خاص العهد
التدقيق الجنائي..هيئة التشريع والإستشارات تتسلّم العقد المعدّل وهذه شروط الشركة الجديدة
فاطمة سلامة
قبل نحو 11 شهرًا أقرّت الحكومة اللبنانية التدقيق المالي الجنائي والمحاسبي في حسابات مصرف لبنان. قيل حينها إنّ هذا التدقيق سيشكّل حجر أساس الإصلاح في لبنان. الأداء المريب للبنك المركزي فتح الباب واسعًا أمام جملة تساؤلات تبدأ حول مصير أموال المودعين ولا تنتهي عند السياسة النقدية وتداعياتها الكارثية. وعليه، كان القرار بالتعاقد مع شركة "ألفاريز آند مارسل" للبدء بالمهمة من مصرف لبنان لتشمل لاحقًا الوزارات والمصالح المستقلة والصناديق والمؤسسات العامة. إلا أنّ الخطوة اصطدمت بعصي مصرف لبنان. لم يكن لدى الأخير نيّة بالتعاون مع الشركة فقرّر إسقاط التدقيق بالضربة القاضية. راوغ ولم يُجب الشركة على أسئلتها متذرّعًا بعدم قدرته على تلبية طلباتها بحجّة "السرية المصرفية". انسحبت الشركة من التدقيق قبل أن تنتفي ذريعة سلامة مع إقرار مجلس النواب في 21 كانون الأول 2020 قانون تعليق "السرية المصرفية". حينها، أبدت الشركة استعدادها للتعاون مجددًا مع لبنان، فأين أصبح التدقيق الجنائي ومتى سينطلق؟.
مصادر: تعديلات جديدة طلبتها الشركة بانتظار رأي هيئة التشريع والإستشارات
تؤكّد مصادر فاعلة على خط المفاوضات مع الشركة لموقع "العهد" الإخباري أنّ شركة "ألفاريز آند مارسل" طالبت بتعديلات على العقد السابق مع لبنان تمثلت بالآتي:
1- الحصول من الجانب اللبناني على 400 ألف دولار كمبلغ إضافي على المبلغ المذكور في العقد السابق ليصبح مليونين و750 ألف دولار.
2- الحصول على 150 ألف دولار كتعويضات لإنهاء العقد الأول، على أن تصدر الشركة أول تقرير خلال 12 أسبوع من بدء المباشرة بالعمل.
وتلفت المصادر لموقع "العهد" الإخباري الى أنّ وزارة المالية أرسلت التعديلات الجديدة الى رئاستي الجمهورية والحكومة لاستطلاع رأيهما، فكان الجواب بضرورة إرسال العقد المعدّل الى هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل لإبداء رأيها به. وبحسب المصادر، أرسلت وزارة المالية أمس الخميس (10 حزيران 2021) العقد الى هيئة التشريع والإستشارات بانتظار دراسته من الناحية القانونية وإبداء الرأي به ليُبنى على الشيء مقتضاه. وفق المصادر، في حال وافقت الهيئة على العقد المعدّل يتم إبلاغ الشركة بالموافقة لتباشر العمل فورًا.
صالح: المماطلة التي تحصل مع شركة التدقيق مقصودة
بدوره، يتحدّث مدير المحاسبة العامة السابق في وزارة المالية أمين صالح عن أهمية التدقيق الجنائي، فيلفت في حديث لموقعنا الى أنّ التدقيق الجنائي ليس شيئًا مستحدثًا لا في علم القانون ولا في علم التدقيق المحاسبي والمالي. يُعرف هذا النوع من التدقيق في علم القانون باسم الجرائم المالية، كما يعرف في مواضع أخرى بالتدقيق التشريحي. تكمن أهميته في التدقيق بأي مؤسسة من مؤسسات القطاع العام والخاص لكشف عمليات الاحتيال والنصب والتزوير أو القيام باي عمليات مشبوهة من شأنها الحاق الضرر بالمؤسسة والمساهمين والملاّكين بطريقة غير مشروعة.
ويوضح صالح أنّ التدقيق الجنائي موجود في لبنان، ففي القطاع الخاص ثمة من يدقق بالحسابات في المحاكم العدلية وغيرها لاستطلاع ما اذا كان هناك عمليات دعاوى بين أفرقاء معينين، وفي القطاع الحكومي هناك أجهزة متعددة من الرقابة وصلاحياتها الكشف عن عمليات الاحتيال والتزوير والسرقات. ديوان المحاسبة على رأس تلك الأجهزة حيث يُدقق في حسابات الدولة والمؤسسات العامة والبلديات والإتحادات ويتأكد من صحة استخدام الأموال العمومية، كما يتأكد من أنّ هذه الأموال استخدمت بطريقة مشروعة وفقًا للقوانين لمحاكمة المسؤولين عن سوء استخدام الموارد المالية المتاحة لأي وحدة من وحدات القطاع.
ويشدّد صالح على أنّ التدقيق في مصرف لبنان لا يحتاج الى قانون، ولا يتطلب شركة خاصة أصلًا، بل ثمّة صلاحيات لمفوّض الحكومة. بإمكان الأخير الإطلاع على كل المستندات والقرارات المتعلقة بمالية المجلس المركزي ولديه صلاحية تعطيل أي قرارات خاطئة. ثمّة صلاحية لديوان المحاسبة للتدقيق بكل وارادات الخزينة من ضمنها الأرباح التي يحصل عليها من أرباح القطع أو فروقات القطع أو فروقات الذهب الموجودة في البنك المركزي.
يبدو صالح متشائمًا لجهة انطلاق التدقيق في مصرف لبنان. برأيه، المماطلة التي تحصل مع الشركة مقصودة، والتدقيق لن ينطلق فلا أحد يريد الكشف عن حقيقة الوضع المالي، مع الاشارة الى أن التدقيق لا يتطلب لا قانون "رفع السرية" ولا شركة، فالعملية مكشوفة ومعروفة. ثمة هدر أموال، فعندما يشهد البنك المركزي كل هذه الخسائر الفادحة وهو المسؤول الأول في لبنان عن سلامة النقد وسلامة الاستقرار النقدي والاقتصادي، فهذا معناه أنّ المصرف ارتكب خطأ فادحًا بالتعاون مع السلطة النقدية يجب أن يحاسب عليه.