معركة أولي البأس

خاص العهد

الانسحاب بطولة
29/01/2022

الانسحاب بطولة

لطيفة الحسيني

كما للأنظمة المُطبِّعة تخاذُلها، للشعوب الجَسورة أيضًا لُغتُها. شيئًا فشيئًا، يتساقط المُهرولون الى أحضان الصهاينة، ليبقى أصحاب المبادئ ثابتون كشجرةٍ بجذورٍ راسخة تُصارع العواصف الهوجاء.

بعيدًا عن السياسة، يُحاول العدو التغلغل الى الشعوب العربية والإسلامية عبر أبواب عدّة. يرى في ذلك طريقًا للتقرّب منها وإخضاعها لمنطِقه. الرياضة أبرز المجالات تسرّبًا للاسرائيليين. المنافسة مع لاعبين عرب من مختلف الدول أسلوبٌ يلجأ إليه الصهاينة كي يحقّقوا أهدافهم الاستعمارية بحثًا عن نصرٍ ضائع.

خلال الأعوام الثلاثة الماضية، استطاع 15 رياضيًا من 10 دول عربية وإسلامية التصدّي لنوايا العدو. لا صور تجمعهم مع "نظراء" صهاينة. لا تسابق، لا مباريات، فالمواجهة اعتراف أولًا وأخيرًا.

في بيروت، بادرت الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين الى إطلاق "الملتقى الدولي لتكريم الرياضيين المناهضين للتطبيع". كوضوح العنوان، سيحضر هؤلاء الأبطال الى لبنان للاحتفاء بشجاعتهم، على أن تتكرّر الخطوة سنويًا مع توالي المواقف المؤيّدة لفلسطين.

أسامة أبو جامع: نصرة فلسطين أولى من البطولات

اللاعب الأردني أسامة أبو جامع يستعيد عبر موقع "العهد الإخباري" كيف رفض مواجهة لاعب صهيوني في بطولة سلوفينيا الدولية للاعبي تنس الطاولة في حزيران/يونيو 2021، فيقول "بعد مُشاركتي في المباراة المؤهّلة لتصفيات "طوكيو"، ذهبتُ الى هناك وتفاجأتُ بأن اسمي ورد في قرعة المنافسة لأتواجه مع لاعب اسرائيلي، فجاء المدرّب ورئيس الوفد الوطني إليّ وسألاني عن قراري، هنا سارعتُ الى رفض البطولة والتأهّل على حدّ سواء".

ويضيف أبو جامع "توقّف تأهّلي، لكن الجميع أيّد موقفي وافتخر به.. صحيح أنني خسرتُ المباراة لكنني فزتُ بميدالية أكبر بكثير من هذا الأولمبياد وأدعو الله أن يُقدّرني على تقديم ما هو أفضل للقضية الفلسطينية".

من أجل القدس، ضحّى أبو جامع بتصنيفه وترتيبه، إلّا أن الموقف هذا تفوّق على ما عداه من التفاصيل، لأن "نصرة فلسطين لا تحتاج الى تردّد، أمّا البطولات فتُعوّض".

برأي أبو جامع، قدراته تسمح له بالانتصار على اللاعب الاسرائيلي، غير أنه "بمجرّد القبول بالمواجهة وخوض المباراة فهذا يعني اعترافًا به وبدولته ولا حاجة عليه للحرب مع الصهاينة".

ويُشدّد على أن "الرياضيين هم أيضًا أصحاب رسالة، ينصرون من موقعهم القضية الفلسطينية".

 

الانسحاب بطولة

 

القدس أرفع وسام معنوي

التجارب الرياضية مثالٌ حيّ اذًا على مناهضة التطبيع كيفما بانَ. أمين سرّ الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين الدكتور عبد الملك سكرية يتحدّث لـ"العهد" عن الملتقى وأبعاده.

من وجهة نظر سكرية، عنونة المهرجان التكريمي بـ"ذهبية القدس" متعمّدة نظرًا لمكانة القدس لدى الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم، فهي أرفع وسام معنوي يحصل أيّ شخص عليه، وهؤلاء الرياضيين الأبطال الذين ضحّوا بميدالية أولمبية أو دولية كرمى لفلسطين من الواجب إعادة الاعتبار لهم عبر تقليدهم ذهبية القدس.

يوضح سكرية أن "الملتقى هو نتاج النشاط الذي قامت به الحملة على مدى عام لمواجهة التطبيع، كردّ على هرولة بعض الأنظمة العربية المُستسلمة أمام العدو، لتصفية قضية فلسطين وتمكين الكيان الصهيوني من امتلاك القوة وفرض مزيد من الهيمنة في المنطقة".

يجزم سكرية بأن "الرياضة باتت ميدانًا للمقاومة أيضًا بوجه مشاريع التطبيع"، ويشير الى أن "الرياضيين قاطعوا المباريات تحقيقًا لهذا الهدف، وهذا بحدّ ذاته رسالة لكلّ الرياضيين في الوطن العربي والعالم الإسلامي للتصدّي للصهاينة في هذا المجال، على صعيد المنتخبات أو الأشخاص في أيّة مباراة إقليمية أو دولية".

سكرية يرى في الانسحاب من أيّة منافسة مع لاعب أو منتخب صهيوني أولوية، والحديث عن "هزيمتهم عبر خوض المباريات معهم يعني شيئًا واحدًا اعترافًا بـ"اسرائيل"، لأنها دولة مفبركة ومزروعة رغمًا عن إرادة الفلسطينيين والشعوب الإسلامية".

يؤكد سكرية أن وجود لاعبين صهاينة مقابل لاعبين عرب عملية مدروسة ومتعمّدة، إذ أن التطبيع العربي الاسرائيلي مسعى دولي وقرار أمريكي استعماري بالدرجة الأولى لتثبيت الكيان الصهيوني.

أمام الحوادث المتكرّرة في ميدان الرياضة، يلفت سكرية الى أهمية تشكيل تكتّل توعوي قبيل أيّة مباريات قد يُصادف فيها وجود لاعبين صهاينة، ويردف "التكريم في بيروت سيتخلّله ميثاق شرف رياضي ونداء لكلّ الرياضيين العرب حتى يسلكوا طريق الـ15 رياضيًا الذين سبقوهم، فهؤلاء غدوا قدوة ومثالًا".

عبد الملك سكرية

إقرأ المزيد في: خاص العهد