معركة أولي البأس

خاص العهد

في زمن الحاكم والمصارف: هل يُؤتي رفعُ الدعاوى أُكُلَه لاسترجاع الودائع؟
24/02/2022

في زمن الحاكم والمصارف: هل يُؤتي رفعُ الدعاوى أُكُلَه لاسترجاع الودائع؟

فاطمة سلامة

منذ أكثر من عامين، تُحكم المصارف في لبنان الطوق على أموال المودعين. تستخدم شتّى وسائل التحايل والتذاكي والتشاطر لحرمان المودعين من حقوقهم. الحجج واهية، ثمّة أزمة مصرفية لا تخوّلنا إعطاء المودعين حقوقهم سوى بالقطارة، هذا ما تقوله "جوقة" المصارف. وعليه، يُحرم الشعب اللبناني من جنى وشقاء عمره وهو بأمس الحاجة اليه. يُحرم من قرشه الأبيض بينما هو غارق في أيام سود فرضتها الأزمة المالية المتحكّمة بالبلد ليصبح حسابه المصرفي مجرّد أرقام ممنوعة من الصرف. فهل يُمكن للمودعين استرجاع أموالهم بالقانون؟ هل يؤتي رفع الدعاوى أكله في هذا الإطار أم أنه بمثابة هدر للوقت والمال؟. 

المحامية بالاستئناف ارليت بجاني -التي تتابع قضايا المودعين ودعاوى الدولار الطالبي- تشدّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري على أنّه لا خيار أمام المودع سوى اللجوء الى القانون لاسترجاع ودائعه. وفق قناعاتها، من واجبات المودعين رفع الدعاوى على المصارف للوصول الى حقوقهم. لا يمكن انتظار التسويات السياسية بل علينا أن نأخذ حقنا بالقضاء بغض النظر عن التهديدات التي تُلوّح بها المصارف لتخويف المودعين لثنيهم عن محاكمتها. 

بصراحة -تقول بجاني- ثمة خشية لدى المودعين من إقامة الدعاوى تفاديًا لأن يعمد المصرف الى إقفال حساباتهم بالدولار ووضعها على سعر الـ1507 للدولار الواحد بموجب "شيك" لدى كاتب العدل. لكنها تسارع الى طمأنة المواطن فقضاء العجلة يصدر حاليًا قرارات كثيرة في هذا الملف ولا يعتبر ما يفعله المصرف لدى كاتب العدل طريقة إيفاء قانونية بل يعتبره فعلًا لا يبرئ ذمة البنك، وعليه يلزمه بفتح الحساب تحت طائلة غرامة مالية عن كل يوم تأخير. وهنا تشدّد بجاني على أنّ لدينا أحكاما كثيرة أُجبرت فيها المصارف على إعادة فتح الحساب، لافتة الى أنّ التكاليف والرسوم في قضاء العجلة زهيدة. 

هل يصل المودع لفائدة من رفع الدعاوى؟ تجيب بجاني بالتأكيد فثمة ثلاثة أنواع من الدعاوى، أولاها الدعاوى الانسانية بحيث يضطر المودع لشراء مستلزمات ضرورية كالأدوية وهنا يلزم قضاء العجلة المصرف بالدفع، كما يفصل قضاء العجلة بمسألة الدولار الطالبي. 

ثانيًا، ثمة شكاوى تقدّم في النيابة العامة، وتُقدّم فيها سندات عن ملكية أصحاب المصارف حيث يُصار الى حجز أملاكهم المنقولة وغير المنقولة. وثالثًا، ثمة دعاوى تُقدم تحت عنوان "التوقف عن الدفع" أمام المحاكم التجارية ليتم إعلان إفلاس المصارف عبر تثبيت توقف المصرف عن الدفع، وهذه الطريقة تنصح بها بجاني التي  تشدد على ضرورة أن لا يخاف المواطن، فالودائع لا تذهب حتى ولو أعلن إفلاس المصرف لأن ثمّة أسهمًا كثيرة تباع لتأخذ الناس أموالها. 

هل من أمل بحصول المودع على وديعته بأكملها؟ بالتأكيد تقول بجاني التي ترفض أن تذهب بعيدًا في التفاؤل لكنها تشير الى أنّه بموجب هذه الدعاوى يُفاوض المصرف مباشرة العميل تفاديًا لإعلان الإفلاس لإرضائه. وفي هذا السياق، تلفت بجابي الى أن أكثر الدعاوى تقام لدى النيابة العامة، قضاء العجلة والمحاكم التجارية لأنها الأسرع في البت بالأحكام.  

وفي الختام، تشدّد بجاني على ضرورة أن لا يخاف المودع فثمة فرصة لإقامة الدعاوى ولا مجال لاسترداد الحق سوى بالقانون.

مغنية: الحل يحتاج قرارًا سياسيًا 

بدوره، لا يبدو رئيس جمعية المودعين حسن مغنية متفائلًا بأن تؤتي مسألة رفع الدعاوى أكلها. برأيه، ثمة دعاوى كثيرة رُفعت لكن قلة قليلة من أصحابها تمكنوا من أخذ حقهم، والسبب -برأيه- لأن القضاء مُرتهن بسواده الأعظم. من جهة، ثمة قضاة كثر يأخذون قروضًا سكنية من أموال المودعين، ومن جهة أخرى، ثمّة قضاة كثر مرتهنون سياسيًا وكلنا نعرف كيف تتم التعيينات القضائية، يضيف المتحدّث. 

وفي معرض حديثه، يشدّد مغنية على أنّ الحل لم يكن يومًا بالقضاء. من وجهة نظره، اذا أصدر القضاء قرارًا بإنصاف المودعين دون أن يتمكّن هؤلاء من سحب ودائعهم فذلك بمثابة إعلان إفلاس للمنظومة المصرفية. من وجهة نظر مغنية، على القضاء أن ينصف الحالات الانسانية أقلها، ألا أنّ ثمّة حلولًا كثيرة تقنيًا لاسترداد المودعين أموالهم، لكن هل هناك فعليًا قرار سياسي بالحل، يسأل مغنية ويجيب عن نفسه بالإشارة الى أنّ أي حل سينعكس على أصحاب المصارف والسياسيين ويحمّلهم خسارة، وبالتالي فالسياسيون ومن يمثلهم لا يريدون أن يتحملوا الخسارة لأنهم هم أصحاب المصارف. وفق مغنية فإنّ المشكلة اليوم في لبنان بين 1 بالمئة من الشعب اللبناني الذي تتركز بيده الثروات وتتم حمايته و99 بالمئة من الشعب اللبناني الذي يتحمل الخسارة الحالية لمصلحة الواحد بالمئة.

جمعية المصارف

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل