خاص العهد
واشنطن تعيد إنتاج "داعش" في سوريا والعراق
محمد عيد
لا يبدو أن الولايات المتحدة قد أحرقت ورقة "داعش" بشكل نهائي بعدما توعد التنظيم التكفيري بالانتقام لزعيميه المقتولين بالقرب من الحدود السورية مع تركيا واقتران الوعيد بعمليات عسكرية في الشرق السوري والعراق. ومع التسليم بعجز واشنطن عن إعادة "داعش" إلى النحو الذي كان عليه من موفور القوة والبطش بعدما تلقى ضربات قاصمة على يد محور المقاومة، فإنها تجد في استمراره كأداة لاستنزاف هذا المحور عنوان المرحلة القادمة التي تقتضي بعض التمويه العملي باستهدافه لأدواتها في "قسد" وآخر نظري توعد فيه التنظيم على نحو مسرحي بنقل عملياته إلى أوروبا.
خطة قديمة جديدة
يرى عضو الوفد الوطني السوري إلى اللجنة الدستورية في جنيف الدكتور أسامة دنورة أن اعادة تنشيط تنظيم "داعش" الارهابي هو مسعى قديم ومتجدد لدى الولايات المتحدة في المنطقة.
وفي حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري أشار دنورة إلى عديد الأهداف الأميركية من وراء ذلك، ابتداءً من التذرع بمكافحة الارهاب لتبرير الاحتلال الأميركي لمناطق الشرق السوري، وتوظيف عمليات التنظيم ضد أعداء الولايات المتحدة، وعلى رأسهم الجيشان السوري والعراقي والحشد الشعبي، الى احداث اضطراب يُترجم الى تكريس وجود فالق جيوبوليتيكي ومنطقة عدم استقرار أمني تمنع التواصل السوري - العراقي، وصولاً إلى الإبقاء على ميليشيا "قسد" الانعزالية اللاشرعية التي سُوِّق لها منذ معركة "عين العرب" على أنها القوة المحلية الوحيدة الموثوقة أمريكيًا، والتي يمكن الاتكال عليها لاحتواء "داعش" على الأرض، كما يضاف الى ذلك كله هدف أمريكي واضح، وهو محاولة تشويه صورة الحراك الشعبي والمقاومتين المدنية والمسلحة ضد الاحتلال الامريكي و"قسد"، والتعتيم على وجود مقاومة مشروعة، وبالتالي اطلاق يد القوات الأمريكية و"قسد" للتعامل مع الرفض الشعبي لوجودهما على الأرض على أنه حالة ارهابية ينبغي قمعها معها بكل قسوة بذريعة ضرورة منع عودة نشاط التنظيم.
عضو مباحثات جنيف لفت إلى أن "داعش" بالمحصلة هو احتياط كامن لمشروع الفوضى والاحتلال الأمريكيين للمنطقة، وهذا الاحتياط يتم تنشيطه وتفعيله بالقدر المطلوب والمساحة المفيدة زمانياً ومكانياً للمصالح الأمريكية، فالجميع يعلم أن أقصر الطرق للقضاء على التنظيم هو انهاء حالة اللايقين الميداني والتفلت الأمني اللذين يحافظ عليهما الإحتلال الأميركي عبر استمرار تواجده اللاشرعي في سوريا والعراق، وبالتالي السماح ببقاء الجزر الأمنية للتنظيم في البادية والتنف وتخوم الفرات، والحيلولة دون تمكين الجيش السوري من القيام بمحاربة الارهاب على أرضه، ومنعه كذلك من التنسيق المشترك مع الجيش العراقي والحشد الشعبي بهدف منع التنظيم من استغلال الميزة الحركية واللوجستية المتمثلة باستخدام أراضي كل من البلدين كعمق استراتيجي وعملياتي لنشاط التنظيم ضد البلد الآخر، وبذلك تعطي قوات الاحتلال الأمريكي السبب والمقدمات الضرورية لإطالة عمر الارهاب، والمخاطرة بانتقاله إلى ساحات جديدة وفق مصلحة الهيمنة الأميركية.