خاص العهد
استجرار الغاز المصري..مشروع "استراتيجي" وهذه أبرز تفاصيله
فاطمة سلامة
يرزح لبنان تحت أزمة كهرباء حادة تمتد لعقود من الزمن. استمرار الأزمة لا يعني أنها عصيّة على الحل. ثمّة خيارات وعروض عدّة قُدّمت للبنان منذ فترة طويلة لكنها سُرعان ما سقطت بـ"فيتو" أميركي. مُقترح استجرار الغاز المصري عبر الأردن وسوريا ليس جديدًا بل يعود لسنوات، لكنّ البطاقة الأميركية الحمراء كانت جاهزة في وجه أي مقترح يحل الأزمات اللبنانية ومنها الكهرباء. قبل فترة، أعيد فتح ملف الغاز المصري فجاء التذرع بقانون "قيصر" الأميركي قبل أن يسقط "بسحر ساحر" بعد الإعلان عن سفينة النفط الإيرانية. سقوط "الفيتو" دفع لبنان الرسمي الى إعادة تفعيل التواصل مع سوريا عبر إرسال وفد رفيع المستوى للتنسيق في مسألة تمرير الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية. التجاوب السوري كان في أعلى مستوياته، فيما سيُعقد للغاية اجتماع رباعي في عمّان الأربعاء لبحث الخطوات اللازمة لتمرير الغاز والكهرباء من مصر والأردن إلى لبنان عبر سوريا.
أكثر من ٤ ساعات كزيادة في التغذية الكهربائية
وفي هذا السياق، أكّد مصدر في وزارة الطاقة لموقع "العهد" الإخباري أنّ الاتفاق لاستجرار الغاز المصري يحتاج الى "تيويم" وتطوير خصوصاً في ما يتعلق بالكميات والمستفيدين والأسعار للتأكد من سلامة المنشآت التي ستوصل الغاز الى لبنان. وفق المصادر، فإنّ هذا الغاز يُشغل معمل دير عمار الذي هو بحدود ٤٥٠ "ميغاواط" ويعطينا أكثر من ٤ ساعات كزيادة في التغذية الكهربائية، وبذلك تصبح وجهة استعمال النفط العراقي الى بقية المعامل.
اللجنة الفنية هي التي تقرّر المدى الزمني
ويشير المصدر الى أنّ الوقت الذي تحتاجه وزارة الطاقة لإنجاز هذه الخطوات ستدرسه لجنة فنية تشكّل بعد الاجتماع الوزاري الرباعي في الأردن يوم غد الأربعاء. هذه اللجنة الفنية هي التي تقرّر بناء على المعطيات التي تملكها، كم نحن بحاجة الى وقت لنضع الاتفاق قيد التنفيذ.
وردًا على سؤال حول ما اذا كانت ستحصل زيارات لاحقة الى سوريا، يقول المصدر: "بالتأكيد ستحصل اجتماعات لاحقة للجان الفنية التي ستشكل في الدول الأربعة، وعند الانتهاء من كل هذه التحضيرات يتم الاتفاق بعدها على اجتماع وزاري رباعي للتوقيع على إعادة إحياء الاتفاق والبدء بتنفيذه".
مشروع "استراتيجي"
بدورها، أكّدت مصادر متابعة للملف أنّ قضية استجرار الغاز المصري تشكّل مشروعًا "استراتيجيًا" يحتاج الى قرار أميركي جدي قبل أي شيء آخر. هذه القضية ليست جديدة وقد جرى العمل على مد لبنان بالغاز بضعة أشهر ليتوقف في حرب تموز 2006 بضغط أميركي على مصر التي عملت على إيقاف إمداد لبنان بالغاز. وهنا تشير المصادر الى أنّه وبعد توفر القرار الأميركي تبدأ مرحلة استكشاف حالة الأنبوب التقنية خصوصًا في سوريا. وفق المصار، فإنّ الأنبوب يمر من مصر الى العقبة في الأردن ثم سوريا ولبنان. ثمّة ضرر لحق بالأنبوب في سوريا، تمامًا كما يحتاج الى الصيانة في لبنان. وهنا تشير المصادر الى أنّه في حال لم يكن هناك ضرر بليغ في الأنبوب، فإنّه يحتاج صيانة لفترة تمتد من 3 الى 6 أشهر، ولكن في حال كان هناك ضرر بليغ فسيحتاج لأكثر. وفق المصادر، ثمّة شركات تواصلت مع مصر وأعربت عن جهوزيتها لإنجاز الإصلاحات والصيانة خلال 9 أشهر، وشركات خلال 6 أشهر، فيما لفتت شركات أخرى -وعلى الطريقة اللبنانية- أنها تريد 18 شهرًا.
سنحتاج 6 الى 9 أشهر ليصل الغاز الى دير عمار شرط الجديّة والشفافية
ويؤكّد المصدر أنّه وفي حال كان هناك قرار لبناني جدي وتوفرت الشفافية في التعاطي مع الملف سنحتاج من 6 الى 9 أشهر ليصل الغاز الى دير عمار، شرط أن يكون هناك قرار جدي أميركي وهذا ضروري جدًا وإلا لن يخرج الغاز من مصر الى لبنان. الخطوة الثانية تكمن في إصلاح الأضرار وإنجاز الصيانة، وهنا تكرّر المصادر أننا بحاجة من 6 الى 9 أشهر إن لم تكن الأضرار بليغة.
وتؤكّد المصادر أنّ مصر لديها شركات وطنية وخبرات لإنجاز العمل وليست بحاجة الى استيراد خبرات من الخارج. وتوضح المصادر أنّ المشروع قد يعطينا 6 ساعات تغذية في معمل دير عمار في حال سار بطريقة صحيحة، لافتًة الى أنّ الاتفاق مع مصر قد يكون سنويًا أو لمدة 10 سنوات. أما في ما يتعلّق بالتكلفة، فتلفت المصادر الى أنّ تكلفة الغاز الطبيعي تقاس بطريقة "مليون وحدة حرارية (MMBTU)". وفق المصادر فإنّ مصر مضطرة لأن تعطينا بالسعر العالمي أي الموجود بالمنطقة -كونها في منتدى الغاز بالشرق الأوسط- ما يعني أنّ السعر سيتراوح بين 4 و6 دولار لكل مليون وحدة حرارية تصل الى معمل دير عمار، مع الإشارة الى أنّه قد يكون هناك أكلاف إضافية تتعلّق بكلفة النقل. وبحسب المصادر، لم يتبيّن بعد كيف ستتم مسألة الدفع وما اذا كانت عبر خدمات كالعراق مثلًا أم لا.
وفي الختام، تنبّه المصادر الى مسألة خطيرة تتعلّق باحتمال دخول كيان العدو على الخط على اعتبار أنّ
مصر تنتج بطاقتها القصوى وثمة عقد "اسرائيلي"-مصري لتصدير الغاز من فلسطين المحتلة الى مصر ليستعمل في السوق الداخلية لمصر أو للتصدير. وعليه تشدّد المصادر على أنّ موقف لبنان حاسم في هذا الموضوع والجانب المصري متفهّم للوضع رغم الضغوطات التي قد تحصل عليه من الجانب الأميركي.