معركة أولي البأس

خاص العهد

هل سيسهم إعطاء المودعين
04/06/2021

هل سيسهم إعطاء المودعين "دولار فريش" بخفض سعر صرف الدولار؟ 

فاطمة سلامة

كلّ وملّ لسان الخبراء الاقتصاديين من مطالبة النظام المصرفي وعلى رأسه مصرف لبنان بضرورة إعطاء المودعين ولو جزء يسير من أموالهم بالدولار النقدي. هذه الخطوة بنظرهم تشكّل بداية الحل التي ستسهم في انخفاض سعر صرف الدولار. المقاربة المذكورة طُرحت منذ بداية الأزمة أي قبل عام ونصف وجرى تكرارها مرارًا. إلا أنّ المعنيين صموا آذانهم مرتكبين أفظع وأشنع الارتكابات بحق المودعين الذين وجدوا أنفسهم يتسوّلون أموالهم وشقاء عمرهم بالقطارة مع "تربيح جميلة". اليوم، وبعد كل هذه الأشهر التي تقهقرت فيها الليرة اللبنانية ومعها القدرة الشرائية يُحكى عن توجه لإعطاء المودعين جزءاً من أموالهم بـ"الفريش" دولار شهريًا وجزءًا بالليرة اللبنانية. طبعًا، هي خطوة تأخرت كثيرًا وكان يجب أن تتم سابقًا لكبح جماح الارتفاع الخيالي بسعر صرف الدولار. وعليه، هل ستسهم هذه الخطوة المتأخرة -إن حصلت فعلًا- في خفض سعر الصرف؟ أم أنها ستفشل وسط الحديث عن رفع الدعم وتداعياته الكبيرة لجهة ازدياد الطلب على الدولار النقدي في السوق السوداء؟. 

رمال: المبلغ لا يحل الأزمة 

عضو المجلس الاقتصادي الاجتماعي الخبير الاقتصادي عدنان رمال يرى في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ ثمّة سباقًا بين "الكابيتال كونترول" الموجود حاليًا في مجلس النواب والذي يقضي بإعطاء المودعين 10 ملايين من الودائع الدولارية و20 مليون من الحسابات بالليرة اللبنانية، وبين صدور "تعميم" عن المجلس المركزي في مصرف لبنان يقضي بإعطاء المودع  412 دولارا بالدولار "الفريش" و400 دولار وفق سعر المنصة، وسط نقاش لم يُحسم حول ما اذا كانت الـ400 وفق سعر الـ3900 ليرة أم سعر منصة "Sayrafa" أي 12 الف ليرة. لكن بكل الحالات -يرى رمال- أنّ القيمة الفعلية ستكون للدولار "الفريش".

هل سيسهم إعطاء المودعين "دولار فريش" بخفض سعر صرف الدولار؟ 

ويرى رمال أنّ السبب الأساسي للتوجه نحو إعطاء المودعين دولارات "فريش" يكمن في التوجه نحو رفع الدعم، وتعثر البطاقة التمويلية التي لم يتم إيجاد مصادر تمويل لها. وعليه من الصعوبة إقرارها في مجلس النواب، لذلك ثمّة توجه نحو إعطاء الدولارات مقابل رفع الدعم مباشرةً، لكنّ ذلك -برأي رمال- لا يحل الأزمة لأن الـ400 دولار تشكّل مبلغًا صغيرًا للمودعين ولا تغطي حاجاتهم الاستهلاكية والغذائية فالتضخم سيزداد مع رفع الدعم. 

الخطوة لا تقدّم ولا تؤخّر على سعر صرف الدولار

يعود رمال ويكرّر: "صحيح أن خطوة إعطاء المودعين دولار "فريش" أفضل من لا شيء لكنها لا تقدّم ولا تؤخّر على سعر صرف الدولار". وفق رمال، فإنّ التوقعات التقنية والعلمية لا التكهنات تشي بأنّ رفع الدعم سيساهم في تضخم الأسعار مباشرة ما يرفع أسعار الصرف بعد أن يصبح لدينا طلب أكبر على سعر صرف الدولار في السوق السوداء. وهنا يشير رمال الى أنّ مصرف لبنان عمل على تغطية حاجة السوق العام الماضي بستة مليارات دولار، فيما جرى تأمين باقي المبلغ من السوق السوداء. أما هذا العام فمصرف لبنان -وفق رمال- بالكاد يغطي مليارين الى ثلاثة مليارات دولار من حاجة السوق والبقية سيتم تأمينها من السوق السوداء ما يزيد الطلب على الدولار ويرتفع سعر الصرف.

وفي معرض إشارته الى أنّ إعطاء الدولار "الفريش" لن يحل الأزمة، يلفت رمال الى أنّ بعض المواطنين لا يملكون ودائع بالدولار، وعليه قد يتم تأمينهم من خلال قرض البنك الدولي البالغ 246 مليون دولار والذي يغطي 150 الى 200 الف عائلة، بينما البطاقة التمويلية كانت من المرجح أن تغطي 850 ألف عائلة. وفق قناعات رمال، فإنّ الوديعة حق للمودع، ومبلغ الـ400 دولار لا يشكّل شيئًا، لكنه يسأل: "من أين ستعطى الودائع؟". برأيه، فإنّ جمعية المصارف لديها تحفظات لجهة أن تتحمل بمفردها التسديد، وتقول أن لا أموال لديها وأنّ أموالها في مصرف لبنان مطالبة الأخير بأن يسدّد لها الأموال لتسدّد للناس ليبقى المواطن الحلقة الأضعف للأسف في هذا الجدال الدائر" يختم رمال. 

يشوعي: الخطوة تساعد قليلًا على استقرار سعر صرف الدولار وليس خفضه

بدوره، الخبير الاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي يشدّد في حديث لموقعنا على أنّ توفير الدولار النقدي يشكّل عاملًا مساعدًا لليرة اللبنانية وللمواطنين خصوصًا أننا في بلد استيرادي وثمة أمورا كثيرة نضطر الى صرفها بالدولار أو بالسعر الحقيقي. بالنسبة ليشوعي، من شأن هذه الخطوة أن تساعد قليلًا على استقرار سعر صرف الدولار، وليس خفضه لأننا من ناحية أخرى نعمل على تكبير الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية لدى دفعنا الأموال على سعر منصة "Sayrafa".

هل سيسهم إعطاء المودعين "دولار فريش" بخفض سعر صرف الدولار؟ 

ويشدّد يشوعي على أنّ رفع الدعم إن لم يترافق مع توفير دولارات نقدية في جيوب الناس سيؤدي الى ثورة اجتماعية. سألناه: لكن ليس كل الناس تمتلك الدولارات، فأجاب أنّ ثمّة مليون مودع في المصارف اللبنانية، أكثر من 90 بالمئة منهم يملكون العملة الأميركية. برأيه، اذا توافر ولو جزء يسير من ودائع الناس نقدًا فهذا سيحقق العدالة الاجتماعية بحيث يحصل الجميع على الدولار النقدي بشكل مباشر. 

كيف سيُموّل الدفع؟ 

لكن يشوعي يشير الى ما يشاع حول مصدر الدولارات التي ستعطى للمودعين. المعلومة التي يتم تداولها من بعض المراجع الرسمية تقول إنّ مصدر هذه الدولارات هيو زيادة رساميل المصارف في الداخل، فالمصارف نظريًا يجب أن تزيد رساميلها 4 مليارات دولار فيما يقال إن هذا الأمر تحقّق، لكن وفق يشوعي هذه الزيادة في رأس المال لم تتم نقدًا بل تمت عبر أراض وقروض من حسابات دفترية للمساهمين لشركاتهم، وعليه لا يمكن تسييلها وبالتالي فالمعلومة التي تقول إنّ المصدر هو زيادة رساميل البنوك غير صحيحة وفيها الكثير من المغالطات. 

كما يشير يشوعي الى معلومة أخرى يتم تداولها تفيد أنّ مصدر الأموال من الـ3 بالمئة التي طلب من المصارف إيداعها نقدًا لدى المصارف المراسلة. لكن يشوعي يؤكّد أنه في حال جرى استعمال أجزاء من هذه النسبة فهذا الأمر حساس جدًا بالنسبة للبنوك المراسلة التي لن يعود لديها أي حماس للقيام بالمدفوعات الخارجية للاستيراد، وبالتالي لا يزال مصدر إعطاء المودعين أموالهم مجهولًا الا اذا كانت من أموال الناس.

بإمكان سلامة أن يحل الأزمة في 24 ساعة 

ويلفت يشوعي الى أننا ندفع ثمن سياسات البنك المركزي الذي بإمكانه أن يحل الأزمة خلال 24 ساعة. يتوجّه يشوعي الى حاكم البنك المركزي رياض سلامة بالقول: "أنت مديون للمصارف والأخيرة مديونة للناس، فلترد 5 مليارات للمصارف من الـ15 مليار دولار أي رصيد أموال المودعين الموجودة في البنك المركزي والمصارف ترد بدورها الأموال للناس بسقوف معينة وتحل الأزمة". وفق يشوعي، فإنّ سلامة الذي يتذرع بأنه لا يريد المس بالاحتياطي سبق ومسّ بـ 75 مليار دولار، وعليه، يستطيع أن يأخذ من الـ15 مليار دولار وهذا الأمر لا يتطلب لا مجلس نواب ولا ترشيد دعم ولا بطاقة". بحسب يشوعي، فإنّ قانون "النقد والتسليف" لا يُلزم البنك المركزي بالاحتفاظ باحتياطي الزامي كنسبة من العملة الصعبة بل بالودائع من العملة المحلية.
 

الدولارمصرف لبنان

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة