خاص العهد
سوريا تستعيد الحياة: مهرجان القلعة والوادي يجذب المغتربين
محمد عيد
يكرّس مهرجان القلعة والوادي لهذا العام مناخ الاستقرار الذي تعيشه محافظة حمص في سوريا، فالأنشطة المتنوعة داخله فنيًا وثقافيًا ورياضيًا وزراعيًا وسياحيًا ساهمت إلى حد بعيد في تحريك عجلة الاقتصاد في المنطقة التي تعتبر سياحية بامتياز، والأهم أنها كانت مناسبة لعودة المغتربين السوريين في الخارج إلى بلادهم ليسهموا في جهود مد البلد بأسباب تماسكه بعدما وجدوا في المهرجان مناسبة متكاملة للتمعن في ما يمكن العمل عليه مستقبلًا.
في هذه العام اختار القائمون على مهرجان القلعة والوادي إطلاق فعالياته من ساحة كنيسة سيدة المنتابية في منطقة وادي النصارى بريف حمص الغربي وسط أجواء من البهجة والسرور.
التراث والفلكلور الخاص بالمنطقة ذات الجمال الطبيعي الباذخ تجليا بشكل واضح في معرض "تراث الضيعة" الذي تضمّن أدوات تقليدية يدوية ومأكولات متنوعة وشهية من المطبخ الخاص بالمنطقة.
قلعة الحصن التاريخية التي ذهب أحد المواقع الأوروبية لوصفها بأنها أعظم قلعة في التاريخ والتي يعود تاريخها إلى القرن الثاني عشر ميلادي شكلت هي الأخرى بجبلها الشامخ مسرحًا لانطلاق فعاليات المهرجان المتنوع والذي يهدف القائمون عليه لاجتذاب المغتربين السوريين في الخارج وجعل المهرجان محطة مهمة ومفيدة لهم يستشرفون من خلاله آفاق العودة إلى بلادهم ويستقرئون كذلك ملامح فتح مشاريع اقتصادية بواجهات سياحية في الغالب تعيد أموالهم إلى البلاد لتساهم في انعاشها وزيادتها على النحو الذي يرضي الجميع.
في هذا الإطار، قال محافظ حمص المهندس بسام ممدوح بارسيك في حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري إن نسخة هذا العام ٢٠٢٢ يطبعها التنوع وتحتوي نشاطات وفعاليات ثقافية وفنية وترفيهية فضلًا عن الأنشطة الزراعية مثل معرض إنتاج العسل الذي تشتهر به المنطقة.
وأشار محافظ حمص إلى أن الفعاليات تهم جميع الشرائح حيث تم التركيز على التنويع سواء في الفعاليات أو في الأماكن، وكل وحدة إدارية في منطقة الوادي كانت مشاركة في هذا المهرجان بعدما أصبح العرف قائمًا على تغيير مكان الافتتاح في كل عام ضمن الوحدات الإدارية في منطقة الوادي.
ولفت محافظ حمص في حديثه لموقعنا إلى أن الوادي يتميز بجماله الطبيعي وبالمحبة ودفء التواصل مع القادمين، كما يتميّز أيضًا بتنوع الأماكن السياحية والأثرية فيه، فمنطقة وادي النصارى منطقة سياحية معروفة في سوريا، وتزامن المهرجان فيها مع عودة المغتربين الذين رأوا النشاطات والفعاليات المتنوعة فيها بأم العين.
وشدد محافظ حمص في حديثه لـ"العهد" على أن "إحدى أهم وسائل التسويق لأي منتج هي المهرجانات التي تقوم بالتسويق للحركة الاقتصادية والسياحية، وإحدى أهم ميزات هذا المهرجان أنه أقيم بجهود أبناء الوادي وبتعاونهم وتكافلهم جميعًا، فيما اقتصر دورنا على النواحي الإشرافية والتنظيمية، فكل الشكر للأيادي البيضاء التي ساهمت في إنجاز هذا المهرجان" .
مدير مهرجان القلعة والوادي همام غالي أشار بدوره في حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري إلى أن أسهم هذا المهرجان ترتفع في كل عام، بدليل أن المغتربين في الخارج باتوا يوقتون مواعيد عودتهم إلى البلد بالتزامن مع أيام المهرجان التي تذكرهم بالكثير مما عايشوه في بلادهم قبل السفر الى بلاد المغترب.
في هذا السياق، قال المغترب ابراهيم مطانيوس في تصريح لـ "العهد" إن "هذا المهرجان يبعث على الدفء في القلوب وينعش الذاكرة العارمة بالصور الجميلة عن محبة السوريين وكرمهم والترابط فيما بينهم"، مشيراً إلى أنه بعد حضوره هذا المهرجان للسنة الثانية على التوالي بات يفكر جدياً في نقل بعض مشاريعه من أمريكا إلى سوريا.
من جهتها، أشارت مديرة سياحة حمص ملك عباس في تصريح خاص بموقع "العهد" الإخباري إلى أن الكثير من المواطنين السوريين من خارج محافظة حمص فضلاً عن المغتربين فضّلوا قضاء إجازاتهم في حمص بالتزامن مع فعاليات مهرجان القلعة والوادي والبعض منهم حرص على المشاركة في فعالياته وخاصة الرياضية منها: "لقد شعرنا بأن السوريين اجتمعوا هنا في هذه البقعة الساحرة من الأرض السورية".
وقال مشرف بطولة كرة القدم في المهرجان مروان خوري إن منافسة كرة القدم في المهرجان والتي تحصد متابعة شعبية كبيرة تعتبر مناسبة هامة لاكتشاف المواهب الواعدة التي تنتشر على مساحة المنطقة والتي يمكن أن ترفد الأندية والمنتخبات الوطنية في المستقبل.
الحضور الكثيف للمواطنين السوريين في مختلف فعاليات المهرجان عكس حالة من الرغبة في تحدي الصعاب واجتراح الحلول لكل الأزمات من خلال عناوين سياحية وعلمية وفكرية وتراثية ليست بعيدة عن الجدوى الاقتصادية المأمولة.a