خاص العهد
مناطق "نبع السلام": النموذج الدموي الذي تبشر به تركيا
محمد عيد
تطلق قوات الغزو التركية والفصائل الموالية لها العنان لأبشع الانتهاكات بحق المواطنين السوريين المتواجدين في ريفي الحسكة والرقة المعروفة بمناطق "نبع السلام" والتي احتلها الجيش التركي الغازي في تشرين الأول من العام ٢٠١٩.
انتهاكات بالجملة
يرى المحلل السياسي حازم عبد الله أن تركيا تعمد على حساب الأهالي الأبرياء إلى تعزيز وجودها العسكري والسياسي في تلك المناطق فضلاً عن النهب الممنهج للثروات الاقتصادية الموجودة هناك.
وفي تصريح خاص بموقع "العهد" الإخباري استعرض عبد الله بعضاً من الانتهاكات الممنهجة التي قام بها خلال الشهر السادس من هذا العام الجيش التركي والفصائل المرتبطة به بحق الأهالي الآمنين سواء بالفعل المباشر للإرهاب أو عبر " تسييب" الأمن وإخلاء الجو للصوص والمجرمين يفعلون ما يشاؤون بلا حسيب أو رقيب، فقد استشهد ثلاثة مدنيين بقصف برّي طال مناطق في تل أبيض كما قتل مدني على يد لصوص في مدينة رأس العين.
وقُتِل ثلاثة من عناصر الميليشيات، اثنان منهم باشتباكات فصائلية في قرية تل ذياب بريف رأس العين، وواحد بقصف برّي على مدينة رأس العين.
ورغم أن مناطق "نبع السلام" لم تشهد خلال شهر حزيران أي تفجير، أشار عبد الله الى أنها شهدت اثنتين من المعارك والتناحرات بين الفصائل أدت لمقتل اثنين من عناصر هذه الميليشيا وإصابة خمسة آخرين بجروح متفاوتة.
الاقتتال الأول كان في ١٥ من شهر حزيران حيث كانت منطقة رأس العين بريف الحسكة مسرحاً لاقتتال دام بين فصيل "أحرار الشرقية" من جانب وفصيل "'فرقة الحمزات" من جانب آخر بسبب خلافات بين الطرفين على الاستيلاء على منازل الأهالي لتسليمه إلى عنصر من فرقة الحمزات الأمر الذي أدى إلى إصابة اثنين من فرقة الحمزة بجراح نتيجة استهدافهم بالرصاص.
أما الاقتتال الثاني فكان بتاريخ ١٨ حزيران حيث شهدت قرية تل ذياب بريف رأس العين اقتتالًا عنيفاً بين فصيل "أحرار الشرقية" من جهة و"الفرقة ٢٠" وفصيل "فرقة الحمزة" من جهة أخرى حيث استخدم الطرفان أسلحة ثقيلة وقذائف rbg وهو الأمر الذي تسبب بنزوح الأهالي من قرية تل ذياب بشكل كامل. وتسببت الاشتباكات بمقتل عنصرين وإصابة ٣ آخرين بجروح خطيرة كما استولى عناصر الحمزة على مقرات ونقاط لفصيل الشرقية.
وزير الداخلية التركي يتجول في أرض سوريّة محتلة
وأضاف المحلل السياسي في حديثه لموقعنا أن المناورات العسكرية بين قوات الاحتلال التركي والفصائل الموالية لها تعتبر حدثًا دوريًا يؤرق الأهالي ويقض مضاجعهم ويهدف إلى ترويعهم بشكل مقصود مثلما حصل في ١٨ حزيران عندما عمدت فصائل موالية لأنقرة وبحضور ضباط أتراك إلى إجراء تدريبات عسكرية بالذخيرة الحية بريف رأس العين الواقع في ريف الحسكة ضمن منطقة " نبع السلام" وهو اليوم الذي وصل فيه وزير الداخلية التركي سليمان صويلو إلى مدينة تل أبيض شمالي الرقة تحت عنوان تفقد المستوطنات التي يجري إنشاؤها من قبل المنظمات التركية في المنطقة تحت ذريعة إنشاء "منطقة آمنة" للسوريين.
وشدد عبد الله في حديثه لموقعنا على أن "تسلل وزير الداخلية التركي إلى أرض سوريّة محتلة وسط حماية من جنوده والميليشيا المرتبطة بهم يعني في المفهوم التركي "استلحاق" هذه الأراضي بتركيا وربطها بشكل "إداري" بالدولة التركية، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تعكس بشكل لا لبس فيه أطماع الأتراك في الأراضي السورية وعملهم الجاد على الرهان على عاملي الزمن والتغيير الديموغرافي من أجل تكرار مأساة لواء اسكندرون الذي سلخ عن سوريا في ثلاثينيات القرن الماضي.
الأهالي ينتفضون
وأضاف عبد الله في حديثه لموقعنا أن الاحتجاجات على ممارسات المحتل التركي وأدواته من قبل الأهالي في مناطق "نبع السلام" لا تنقطع وإن كانت تجابه عادة بالحديد والنار. واستشهد على ذلك بالمظاهرة التي قام بها أصحاب المحلات التجارية في مدينة "رأس العين" أمام "المجلس المحلي" التابع لتركيا بعدما أضربوا عن العمل وأغلقوا محلاتهم التجارية احتجاجًا على سرقة محل تجاري وسط سوق المدينة من قبل عناصر في فصيل "فرقة الحمزة" التابع لـ "الجيش الوطني" العميل لتركيا وقيام عناصر الفصائل المنضوية فيه بفرض "أتاوات" عليهم بقوة السلاح فضلاً عن أخذ البضائع من هذه المحلات بالعنوة ودون دفع المال.
وأشار المحلل السياسي كذلك إلى الصدام الذي جرى بين أصحاب الصيدليات من جهة ولجنة الصحة التابعة لـ "المجلس المحلي والشرطة المدنية" من جهة أخرى، وقيام عناصر هذه الشرطة بإطلاق النار لفض المتظاهرين.
عبد الله أكد أن الفساد والمحسوبية والخوة والترهيب تحضر بقوة في مناطق "نبع السلام" التي تسيطر عليها تركيا وما تم ذكره خلال الشهر الماضي هو غيض من فيض الإرهاب الذي يجري في تلك المنطقة وغيرها من المناطق التي يحتلها الأتراك في سوريا.