خاص العهد
بدائل الطاقة في لبنان.. سوق يسدّ عجز الدولة
لطيفة الحسيني
تغيب الكهرباء وتحضر بدائلها. الهدف الأساس أن لا يُبسَطَ الظلام ويحلّ في البيوت والمنازل. ولأنّ الدولة عاجزة تمامًا عن إنقاذ مواطنيها من الأزمات والمِحن المُتلاحقة، لا بدّ من مخرج يُركن إليه. أكثر من خيار لجأ إليه اللبنانيون حتى لا تفرض "العتمة" نفسها. مصادر طاقة بديلة راجت في الآونة الأخيرة شكّلت خلاصًا لهم، لكنّها كبّدتهم أعباءً إضافية وبالدولار الأمريكي مقابل الحصول على راحة مُستدامة.
الطاقة الشمسية أكثر القطاعات اليوم إقبالًا. قصورٌ تامّ لـ"كهرباء" الدولة استدعى ظهور مؤسّسات حملت على عاتقها تأمين طاقة مستدامة. مدير المؤسسة اللبنانية للطاقة البديلة طلال الزين يشرح لموقع "العهد الإخباري" إيجابيات وسلبيات هذا التوجّه، فيُشير في البداية الى أن "هذا الحلّ لا يُغني عن المولّدات كما يظنّ الناس وكلّ من دخل في عالم تجارة اللوحات الشمسية، إذ إن هذه الطاقة لا تحلّ مكان "الموتيرات""، ويُرجع الأمر الى عوامل الطقس خلال فصل الشتاء في ظلّ العواصف إضافة الى الغياب الشامل للكهرباء، ما يستنفد الطاقة المُخزّنة بحجم 50% من كامل النظام المركّب.
بحسب الزين، نظام الطاقة الشمسية قد يكون العنصر المُكمّل اذا كانت التغذية من قبل الدولة 3 أو 4 ساعات يوميًا، ما يؤمّن كهرباء بقدرة 24/24 ساعة.
يقول الزين لـ"العهد": "يتحسّن الوضع لدى المُستفيدين من الطاقة الشمسية فعليًا بعد 20 شباط، ليكتمل في آذار، ففي ذلك الوقت ستبلغ قوّة الطاقة الشمسية المُخزّنة 100%، وتبقى على هذا الحال حتى تشرين الثاني، حينها تبدأ فعالية ضوء الشمس بالانحدار".
ولمزيد من التوضيح، يضرب الزين مثلًا فيلفت الى أن "كمية ضوء الشمس في الساعة 12 ظهرًا تُشبه شمس الصيف في الساعة الخامسة عصرًا"، وعليه يؤكد أن "هناك شهريْن في السنة تنخفض فيهما فعّالية النظام الشمسي، ما يعني أن المولّد خيار ليس احتياطيًا فحسب بل ضروري، أو يذهب المواطن الى تضخيم حجم النظام الشمسي للمحافظة على الطاقة المخزّنة ويستغني عن "الموتير"".
قوّة الشمس هي معيار نجاح المشروع في أيّة بقعة جغرافية كانت، فكلّما اقتربنا من خطّ الاستواء كلّما أحرز مشروع الطاقة المستدامة تغذية كهربائية 24/24 مع عدد كبير من اللوحات الشمسية والبطاريات المُستخدمة.
ماذا عن التكلفة المالية؟
يُبيّن الزين أنه لتوليد طاقة سقفها 5 أمبير تُشغّل خدمات محدودة من براد عدد 1 وتلفزيون عدد 1 ومصابيح Led وغسّالة (على البارد مرة أو مرتيْن يوميًا) ومولّد مياه، دون استخدام مدفأة كهرباء، يحتاج المشروع الى ما بين 3500 الى 4000$، ثمّ ترتفع التكلفة مع ازدياد الحاجة الى تشغيل خدمات أخرى في المنزل.
ويضيف "اذا أردنا زيادة قوّة التشغيل للحاجات الأساسية في المنزل خلال فصل الصيف كالمكيّفات، فالأمر يستدعي رفع الميزانية الى ما بين 5500 و6800 دولار، ما يمنح البيت امتياز تشغيل مكيّف (بقدرة تبريد 9000 الى 12000 BTU)، ورغم ذلك، لا نستطيع استهلاكها طيلة النهار، وهنا يُصار الى ترشيد العمل بها وخصوصًا المكيّفات، أمّا في حال كنّا نريد تأمين طاقة دائمة تعمل ليلًا نهارًا تُلامس الـ10 أمبير أو بلا قيود، فهذا يحتاج الى نظام بتكلفة تتراوح بين 8000 و12000$".
وفق مدير المؤسسة اللبنانية للطاقة البديلة، قاعدة هذا النظام تقوم على التالي: نسبة الشحن في أيّ نهار مُشمس تكون 10/10، غير أن إنتاج الطاقة لا يتعدّى الـ 3/10.
وإذ يُطمئن الى أن تركيب الطاقة الشمسية مرتبط بنظام كفالة تلقائي لحماية هذا الاستثمار، يوضح أن الزبون يستطيع بعد مرور ثلاث سنوات على وضع الألواح تمديد صيانته بتكلفة تزيد عن ثمن النظام بنسبة 12% لإصلاح الأعطال والمتابعة الدورية، وكلّ ذلك مضمون ضمن عقد موقّع.
في ظلّ انتشار خدمة الطاقة الشمسية على نحو واسع في لبنان، يقدّم الزين عبر "العهد" تقييمه لما رسا عليه الوضع، فيتحدّث عن فوضى عارمة تضرب في هذا القطاع ما يُسبّب مجازر حقيقية بفعل انعدام الخبرة والدراسة، خاصة أن لا قوانين لهذا الاستثمار المُفتقر الى الرقابة والمُحاسبة، على الرغم من أن الدولة كانت بصدد التدخّل لفرض تراخيص لتنظيم العمل ومنع حصول مُخالفات على أسطح المباني السكنية، لكن ذلك لم يجرِ.
صحيح أن الطاقة الشمسية موضة اليوم ولا سيّما بين المُقتدرين، إلّا أن هناك ما بين 25 و35 شركة فعلية مُتخصّصة بهذا العالم تعمل على تركيب طاقة شمسية في المنازل والمؤسسات ومضى على نشاطها أكثر من 10 سنوات، وكلّ ما عدا ذلك "مُلحق" غير رسمي.
طاقة الرياح بلا جدوى في لبنان
من بين الخيارات المُتاحة في لبنان لتعويض غياب الكهرباء، يظهر إنتاج الطاقة من الرياح. الزين يُفصّل هذا الطرح، واصفًا جدواه بـ"غير الفعّال والمُكلف والمُسبّب للضجيج الكبير"، ويقول "هكذا مشروع نُفّذ في مناطق محدودة كرياق وسهل عكار وعمشيت، ويمكن تركيب المراوح في مناطق أخرى أيضًا لكن نشاطها خلال السنة لا يتجاوز الـ 60 يومًا، وهي مُعرّضة لأعطالٍ كثيرة بعد تركيبها لسنة أو سنتيْن، وكلفة صيانتها عالية".
الشواحن والبطاريات خيارٌ طاغٍ
أمام المبالغ الباهظة، قرّر السواد الأعظم من المُستهلكين الجنوح نحو مصادر طاقة متواضعة نسبيًا لإضاءة منازلهم تعويضًا عن الكهرباء المفقودة. مهندس الكهرباء عباس جمال يبني على التهافت الكبير على شراء أجهزة الإنارة والتشغيل، ليُشير الى أن أنظمة الـUPS والبطاريات والشواحن والمصابيح القابلة للتشريج تُباع بشكل هائل، حتى أن هذه الشواحن اختفت من السوق خلال فصل الصيف في إثر أزمة الكهرباء المُستفحلة وانتشار الاحتكار بسبب الإقبال.
جمال يُشدّد هنا على أن الكميات تنفد بسرعة، والاستيراد يسير بوتيرة نشطة جدًا ولا سيّما من الصين.
أسعار هذه الأجهزة بحسب جمال تأتي كالآتي:
* UPS نظام كامل يتراوح سعره بين 250 و300$ في الحدّ الأدنى بقوّة تشغيل 2 أو 3 أمبير.
* UPS نظام كبير بقوّة تشغيل من 6 الى 7 أمبير سعره 700$ (يستطيع تشغيل غسّالة على البارد مع إنارة وتلفزيون وبراد)
* البطاريات أسعارها بين 150$ و300$ حسب النوعية والجودة.
* المصابيح القابلة للشحن تتراوح أسعارها بين 8 و20$.
وعليه، تتحكّم القدرة الشرائية بالخدمة المُستهدفة من قبل الزبائن، غير أن من استغنى كليًا عن اشتراك المولّد، لا يستفيد من هذه الأجهزة، لأن لا كهرباء لشحنها باستثناء ألواح الطاقة الشمسية التي تفي بالغرض، على ما يقول جمال.