معركة أولي البأس

خاص العهد

انفجار مرفأ بيروت..
09/08/2021

انفجار مرفأ بيروت.."اليونيفيل" المدخل الرئيسي لحادثة الانفجار

فاطمة سلامة

بعد عام على انفجار المرفأ، ثمّة أسئلة كثيرة تُغلّف الحادثة على قدر خطورتها. أسئلة يُفترض بالقضاء اللبناني الإجابة عنها بعيدًا عن الاستنسابية والكيدية متسلحًا بالشفافية ووحدة المعايير. نحن أمام أحد أكبر الانفجارات في التاريخ. أكثر من 200 شهيد وآلاف الجرحى، فيما لا تزال التحقيقات القضائية تسير ببطء ودون المستوى المطلوب. ثمّة مسؤوليات ملقاة على عاتق جهات عدّة لا يمكن المرور عليها مرور الكرام. قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل" واحدة من الجهات التي وُجّهت اليها العديد من الأسئلة من المفترض أن تجيب عنها لتؤتي التحقيقات أكلها.

الخليل: "اليونيفيل" كانت المدخل لارتكاب الجرم

المحامية بشرى الخليل -وهي وكيلة أهل أحد الشهداء بانفجار المرفأ- تعتبر في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ المسؤولية الرئيسية لحادثة المرفأ تقع على عاتق "اليونيفيل". برأي الخليل، حتى ولو كان ثمّة جهة ثانية طلبت من "اليونيفيل" غض النظر عن باخرة "نيترات الأمونيوم" وارتكبت الفعل، لكنّ "اليونيفيل" كانت المدخل لها لارتكاب الجرم، وهي بهذه الحالة شريك بهذه الجريمة في القانون خاصة أنّ الفعل أدى الى سقوط ضحايا وأضرار كبيرة بهذا الحجم.

تنطلق الخليل من هذه المقدّمة في تحميل "اليونيفيل" المسؤولية لتُثبت عبر أسئلة موضوعية وبديهية وشرح معطيات مسؤولية "اليونيفيل" في حادثة انفجار المرفأ. تستشهد بدايةً بالقانون، فتلفت الى أنّه واستنادا الى القرار 1701 الذي يلتزم لبنان به ثمّة قوات بحرية تابعة لـ"اليونيفيل" تحاصر ميناء بيروت والموانئ اللبنانية وتحظر دخول كل أنواع الأسلحة -عن طريق البحر الى لبنان- أو ما يدخل في تركيبة الأسلحة والمتفجرات كالسماد الذي يحتوي على نسبة آزوت عالية ويستخدم في صناعة المتفجرات. تعود الخليل الى الذاكرة، فعندما جاءت باخرة "لطف الله" ضبطها "اليونيفيل" وتم التعامل معها بطريقة قانونية، إلا أنّ الأمر ذاته لم ينطبق على باخرة "روسوس" بحيث تمكّنت من الدخول وهي التي كانت متوجّهة من جورجيا الى موزمبيق ومن ثم أتت الى لبنان بسيناريو ملتوِ حيث طُلب من الوكيل البحري مصطفى بغدادي تأمين باخرة لإحدى الشركات لنقل معدات من ميناء بيروت الى ميناء العقبة، فوقع الاختيار على الباخرة المذكورة، فيما لم تعرف حتى الآن ملابسات اختيارها من قبل الوكيل.

انفجار مرفأ بيروت.."اليونيفيل" المدخل الرئيسي لحادثة الانفجار

أما وقد وصلت الباخرة عند حاجز تفتيش القوات الدولية المرابطة في البحر المتوسط، فمن المفترض -برأي الخليل- تفتيش الباخرة للاطلاع على حمولتها ومنعها من الدخول. ما الإجراء الذي فعلته "اليونيفيل" حتى الآن لا نعرف -تقول المتحدّثة- التي تلفت الى أنه يفترض بـ"اليونيفيل" منع دخول الباخرة، وفي حال طلب القيّمون على الباخرة السماح لها بالدخول بعض الوقت الى المرفأ ومن ثمّ العودة لاحقا، فمن المفترض أن تأخذ "اليونيفيل" الأذونات من المراجع المسؤولة عنها في الأمم المتحدة وتتواصل مع الجيش اللبناني الذي تربطه بها غرفة عمليات مشتركة.

وفي هذا السياق، تطرح الخليل جملة فرضيات إحداها أنه في حال أخذت الباخرة اذنًا بالدخول، على "اليونيفيل" أن تكشف على كل البضاعة الموجودة في الباخرة وتحلّلها واحدة واحدة لمعرفة ما اذا كانت نسبة الآزوت عالية وتضم مواد تستخدم في التفجير. عقبها، يفترض بالـ"اليونيفيل" أن تنجز دراسة حول ما كشفته وترسل التقرير لمراجعها العليا. ولاحقًا، يجب على "اليونيفيل" التدقيق في حال عادت البضاعة كما هي لأن ثمة قوانين دولية وقرارات دولية يفترض بـ"اليونيفيل" أن تطبقها كما يفترض بلبنان.

لماذا تقاعست "اليونيفيل" عن مساءلة القيمين عن أسباب تأخر عودة الباخرة؟

وفق الخليل، الأصول تحتّم على "اليونيفيل" عدم السماح للباخرة بالعبور، أمّا وقد سمحت لها بالعبور فمن المفترض معرفة سبب السماح، ولماذا دخلت ولم تخرج. تمامًا كما من المفترض معرفة ما اذا كان هناك جدول زمني لدخولها، ولماذا تقاعست "اليونيفيل" عن مساءلة القيمين عن أسباب تأخر عودتها. وفق الخليل، عندما لم تعد الباخرة كان يجب أن تجري "اليونيفيل" تحقيقًا لمعرفة أسباب عدم عودتها، وعليها أن ترفع كتابًا رسميًا الى قيادتها بأن هذه الباخرة وصلت ولم تعد والى غرفة العمليات في الجيش اللبناني الذي من المفترض أن يعطي إذنا أيضا. وفق قناعاتها، يجب أن يعلم الجيش بالباخرة منذ اليوم الأول من خلال مراسلة "اليونيفيل" له، وفي حال لم تراسله فنحن أمام كارثة، أما في حال راسلته فيجب أن يتم التحقيق مع غرفة العمليات والجيش لمعرفة كيفية تعامله مع هذه القضية.

وفي معرض حديثها، تسأل الخليل: "لماذا لم يقم المعنيون بالإجراءات التي يجب أن تتم بعد علمهم أن ثمة عطلا في الباخرة؟ لماذا لم يطلبوا من الوكيل البحري الذي أعطي له الأذن أن يؤمن باخرة ثانية لإخراج البضاعة التي من المفترض أن تجري متابعتها بعدما بقيت 7 سنوات داخل المرفأ؟".

البضاعة أتت الى لبنان كي تبقى وبإذن من "اليونيفيل" وجهات كبرى متواطئة

كل ما حصل يشي -برأي الخليل- بأنّ "اليونيفيل" غضّت النظر بشكل أو آخر ما يُثير الشكوك بأن هذه البضاعة أتت الى لبنان كي تبقى وبإذن من "اليونيفيل"، فلو لم يعط الإذن الرسمي لها بالدخول فقد صدر قرار بغض النظر عنها. وهنا تلفت الخليل الى أنّ من يصدر الأمر لـ"اليونفيل" بغض النظر هي الأمم المتحدة أو قوة كبيرة كأميركا أو دولة تتواجد عناصرها في القوات البحرية كألمانيا وفرنسا وايطاليا إضافة الى بريطانيا التي تملك "المَونة" لهكذا طلب. وعليه، ترى الخليل أنّ ثمة تواطؤًا من مسؤول "اليونيفيل" عن القوة البحرية، وبهذه الحالة فإن غض الطرف هو معارضة واضحة لقرارات الأمم المتحدة، وتبيان واضح أنّ الجهة التي غضّت الطرف مسؤولة عن إدخال المواد لشيء ما وهدف ما. وهنا ترجّح الخليل أن تكون ألمانيا من غضّ الطرف وهي التي تدخل اليوم الى الساحة اللبنانية وتضع عينها بقوّة على مرفأ بيروت لتسلمه وهي على علاقة بميناء حيفا.

ليطُلِ التحقيق "اليونيفيل"

بعد كل هذا العرض، تجزم الخليل أنّ "اليونيفيل" رأت الباخرة وسمحت لها بالدخول، وتؤكّد أنها لم تتابعها ولم تسأل عن سبب مكوثها كل هذا الوقت. وفق قناعاتها، على "اليونيفيل" مسؤولية الطلب بإخراجها فورًا ومن هنا تقع المسؤولية الرئيسية عليها. وانطلاقًا من هذا المبدأ تشدّد الخليل على ضرورة أن يطال التحقيق "اليونيفيل"، لافتةً الى أن  ثمة ضابطًا مسؤولًا في "اليونيفيل" تواطأ مع جهة ما لارتكاب جرم بهذا الحجم على أراضينا، وعليه "بإمكاني كمحامية أن أطلب محاكمته دوليًا".

يجب أن لا نسقط فرضية العمل التخريبي من التحقيق

وتلفت الخليل الى أنّ التحقيق حاليًا يعمل على خط الإهمال الوظيفي الذي حصل في لبنان. طبعًا هناك إهمال لدى البعض ومسؤولية تقصيرية يقاربها التحقيق، ولكن يجب أن لا نسقط فرضية العمل التخريبي، وكلنا نشك بأن حمولة "نيترات الأمونيوم" أتت كي تبقى في لبنان، ولأجل ذلك التمست الباخرة طرقًا ملتوية للدخول. لكن الخليل تذكّر أنه منذ اللحظات الأولى كان المعنيون على علم بالمواد، فبعد ثلاثة أشهر على دخول الباخرة أقر تقرير بأنّ هذه الباخرة تضم مواد خطيرة، ومن ثمّ بعد ثلاثة أشهر على التقرير الأول ثمة تقرير للأمن العام -رُفع للجيش اللبناني- يقول إنها تضم موادّ خطيرة.
 
وفي الختام، تشدّد الخليل على أنّ ما سبق من أسئلة رئيسية يجب أن تُسأل، مؤكّدة أنّ التحقيق القضائي يجب أن يبدأ من هنا.
 

إقرأ المزيد في: خاص العهد