خاص العهد
أزمة المستلزمات الطبية تستفحل.. الجراحات مهدّدة!
هبة العنان
منذ بداية الأزمة ينازع القطاع الطبي حتى يكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة. من انقطاع الدواء وحليب الأطفال إلى الشح الحاصل في المستلزمات والأجهزة الطبية، يعيش المواطن بشكل يومي حالة قلق مستمرة خوفًا من أيّ عارض صحي يُجبره على زيارة الطبيب والبحث عن الدواء المقطوع أو دخول غرفة العمليات الجراحية التي تُعاني من نقص في أساسياتها.
وكما كل أزمة، يشكّل مصرف لبنان اللاعب الأساسي المُساهم في تفاقم مشكلة مستوردي المستلزمات الطبية. العام الماضي بدأت النداءات والصرخات لنجدة هذا القطاع قبل فوات الأوان، لكن المعنيين لا يكترثون لخططٍ وضعها المستوردون تمنح الاستقرار للقطاع وترشّد الدعم المخصص له.
التحذيرات التي يُطلقها الأطباء والمواطنون بشكل يومي من أجل تفادي أي حادث أو عارض صحي، كلها مرتبطة بانقطاع مستلزمات أساسية تتعلق بعمليات جراحية في العظام (البراغي والمفاصل الاصطناعية، أو عمليات القلب (القسطرة الخاصة بالقلب والأوعية الدموية، أو حتى المتطلبات التي يحتاجها المريض عادة في حالات التخدير (قسطرة المسالك البولية وقسطرة الجهاز الهضمي).
وفي هذا السياق، أكدت رئيسة تجمّع نقابة مستوردي المعدات والأدوية الطبية سلمى عاصي في حديث لموقع "العهد الإخباري" أن بعض المستشفيات تعاني شحًا في هذه المستلزمات وليس انقطاعها، موضحة أن "المستوردين يعانون من مشاكل في التسليم، خصوصًا أن بعض المستشفيات لا قدرة لها على الدفع بالدولار لأسباب عديدة".
وذكرت عاصي أن "المستوردين وقّعوا على تعهدات أمام المستشفيات، تُجبرهم على التعويض لها بعد تحصيل فواتيرهم من مصرف لبنان، لقاء دفعها ثمن المستلزمات بالدولار"، مضيفة أنه "على الرغم من ذلك وصلنا إلى حائط مسدود وبتنا عاجزين على الاستمرار، خصوصا أن المصرف المركزي رفض فواتير وطلبات الكثير من الشركات بشكل عشوائي من دون أي سبب".
وحول المخزون الموجود لدى الشركات، أشارت عاصي إلى أن "حجمه يتفاوت بين شركة وأخرى، فهناك شركات استطاعت تحصيل فواتيرها من المصرف وأخرى لا تزال تنتظر ذلك منذ أكثر من عام ونصف".
وقالت "إننا منذ أكثر من عام ونصف نناشد ونطلق الصرخات ونحذر كي لا نصل إلى ما نحن عليه اليوم"، مضيفة أن "كل المناشدات والاجتماعات التي عُقدت لم تثمر ولم تنتج أيّ حلٍّ يحرّك عجلة عملنا".
وتابعت "سبق أن قلنا إن قطاعنا طيّ النسيان ولا أحد يبالي في حلّ أزمة المستلزمات الطبية على الرغم من انّها توازي بأهميتها أزمة الدواء"، مبيّنة "أننا خلال اجتماعنا الأخير يوم الإثنين الماضي مع لجنة الصحة النيابية، جرت مصارحتنا بأن قطاعنا ليس من أولويات المعنيين وهو في الدرجة الثالثة لناحية ضرورة المعالجة الفورية، وقد أكدنا رفضنا ذلك بشكل قاطع".
وختمت مشيرة إلى أننا "كمستوردين محاصرون دون أن نملك أيّة قدرة على حلحلة الأمور"، وقالت: "على الرغم من كل ما نعانيه، يرفض المعنيون رفع الفاتورة الاستشفائية أو وضع آلية عمل معينة لتمرير الفواتير أو العمل باللائحة التي جرى وضعها منذ شهر شباط/فبراير الماضي أو حتى التواصل معنا. أُقفلت جميع الأبواب في وجهنا وتركنا وحيدين نواجه أزمة كبيرة".
جراحة العظام مهدّدة
وفي سياق متصل، تحدث الطبيب علي شمس الدين وهو متخصّص في جراحة العظام والمفاصل لـ"العهد" عن معاناة يعيشها الأطباء بشكل مستمر من أجل تأمين المستلزمات الطبية الخاصة بعملياتهم الجراحية، وقال "إننا نواجه نقصًا وشحًا في قياسات محددة، وجودها في غرف العمليات أساسي قبل البدء بالعملية".
وأضاف "الأسبوع الماضي فقدنا قياسيات معينة لمفاصل خاصة بعملية في عظام اليد، وتطلّب الأمر التواصل مع أكثر من 3 شركات مستوردة للمستلزمات من أجل تأمين القياس المطلوب قبل البدء بالعملية"، وأسف لـ"أننا وصلنا إلى مرحلة بتنا نعتمد وسائل وأساليب قديمة من أجل العلاج بعد أن وصلنا إلى فترات كنا نُنافِس خلالها دولًا متقدمة في المجالات الطبية".
وذكر شمس الدين أن "الشركات المستودرة غير قادرة على استيراد كميات إضافية من المعدات والمستلزمات، بسبب تعليق فواتيرها في مصرف لبنان"، لافتًا إلى أن "المستشفيات لا تمتلك الحلّ، ولا قدرة لها على تحمّل أعباء جديدة".