خاص العهد
تقدير موقف لعمليّات الجيش الروسي – اليوم 23
عمر معربوني | باحث في الشؤون العسكرية
مواضيع العرض: معركة مدينة ماريوبول – معركة العاصمة كييف – في التقدير العام.
أولًا: معركة مدينة ماريوبول
في اليوم الـ 23، برزت إلى الواجهة مجدّدًا معركة مدينة ماريوبول المحاصرة منذ الأيّام الأولى للعمليّة الروسيّة الخاصة في أوكرانيا حيث شهدنا انسحابًا لعددٍ كبيرٍ من وحدات الجيش الأوكراني من ضواحي المدينة الشمالية باتجاه الشمال عبر بلدة "فيماك" ووصلت إلى منطقة "تيرنوفات"، ومن ثمّ اتجهت إلى مدينة "زابوروجيا" لتعزيز القوات الأوكرانية المُدافعة عنها.
وهنا يبرز السؤال المهم: "لماذا انسحبت غالبيّة القوّات الأوكرانية من ماريوبول واتجهت نحو الشمال؟".
من المؤكد أنّ انسحاب القوّات الأوكرانيّة أتى متزامنًا مع بدء الوحدات الروسيّة بالتقدّم إلى المدينة من ثلاثة اتجاهات.
1- من "ستاريكريم" شمال غرب المدينة بهدف الوصول إلى مركز المدينة الشمالي الغربي.
2- من "ستارتانا" شمال شرق المدينة، ومن "فينوغرادني" جنوب شرق المدينة.
3- من "تشيرفونييه" جنوب غرب المدينة.
4- إضافة إلى محاور تقدّم فرعيّة بهدف توزيع جهد القوات الأوكرانيّة التي لاتزال في المدينة، وأهمّها كتيبة "آزوف" التابعة للحرس الوطني الأوكراني، وتضمّ عناصر "يمينيّة متطرّفة" تُطلق عليها القيادة الروسيّة مسمّى "المجموعات النازية".
منذ صباح اليوم الجمعة، بدأت الوحدات الروسيّة بتحقيق التماس مع المدينة من اتجاهات الهجوم المذكورة أعلاه حيث استطاعت أن توسّع نطاق سيطرتها لأوّل مرّة داخل أحياء المدينة.
من المهم الإشارة إلى أنّنا عندما نتكلّم عن مدينة "ماريوبول" فنحن نتحدّث عن مدينة مساحتها 160 كلم مربع وهي مساحة كبيرة وتحتوي ما يلزم من الملاجيء والتحصينات وهو ما يأخذنا إلى تأكيد صعوبة اقتحام المدينة وحاجة الوحدات الروسيّة إلى وقت لإحكام السيطرة عليها.
ثانيًا: معركة العاصمة كييف
منذ أمس الخميس، بدأت الوحدات الروسيّة بتثبيت خطوط تموضعها في "بروفاري" الضاحية الشرقية للعاصمة التي توجّهت جنوباً ووصلت إلى منطقة "باريشيفكا" والتي من الواضح أنّها تهدف للوصول إلى "بيرييا سلاف" على ضفّة "نهر الدينبر" الشرقية جنوب غرب "باريشيفكا" لقطع أي إمكانية تواصل بين العاصمة كييف والمناطق الشرقية الجنوبية في المرحلة الأولى، ومن ثمّ إكمال تقدّم الوحدات الروسية نحو الجنوب بمحاذاة "نهر الدينبر" للإلتقاء مع الوحدات التي تتقدّم نحو "زابورجيا" من الجنوب والتي وصلت إلى منطقة "فاسيليفكا" جنوب "زابوروجيا".
وكما في شرق العاصمة بدأت الوحدات الروسيّة بتثبيت تموضعها في "بوشيف" و"ماريانيفكا" جنوب غرب العاصمة للبدء باندفاعات واسعة نحو الجنوب والجنوبين الشرقي والغربي والهدف هو اغلاق طرق الإمداد نحو العاصمة من كل الإتجاهات.
ثالثًا: في التقدير العام
إذا تمكّنت الوحدات الروسيّة من السيطرة على كامل مساحة الضفّة الشرقيّة لنهر الدينبر فهذا يعني عزل شرق أوكرانيا بالكامل بما فيه مدينتي "خاركوف" و"سومي" إضافة إلى الجزء الشرقي من العاصمة كييف.
وفي حال تمكّنت الوحدات الروسيّة من تنفيذ عمليات سيطرة على كامل مساحة الضفّة الغربية لنهر الدينبر، فهذا يعني ببساطة الإنتقال إلى مرحلة تطهير المناطق داخل الطوق في الإتجاه الشرقي كاملاً من الشمال إلى الجنوب والإنتقال إلى خوض المعركة في الإتجاه الغربي، وهذا ما يفسّر وجود خطّة جديدة لدى الجيش الروسي تصبّ في الإتجاه الذي ذكرناه ربطاً بسحب جزء من الوحدات الروسيّة من شمال مدينة "ميكولاييف" و"باشتانكا" ووضعه في خدمة اتجاه الهجوم الذي طوّره الجيش الروسي منذ يومين على ضفاف نهر الدينبر الغربية للوصول إلى مدينة "كريفييه ريه" بالتزامن مع وصول الوحدات الروسيّة إلى مدينة "زابوروجيا".