل فتح المدارس يُضاف الى عامل فتح البلاد ما قد يُفاقم الوضع، خاصة أن وزارة التربية وضعت نصب عينيها فتح المدارس في حال جرى إعطاء اللقاح للمعلمين. ولكن المشكلة -برأي البزري- ليست في المعلمين، اذ ان انتقال الفيروس في المدارس يتم من قبل الطلاب الى الأهل والعكس. لذلك، فإنّ فتح المدارس مرتبط بوضع المجتمع ككل. إذا كان لدى المجتمع مناعة مجتمعية والتزام من قبل الناس تكون المدارس آمنة. وعليه، فإننا لا نعلم نتائج فتح المجتمع والمدارس وكيف سيؤثر هذا الأمر على مسار الأمور.

حملة اللقاح الجيدة لم تعط ثمارها بعد

بالإضافة الى المشاكل التي ذكرها البزري آنفاً، ثمّة مشكلة تتعلّق باللقاحات. حملة اللقاح المنظَّمة والجيدة لم تعط ثمارها بعد، فرغم أنّ الدولة حجزت كمية جيدة من اللقاحات، الا أن هناك تخلف من قبل الشركات الدولية التي لم تسلم الكميات الموعودة في وقتها، فيما تسلم "فايزر" الكميات الموعودة، ولكن هذه الكميات لا تكفي لوحدها. كان من المفترض أن ترسل شركة "أسترازينيكا" كميات من اللقاح لكنها لم ترسل، كما أنّ منصة "كوفاكس" كان من المفترض أن تؤمّن نهاية الشهر 340 الف جرعة، لكنها لم ترسل منهم سوى 34 الف جرعة أي 10 بالمئة من الكمية. معنى ذلك أنّ كمية اللقاحات قليلة، وهذا الأمر يضغط على البرناج اللقاحي وسط شح في اللقاحات. حتى أنّ القطاع الخاص دخل الآن على خط الاستيراد ولكن بكمية خجولة تبلغ 50 الف جرعة دون معرفة ما اذا كانت ستتكرر أسبوعياً أم لا.

المسؤولية مشتركة بين الدولة والناس

وفي معرض حديثه عن المشكلات التي يتخبّط بها لبنان خلال معركته مع كورونا، لا يخفي البزري أنّ ثمة تقاذف مسؤوليات حيث أنّ الحكومة ترمي المسؤولية على الناس، والناس ترمي المسؤولية على الحكومة. وبرأي البزري، ثمّة مسؤولية على الجهتين. المواطنون يعلمون ما الذي يفيدهم ويضرهم، لكن البعض "يستهتر" لأسباب قد لا تكون منطقية. وهنا يتطرق البزري الى نقطة مهمة، فحتى لو تطورنا بعملية التلقيح بسرعة، بإمكاننا التخفيف عن المواطنين ولكننا لا نحل كل المشكلة، لان لا تلقيح بلا تباعد اجتماعي أو التزام بالتعليمات والإرشادات التي يجب أن يلتزم بها المواطن.

حمية: في كل بلد قد تظهر عشرات التعديلات على الفيروس

لدى سؤاله عن فلسفة "الموجة" الثالثة، يوضح نائب رئيس لجنة علماء لبنان لمكافحة الكورونا (lscc) والمتخصّص في علوم الجزيئيّات الذرية والنانوتكنولوجيا الدكتور محمد حمية أنّ مصطلح "الموجة" ليس مصطلحاً علمياً بل مجتمعياً. لفهم فلسفة "الموجة" الجديدة، يمكن الاستعانة بالنظرة العلمية التي تقول أنّ ثمّة تعديلا يحصل على الطفرات الجينية لفيروس كورونا بشكل تلقائي، وهذه التعديلات تنشأ في أكثر من بلد حول العالم وفي وقت قصير. وفق حمية، في كل بلد يظهر تعديل ينتج عنه نسخاً من الفيروس تعدّل في طفرتها، اذ في كل بلد قد تظهر عشرات التعديلات على الفيروس.

 تخوف من "الموجة" الثالثة..والبزري لـ"العهد": قادمون على أيام صعبة ودقيقة

"الموجة" الجديدة هي إعادة دخول وانتشار الفيروس بهيكلية جديدة

وبحسب حمية، تعود هذه التعديلات لمرحلتين:

المرحلة الأولى؛ تتمثل في التعديلات الجينية للفيروس بحد ذاته، وهو التعديل الأكثر فتكاً وانتشاراً نظراً لأنه ينتشر بشكل أسرع من قبل ويفتك بكبار السن. وتبرز هذه المرحلة في تكرار التعديلات الطفرية وظهور مستجدات جديدة عليها وتغيير جزئي في هيكليتها، وهنا يأتي مصطلح "الموجات". يوضح حمية أنّه يتم استخدام مصطلح "موجة" لأنه أسهل في الشرح للناس من كلمة تعديل طفري جيني، والموجة باختصار:" إعادة دخول وانتشار الفيروس بهيكلية جديدة".  

أما المرحلة الثانية؛ فتتمثل في تعديل الطفرات في بلدان متعددة، أي ينتقل التعديل من بلد لآخر.

ويشدّد حمية على أنّ النظرة العلمية تقول أنّ "الموجات" المتكررة تعود لهيكلية تصرف المجتمعات وليس للفيروس بحد ذاته، فلو أنّ الفيروس عدّل من طفرته وتعامل معه المجتمع بمسؤولية لانحسر في مكانه ولم ينتشر.

لا نستطيع التنبؤ بأرقام الإصابات

وحول أرقام الإصابات المحتملة في "الموجة" الجديدة، يلفت حمية الى أن النظر الى الهيكلية أفضل من النظر الى الأرقام. يشدّد على أننا لا نستطيع التنبؤ بأرقام الإصابات طالما أننا في مرحلة الانتشار ومعظم الأجسام تعرفت على الفيروس. وهنا يستشهد حمية بالدراسات التي تشير الى أنّ 20 بالمئة من سكان الأرض سيمر عليهم فيروس كورونا، موضحاً أنّ إصابة بعض الأشخاص بكورونا مرة ثانية تؤثر على الأرقام خصوصا أن معظمهم يصاب بلا عوارض وينقل العدوى، ومن سيدفع الثمن هم أصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن.

وفي الختام، يشدد حمية على أنّ الهلع لم يعد مطلوباً، لأن الخوف الزائد وارتفاع الأدرينالين في الجسم قد يؤثر على المناعة. علينا بالحذر الشديد والوقاية لننجو.

فيروس كورونا

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل