معركة أولي البأس

خاص العهد

تقدير موقف لعمليّات الجيش الروسي – اليوم 38
02/04/2022

تقدير موقف لعمليّات الجيش الروسي – اليوم 38

عمر معربوني | كاتب وباحث في الشؤون العسكرية

مواضيع العرض | هل فقد الجيش الأوكراني القدرة على القتال؟

قد لا يندرج موضوع هذا المقال ضمن العرض اليومي لمسار العمليّة العسكريّة الروسيّة في أوكرانيا بالمعنى المباشر ليوميّات العمليّة، ولكن بعد دخول المواجهة يومها الـ 38 لا بدّ من تقييم سريع لما وصلت إليه قدرات الجيش الأوكراني انطلاقًا من الوقائع.

- في البداية لا بدّ من الإشارة إلى ما خسرته أوكرانيا من المعدات الحربيّة، فمن أصل 170 طائرة حربيّة دفاعيّة وهجوميّة صالحة للخدمة خسرت أوكرانيا حتى اللحظة 124 طائرة، ومن بين 3800 دبابة خسرت حوالي 1800، إضافة إلى حوالي 800 مدفع و84 مروحية وحوالي 350 طائرة مسيرة بما فيها غالبية طائرات "بيرقدار" وكامل قطع سلاح البحريّة، ما يعني أنّ نصف معدّات الجيش الأوكراني قد خرجت من الخدمة إلاّ بما يرتبط بسلاح الجو الذي بلغت الخسائر فيه أكثر من 75% .

- منذ اليوم الخامس للعمليّات فقد الجيش الأوكراني القدرة على الحركة، وكان ذلك ولا يزال بسبب دفع الجيش الروسي لوحداته على ثلاث جبهات دفعة واحدة مع ممارسة أعلى مستويات المناورة بالقوات، ما أجبر الجيش الأوكراني على إبقاء وحداته العسكرية في أماكنها بما فيها غرب أوكرانيا خوفًا من اندفاع وحدات روسيّة عبر أراضي بيلاروسيا، وهذا ما أعطى للجيش الروسي ميزة المواجهة المتكافئة بالنظر إلى الفارق بالعديد البشري عند تحقيق التماس مع القوات الأوكرانية. فقد استطاع الجيش الروسي بعديد قوامه 140 ألف جندي بينهم حوالي 30 ألف من الوحدات الإداريّة من تثبيت كامل عديد الجيش الأوكراني البالغ مع وحدات الدفاع الإقليمي والوحدات المتطرفة حوالي 400 ألف، وحرمانه من ميزة المناورة واجباره على الدفاع الموضعي بنمط قتال البقعة؛ وهو نمط وإنْ كان له ميزاته الإيجابيّة للجيش الأوكراني إلاّ أنّه لم يؤدِّ إلى كبح تقدّم الجيش الروسي.

- من المعلومات المهمّة التي يجب ذكرها أنّ حوالي 65 ألف من أكثر الجنود الأوكرانيين خبرة يتواجدون على جبهة إقليم الدونباس التي كانت مهامهم متجهة إلى التقدّم باتجاه أراضي الإقليم لسحق قوّات جمهوريتي لوغانسك ودونييتسك، وهو ما تمّ افشاله بالإندفاع الإستباقي لوحدات الجيش الروسي.

في هذا الجانب، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ مجموع هذه القوات سيقع قريبًا ضمن "فكّي كمّاشتين" إحداهما تتقدّم عليها الوحدات الروسية من الشرق إلى الغرب على اتجاهين متوازيين على جبهة عرضها 50 كلم منطلقة من إقليم الدونباس، والثانية تتجه من الجنوب إلى الشمال على جبهة عرضها 160 كلم من فولغيدار إلى جنوب زابوروجيا.

ان اندفاع الوحدات الروسية ووحدات إقليم الدونباس سيؤدّي إلى وقوع القوات الأوكرانية في "قبضة الكماشتين" خصوصًا أنّ عمليات استهداف لمقرّات قيادة هذه القوات مستمرّة وبشكل متلاحق ناهيك عن استهداف مستودعات الذخيرة والوقود في عمق الجبهة المباشر.  وبمناسبة الحديث عن مستودعات الذخيرة، يمكن التأكيد على خروج غالبية مستودعات الذخيرة الإستراتيجية من الخدمة وهو ما سيؤثر على أداء الجيش الأوكراني على كلّ الجبهات.

- المسألة الأهم أنّ التحركات الروسيّة في محيط العاصمة كييف من اتجاهات الشمال والشرق والغرب كانت مجرد مناورة كبيرة تزامنت مع تضخيم اعلامي هدفه جذب القوات الأوكرانية واستهدافها وهي مكشوفة في حالة الحركة، وقد أدّت هذه المناورة مفعولها حيث تم افقاد القوات الأوكرانيّة القدرة على الحركة الواسعة إضافة إلى إبقاء قوات كبيرة متباعدة وموزّعة بين الجنوب والشرق والشمال إضافة إلى القوّات الموجودة في الشمال الغربي والتي أفقدها الجيش الروسي فاعليتها عبر مناورة ايهام بالإندفاع عبر أراضي بيلوروسيا إضافة إلى السيطرة على تقاطع كالينيفكا على الطريق الرئيس الرابط بين كييف وجيتومير.

- ولأنّ القوّة الأكبر والأكثر تجهيزًا وخبرة للجيش الأوكراني كانت ومازالت متموضعة على جبهة إقليم الدونباس، قرّرت القيادة الروسيّة منذ البداية عدم تحقيق التماس معها إلاّ بعد عزلها ومنع الإمدادات إليها وإفقادها قدرة الحركة والصدم عبر ضرب وحداتها المدرّعة ووسائط دفاعها الجوي ومقرّات قيادتها، وكذلك العمليات التي حصلت في الجنوب وأدّت إلى ربط القرم بالدونباس ومن ثم بناء خط جبهوي عريض وعميق.

من المؤكّد أنّ هذه الإجراءات أخذت وقتًا طويلًا إلاّ أنّها كانت البديل عن خسائر كبيرة كان يمكن للجيش الروسي أن يقع فيها لو أنّه باشر العمليات التي تجري حاليًا منذ بداية العمليّة حيث كنا سنشهد مشهدًا معاكسًا لجهة وقوع الوحدات الروسية بفكي كماشة الجيش الأوكراني من الجنوب والغرب والشمال على جبهة كانت تحصيناتها التي دمّرها الجيش الروسي الآن كفيلة بتحقيق هزيمة بالوحدات الروسية.

- في الخاتمة، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ غالبية منشآت البنية العسكرية المرتبطة بالتصنيع والصيانة قد تمّ تدميرها وهو الأمر الذي سيعيق استدامة عمل القوات الأوكرانية وبالتالي الوصول إلى مرحلة الإخفاق التام وهو ما تحاول القيادة الأوكرانية تفاديه عبر تخفيف وتيرة العمليّة العسكريّة الروسيّة بطرح بنود إيجابية على طاولة المفاوضات على أمل وقف العمليّة برمّتها وهو ما لم يحصل، وبالتالي سيؤدي بالأوكرانيين إلى تقديم تنازلات إضافية لتوقيع اتفاقية سلام بدلًا من اتفاقية استسلام.

اوكرانياكييف

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة