خاص العهد
أزمة نفايات في بيروت: غياب التمويل يكرّس الحلول "الترقيعية"
هبة العنان
ما كان ينقص شوارع لبنان المظلمة وطرقاته المهملة إلا بعض المشاهد التي توثق تحوّل بيروت إلى إحدى أكثر عواصم العالم تلوثًا، ففي أشد الأيام حرًا تغيرت رائحة شوارع العاصمة لتجتاح النفايات الطرقات والأزقة، وتتمدد في عدد من المناطق وصولا إلى كسروان.
الأزمة القديمة تتجدد بين الحين والآخر، إلا أنها أتت هذه المرة في أسوأ الظروف، ففي نهار الجمعة الماضي وقع حادث في مطمر الجديدة برج حمود تسبب بوفاة طفل وُجد هناك من قبل عدد كبير من "النكاشين" الذين يدخلون يوميًا إلى المطمر، وهو ما دفع بالنائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون إلى توقيف سائق الشاحنة والمقاول.
نتيجة لذلك قرر عمال الجرافات إقفال المطمر ريثما يجد المسؤولون حلًا لمسألة "النكاشين" الذين يأتون بأعداد كبيرة، علما أن حادث الجمعة هو الثاني في المطمر في أقل من عام. ومع إقفال المطمر وتعذر إفراغ النفايات، توقفت شركة "رامكو" عن الكنس والجمع في مدينة بيروت، لتنتشر بعد ذلك الروائح الكريهة والحشرات التي وصلت إلى المنازل، وباتت تشكل خطرا كبيرا على صحة المواطن.
وفي هذا السياق، أكد وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال، ناصر ياسين، في حديث لموقع "العهد" الإخباري أن "المطمر فُتح صباح اليوم وعاد إلى العمل بشكل طبيعي بعد أن جرى تأمين الحماية الأمنية له عبر أمن الدولة وبإيعاز من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي"، مضيفًا أن "محافظ بيروت والبلديات التي ترسل نفاياتها إلى المطمر بالتعاون مع مجلس الإنماء والإعمار يعملون على إيجاد حلّ دائم لمسألتي النكاشين وحماية المطمر".
وحول ما حكي عن إمكانية لجوء بلدية بيروت والشركة المتعهدة إلى مطمر بديل عبر تجميع النفايات في معمل الفرز في الكرنتينا، قال ياسين إن "المعمل ليس مساحة لجمع النفايات وليس الحل للأزمة المتكررة في المدينة"، موضحًا أنه "يمكن أن يكون جزءًا من حل الأزمة عامة، الذي يكون بإعادة العمل في معامل الفرز، ما يخفّف الضغط على المطامر ويؤسّس فيما بعد لثقافة الفرز".
ولفت إلى أن "عملية إعادة إعمار المعمل المذكور لم تبدأ - بعد أن تضرر كثيرًا جراء انفجار مرفأ بيروت - بانتظار إعداد دفاتر الشروط وتولي المتعهد الأعمال المطلوبة".
هل تعود الأزمة مع نهاية عقد شركة "رامكو" في نيسان المقبل؟
صحيح أن الأزمة انفرجت قليلا اليوم، إلا أنها يمكن أن تعود وتشتد مع نهاية عقد "رامكو" في الأول من نيسان المقبل، خصوصا أنها أبلغت بلدية بيروت عدم رغبتها في تجديد العقد، ما يعني البحث عن شركة جديدة ومتعهد بدفتر شروط جديد، وهو ما دفع البلدية إلى وضع حلول من بينها تقسيم المدينة إلى 5 أقسام يتولى فيها 5 متعهدين صغار عملية الجمع والكنس.
وزير البيئة علّق على هذا الموضوع قائلا "إن الوزارة تقدم المساعدة للبلدية لوضع دفاتر شروط جديدة"، مشيرًا إلى أن "ما طُرح لجهة تقسيم المدينة إلى 5 أقسام على 5 متعهدين، هو جزء من الحل الذي ناقشناه سابقا مع البلدية، يبدأ بما تقدم وينتهي بإعادة العمل في معامل الفرز".
وذكر أن "الاقتراح تجري دراسته حاليا وسينتهى من ذلك في غضون شهرين"، مضيفًا "سنكون خلال الأشهر السبعة المقبلة أمام مرحلة انتقالية لتلزيم المتعهدين من قبل البلدية وإعادة إعمار معمل الكرنتيا ودخوله حيز العمل لاحقا".
شري لـ"العهد: المشكلة الأساسية لكل خطة يتم وضعها هي التمويل
من جهته، أشار عضو كتلة الوفاء للمقاومة، النائب أمين شري، إلى أن "الشركة المتعهدة الحالية تجمع يوميا حوالي 600 طن من النفايات، 200 منها تنقل إلى مطمر الكوستا برافا و400 إلى مطمر الجديدة برج حمود، وهذا ما شكل ضغطا كبيرا على المطمر الأخير"، معتبرا أن "الحلّ يكون عبر استكمال العمل بمعملي العمروسية والكوستا برافا وإعادة إعمار معمل الكرنتينا".
النائب عن مدينة بيروت أوضح في حديث لموقع "العهد" أن هذا الحل "يخفف بحوالي 25 إلى 30 % من كميات النفايات المنقولة إلى المطامر"، لافتا إلى أن المشكلة الأساسية لكل خطة يتم وضعها في هذا السياق هي التمويل، ما دفع المعنيين للجوء إلى سياسة الترقيع".
وحول ما تطرحه البلدية بعد انتهاء عقد "رامكو"، أكد شري "إننا إلى جانب البلدية في أي قرار تتخذه، وما يهمنا أن تقوم الشركات بمهامها بأكمل وجه، لنتفادى الأزمة المتكررة التي تُعرّض أهالي المدينة إلى مخاطر صحية كبيرة".
فرز النفاياتأمين شريبيروت الكبرىالبيئةناصر ياسين