معركة أولي البأس

خاص العهد

30/07/2021

"متطوعو" الدّفاع المدني يُسعفون الدولة ولا تُسعفهم

فاطمة سلامة

في عزّ الأزمات والكوارث، يبرز اسم المديرية العامّة للدّفاع المدني في المقدّمة. متطوعو هذه المؤسسة في حالة تأهب دائمة لردّ الأذى عن المواطنين على اختلاف مناطقهم. يملك هؤلاء من الشجاعة والقوّة والإيثار ما يجعلهم يحملون دمهم على كفّهم ويُضحّون بأنفسهم في الكثير من الأحيان لإنقاذ حياة الآخر. إلّا أنّ التّعاطي الرّسمي مع هؤلاء للأسف لم يرقَ إلى المستوى المنطقي في بلد تغيب فيه خطط إدارة الكوارث ويضطر فيه هؤلاء إلى المخاطرة بأنفسهم دون تجهيزات كافية.

شواهد وأمثلة عدّة خاطر فيها هؤلاء بحياتهم. أحدث تلك الشواهد الحرائق التي تشهدها عكار والهرمل والتي لم يشهد لها مثيل من قبل ما يُعيد الحديث عن حقوق متطوّعي الدّفاع المدني سيّما بعد ما يُقارب السبع سنوات على إقرار مجلس النواب القانون رقم 289، والذي ينصّ على تعديل هيكلية الدفاع المدني عبر "تثبيت متطوّعي وإجراء ومتعاقدي الدّفاع المدني". وللأسف، جرى تطبيق القانون في الجزء المتعلّق بالمتعاقدين، لكنّ المتطوّعين لا يزالون رهن الإهمال وخارج دائرة الإهتمام بذريعة عدم توفّر تغطية الرواتب والتي قدّرتها المديرية بحوالي 70 مليار ليرة. فأين أصبح تثبيت المتطوّعين؟ ولماذا لم ينفّذ حتّى اليوم؟.

الملاح: بانتظار تأمين الأموال لإجراء المباراة المحصورة

المتطوع في الدّفاع المدني يوسف الملاح يوجز في حديث لموقع "العهد" الإخباري قصّة القانون المُقر لافتًا إلى أنّه قانون لإعادة هيكلة الدّفاع المدني وتثبيت الأجراء والمتعاقدين وهذا ما حصل فعلًا حيث جرى توقيع ثلاثة مراسيم من أصل أربعة. المرسومان الأول والثاني استفاد منهما الأجراء والمتعاقدون حيث باتوا في ملاك الدولة. أمّا الثالث فيتعلق بقبول إجراء مباراة محصورة للمتطوعين، والرابع -الذي لم يوقّع- يتعلّق بتطبيق المباراة. ويوضح الملاح أنّ تثبيت المتطوعين بملاك الدولة عبر إجراء مباراة محصورة لهم يخوّلهم أن يصبحوا كأي عسكري في سلك الدولة له حقوقه كالطبابة والإستشفاء وما إلى هنالك. وهنا يشدّد الملاح على أنّنا بانتظار تأمين الأموال لإجراء المباراة المحصورة لحوالى 2500 متطوع، لافتًا إلى أنّ الدّفاع المدني قدّر ميزانية تثبيت هؤلاء عام 2014 بنحو 70 مليار ليرة، فلو جرى توظيف المتطوعين لما كلّفوا الدولة مئة ألف دولار على مدار السنة.

أصوات أنين أهالي الشهداء أعلى بكثير من صوتنا

ويؤكّد الملاح أنّنا "فرملنا" تحركاتنا منذ فترة بانتظار تشكيل حكومة جديدة وبانتظار أن تبرد دماء وآلام الشهداء والجرحى قليلاً. وفق الملاح، أصوات أنين أهالي الشهداء أعلى بكثير من صوتنا وبالتالي لا صوت يعلو فوق صوت أنين الشهداء والجرحى. وهنا يلفت الملاح إلى أنّ المتطوعين لا يتقاضون راتبًا بل يدفعون من جيوبهم ليستمر العمل وسط غياب أي تأمين على الحياة.

شربل: "يموت المتطوّع ولا يلتفتون إليه"

وزير الداخلية والبلديات الأسبق مروان شربل -الذي أنجز في عهده مشروع قانون تثبيت متطوّعي الدفاع المدني- وجرت متابعته لاحقّا في عهد الوزير الخلف، يتحدّث لموقع "العهد" الإخباري عن الظلم الرسمي الذي يلحق بهؤلاء المتطوعين وسط المهمّات الخطرة التي يقومون بها. ثمّة متطوعون يبلغ عددهم حوالى الـ2500 متطوّع لا بد من تثبيتهم لإدخالهم في الملاك. هؤلاء تركوا وظائفهم ويعملون في الدفاع المدني. وعليه، كان القانون الذي صدر عن مجلس النواب والذي يسمح بتثبيتهم، لكنّه لم يطبّق حتى اليوم بسبب غياب الآليات التطبيقية اللازمة له.

وفي معرض حديثه، يذكّر شربل بأنّ المديرية العامّة للدفاع المدني لديها عشرات الشهداء كما الأجهزة الأمنية الأخرى، لكن للأسف :"يموت المتطوّع ولا يلتفتون إليه". وهنا يستشهد شربل بحادثة لأحد المتطوعين من عكار تعرّض للتشوّه وأُحيل إلى التقاعد لكنّه لم يحصل على ليرة واحدة. من هنا يرى شربل ضرورة تطبيق القانون، مستغربًا كيف أنّ أحد النواب أنجز قبل سنوات اقتراح قانون لإلغاء الدفاع المدني وتحويله إلى هيئة الإغاثة. وفق شربل، يعارض البعض  تطبيق القانون المُقر بحجة تكبيد خزينة الدولة مصاريف إضاقية  مع العلم أنّه جرى توظيف 8000 شخص قبيل الإنتخابات النيابية في عام 2018.

نتسوّل الإمكانات والتّجهيزات

أمّا الحديث عن التجهيزات فشأن آخر. "نبت الشعر على لساننا" -يقول شربل- لنتسوّل الإمكانات والتّجهيزات لمتطوعي الدّفاع المدني من أجهزة لإطفاء الحريق وسيارات إسعاف إلى إنشاء مركز يليق بهم. بتنا نتسوّل لشراء المازوت والبنزين لهم. للأسف، ثمّة لامبالاة من قبل الدولة بالمديرية العامّة للدّفاع المدني منذ عشرات السنين. يسأل شربل:"عن أي حقوق نتحدّث بموازاة استشهاد متطوّع في الدّفاع المدني دون أن يلتفت إليه أحد؟ وماذا سيبقى من الدّفاع المدني إذا ترك المتطوعون العمل؟.

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل