خاص العهد
المقاومة السياسيّة.. قانون "تجريم التطبيع" العراقي أنموذجًا
مصطفى عواضة
سجّل البرلمان العراقي موقفًا مشرّفًا بإقراره قانون "تجريم التطبيع مع العدو الصهيوني" وبعقوبات تصل إلى حكم الإعدام، حيث يُعتبر هذا الانجاز خطوة جبّارة في إطار مواجهة مسيرة التطبيع المذلّة التي قامت بها بعض الدول العربية، كما يؤكّد الموقف العراقي الرسمي والشعبي المقاوم والداعم للشعب الفلسطيني ومقاومته البطوليّة في مواجهة العدوان والإرهاب الصهيوني.
دلالات القرار التاريخي والهام الذي أصدره مجلس النواب العراقي فنّدها النائب في البرلمان العراقي أحمد الكناني، حيث اعتبر في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ "هذا القانون هو بمثابة رد على كلّ الساعين وراء التخاذل والتطبيع مع العدو على حساب القضيّة المقدسة والشعوب الحرّة لا سيّما الشعب الفلسطيني، ورادع لكلّ من يعتقد أنّ هناك جدوى من التعامل مع الكيان الغاصب".
الكناني لفت إلى أنّ "هذا القانون هو جزء من المقاومة السياسية الواجبة على كلّ الشرفاء، وخطوة تُكتب في تاريخ العراق الذي عانى من الإحتلال الأمريكي، ومستعد لبذل كلّ ما يلزم من أجل إفشال المخططات الصهيونية الأمريكية التي تسعى بشتّى السبل للسيطرة على كرامة الإنسان وحريّته ومقدراته".
وتابع القول "اقرارنا لهذا القانون هو إقرار سياسي بوقوف العراق وشعبه إلى جانب الفلسطينيين، وإلتزام للإرادة الشعبيّة العربيّة الرافضة للإعتراف بالصهيونية والتعامل معها، بل على العكس هو تأييد لإيمانها بإزالة "إسرائيل" من الوجود".
ودعا النائب في البرلمان العراقي الشعب الفلسطيني إلى أسمى درجات التكاتف والتعاضد في سبيل تحرير الأرض والمقدسات، فالعراق لن يبخل في الدعم بكل ما يلزم من أجل القدس والمشاركة في هذه المعركة المباركة، فهذا القانون وغيره من قوانين مواجهة التطبيع تهدف إلى نصرة فلسطين وشعبها.
في السياق نفسه، رأى المحلّل السياسي العراقي أثير الشرع أنّ "العراق يتعرّض لجملة من التدخلات الخارجية والضغوطات ليكون مسرحًا تنطلق منه عدّة مشاريع للتطبيع مع الدول العربية والإقليمية"، وأوضح في حديث لـ "العهد" أنّ "هناك جهات عمدت إلى إثارة الأزمات والنعرات الطائفية كي تكبر الفجوة بين الطبقة السياسية وبين المواطن العراقي ليتم القبول بحكومات من الخارج. لذلك كان القرار بإفشال هذه المحاولات وإقرار قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني".
وشدّد على أنّ "الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى غربية أعربوا عن انزعاجهم من هذا القانون بعد أن كانوا يتوقعون بأنّ العراق أصبح لقمة سائغة لهم، فيما فوجئوا بأنّ العراق أصبح حجر عثرة وعصا في دواليب مشاريعهم، وبالتأكيد تنتظر العراق متاعب كبيرة بعد هذا القانون في حال استمرار الانسداد السياسي".
ولفت الشرع إلى أنّ "العديد من الدول العربية والإقليمية استسلمت للضغوطات الأمريكية ورحّبت بما يسمى عمليات "السلام"، وبدء مرحلة جديدة من العلاقات مع الكيان الصهيوني، وأيضًا هناك تغيير جغرافي وديمغرافي في المنطقة، لذلك أكّد العراق رفضه لكلّ هذه المشاريع عبر رسالة قانون تجريم التطبيع مع تطبيق عقوبات ضد أيّ مسؤول يخرق هذا القانون".
من جهته، اعتبر المحلّل السياسي العراقي الدكتور حامد الكعبي أنّ "الأسباب التي أدّت إلى تجريم التطبيع هي وجود اتفاق في البيت العراقي يؤكد على رفض واستنكار وجود هذا العدو".
وأشار إلى أنّ "توقيت القانون أتى ليحسم التكنهات والتحليلات السياسية التي تقول أنّ العراق سائر في ركب التطبيع، وهو بلد قادر ومستعد دائمًا أن يتحمل نتائج موقفه الرافض لهذا الكيان، وقد أخذ البرلمان بعين الاعتبار حجم الضغوط التي ستمارسها الإدارة الأمريكية على صانع القرار العراقي، وربما يُترجم الغضب الأمريكي من خلال اجراءات ضد الحكومة".
وختم الكعبي متوجهًا للشعب الفلسطيني والأنظمة العربية المطبعة بالقول إنّ "رسالة البرلمان العراقي تكمن في أنّ خلق بيئة مناسبة للتطبيع من قبل عدّة أنظمة عربيّة لا يعني أنّ العراق سيفتح ذراعيه لذلك ويقبل بالتطبيع، وفي المقلب الآخر هي رسالة اطمئنان إلى الشعب الفلسطيني الذي نحيي جهاده وتضحياته ونقول له أنّ قدسكم هي قدسنا وأرضكم هي أرضنا مثلما ديننا هو دينكم".