خاص العهد
رمضان عبد الله شلّح: مسيرة جهاد ومقاومة
مصطفى عواضة
الدكتور رمضان عبد الله شلّح هو الأمين العام الثاني لـ"حركة الجهاد الإسلامي" بعد اغتيال الشهيد فتحي الشقاقي بجزيرة مالطا في 26 تشرين الأول/ أكتوبر عام 1995. صاحب تاريخ نضالي ناصع وبصمات مشرّفة ضد الاحتلال الصهيوني في فلسطين وخارجها مرورا بـ "الوعد الصادق" وليس انتهاء بـ "سيف القدس" حيث حضر بأسه.
حياته ودراسته
ولد في الأول من كانون الثاني/ يناير عام 1958 في غزة من أسرة متواضعة محافظة مكونة من 11 شخصًا، وكان ملتزمًا دينيًا منذ نعومة أظافره، فكان من المداومين في مساجد الشجاعية.
تلقى شلّح دروسه الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدارس قطاع غزة وسافر للدراسة في مصر، وحصل في العام 1981م على بكالوريوس الاقتصاد من جامعة الزقازيق، ليعمل بعد ذلك أستاذًا في الجامعة الإسلامية بغزة.
سافر الى بريطانيا ليكمل دراساته العليا في العام 1986، ليحصل بعدها على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة درم في إنجلترا عام 1990، ثم انتقل بعد زواجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث تولى إدارة مركز دراسات الإسلام والعالم في ولاية فلوريدا من العام 1993حتى 1995.
نشاطه الجهادي والسياسي
أما عن مسيرته الجهاديّة والسياسية، فيقول شقيق الراحل والقيادي في "حركة الجهاد الإسلامي" محمد شلّح في مقابلة مع موقع "العهد" الإخباري بمناسبة الذكرى السنويّة الثانية لرحيله إنه بدأ مشواره الجهادي مع الدكتور فتحي الشقاقي بتأسيس حركة "الجهاد" الإسلامي في فلسطين في العام 1978 ودخل العمل السياسي في جامعة الزقازيق عندما تعرف على الدكتور فتحي الشقاقي ومجموعة من الأخوة الطلاب الفلسطينيين في الجامعات المصرية.
وأضاف: "عاد الدكتور رمضان إلى غزة ليمارس على أرض الواقع تطبيق فكرة الجهاد ومقارعة الاحتلال، فبدأ بالدعوة من خلال المساجد وكان خطيبًا مثقفًا بارعًا، وفرضت عليه قوات الاحتلال الاقامة الجبرية في العام 1983 على إثر تلك الدعوات والنشاطات".
وتابع شقيق شلّح: "استغل الراحل وجوده في الجامعة الإسلامية لينشر بين الطلاب أفكار الجهاد والمقاومة أثناء رحلته الدراسية في بريطانيا والولايات المتحدة، حيث كان يتابع من هناك كل التفاصيل المتعلقة بـ"حركة الجهاد الإسلامي" ليواصل عمله الجهادي في أمريكا على جميع المستويات".
علاقته بالجمهورية الإسلامية الايرانية
في أجواء ذكرى رحيل الإمام الخميني "قده" والتي تتقارب مع ذكرى رحيل الدكتور رمضان عبد الله شلّح يؤكد شقيقه محمد أن العلاقة بين شلح والجمهورية الإسلامية كانت قائمة على الصدق والوفاء باعتبار أن إيران قائدة المشروع المقاوم في المنطقة. وكانت القيادة الإيرانية حريصة على العلاقة بالدكتور رمضان والاستنارة برأيه وموقفه ليس في قضية فلسطين فحسب بل في شتى قضايا المنطقة.
كان الدكتور رمضان شلح يلتقي العديد من الخبراء والباحثين والمتخصصين وكان يجيد اللغتين الإنجليزية والعبرية بطلاقة وكان يتابع مراكز الدراسات الإسرائيلية والأمريكية والتحليلات لسياسات كيان العدو والولايات المتحدة في المنطقة. إلى جانب لقاءاته السياسية مع القيادة الإيرانية، كانت لقاءاته على مستوى الوزارات ومجلس الشورى ورئيس الجمهورية وكل المهتمين بالشأن الفلسطيني والأمريكي والإسرائيلي، فضلا عن لقاءاته بالإمام الخامنئي "دام ظله"، إلا أنه لم يلتقِ الإمام الخميني "قده" لأنه لم يكن موجوداً في سوريا عندما سافر الوفد الذي التقاه حينها بقيادة الشهيد فتحي الشقاقي.
القيادي شلّح لفت الى أن "هذه العلاقة المميّزة بالجمهورية الإسلامية عرّضت "حركة الجهاد الإسلامي" لحصار من العرب بدعاوى العروبة والمذهبية ولم تأبه الحركة بذلك رغم كل تلك الاتهامات والحصار الذي فرض عليها وما زال".
علاقة الدكتور رمضان بفصائل المقاومة داخلياً وخارجياً
في هذا السياق، شدد شقيق الدكتور رمضان في مقابلته مع "العهد" على أن "حركة الجهاد الإسلامي كانت وما زالت حريصة على وحدة الشعب الفلسطيني، وقد كان ذلك واضحًا في شخصية الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي بعد إبعاده من فلسطين وكذلك الدكتور رمضان الذي تميز بعلاقات وطيدة مع كل الفصائل بلا استثناء حتى في ظل الانقسام الفلسطيني، إذ إنه حافظ على البوصلة وعدم الانجرار نحو الانقسام بعد توقيع اتفاقية أوسلو رغم موقفنا الرافض لها، بل إنه كان حريصًا على حضور اللقاءات الفصائلية في سوريا ولبنان ومصر وكذلك كانت الفصائل تحرص على حضوره لأنه كان يمثل العامل المشترك وصمام الامان للجميع".
وبيّن القيادي محمد شلّح أن "الدكتور رمضان تقدم قبل رحيله بمبادرة النقاط العشرة والتي أجمعت عليها كل الفصائل الفلسطينية ما عدا المنظمة المتمثلة برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لأن هذه النقاط اشتملت على إلغاء الاعتراف بإسرائيل وحل السلطة الوطنية وتبني مشروع المقاومة. وعند وفاته كانت جنازته وبيت العزاء بمثابة استفتاء شعبي فلسطيني وإجماع وطني بامتياز على فكره ونهجه".
حرب تموز 2006 و"الوعد الصادق"
خلال عدوان تموز 2006 على لبنان، كان الدكتور رمضان بمثابة القائد العام للقيادة الأمنية والعسكرية للحركة بحسب ما صرّح شقيقه في مقابلته مع موقعنا، وكان يتابع مجريات الأمور في الميدان وبقي على اتصال وتشاور طيلة أيام الحرب مع الاخوة في حزب الله.
أما عن تسمية عملية المقاومة في 12 تموز 2006 بـ"الوعد الصادق" فهي كانت فعلا من اقتراح الدكتور الراحل رمضان شلّح على سماحة السيد حسن نصر الله بتسمية تلك العملية انطلاقا من وعد السيد المطلق لشعبه بأن يكون صادقا دائما وأبدا وهو حقا كذلك".
كلمة أخيرة..
ويختم شقيقه "لقد أحب الدكتور رمضان الجمهورية الإسلامية والاخوه في حزب الله بلا حدود، ويعتبرهم صادقين في كل ما وعدوا به شعبنا وحركة الجهاد الإسلامي. وكان الدكتور رمضان من شدة إعجابه بسماحة السيد حسن نصر الله وحبه له يصفه بأنه خميني العرب، ونحن اليوم من بعد الدكتور رمضان سنمضي على نفس الطريق درب الوفاء له وللشهداء الموسوي والشقاقي وسليماني ومغنية وبهاء أبو العطا حتى نصلي جميعا في القدس".