خاص العهد
اتفاق الترسيم يعصف بكيان العدو .. تهديدات حزب الله تفرض التنازلات
زكريا حجازي
تصاعدت حدة السجال في الكيان الصهيوني حول اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، إلى المستوى الذي أدى ببعض وسائل الإعلام الصهيونية لوصفه بـ"عاصفة على المستوى السياسي".
رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو أعرب أمس عن غضبه واستيائه من الاتفاق، وأعلن رفضه له معتبرًا أنه غير قانوني، وقال: "خلال ثلاثة أشهر فقط، بعد تهديد واحد من (الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله)، لابيد استسلم بشكل مخزٍ. لابيد أخذ غاز مواطني "إسرائيل" وأعطاه لـ (السيد) نصر الله وحزب الله".
المحلل السياسي والخبير في الشؤون الصهيونية حسن حجازي، أشار في حديثٍ لموقع "العهد الإخباري" إلى أنَّ موقف حزب الله في ما يتعلق بموضوع الترسيم البحري، حقق إنجازين أساسيين، أولهما حماية حقوق لبنان في ثرواته الغازية والنفطية، وثانيهما إشعال الخلافات بين المسؤولين الصهاينة وإظهار "إسرائيل" ضعيفة أمام المقاومة.
وأوضح حجازي، أنَّ الخلافات بين المسؤولين الصهاينة والتباين في مواقفهم حيال الترسيم البحري مع لبنان، طابعه سياسي وانتخابي أكثر ممَّا هو خلاف مبدئي.
ولفت إلى أنَّ الفترة الراهنة، حساسة ومفصلية بالنسبة للصهاينة، حيث إنهم على مسافة نحو شهر من انتخابات الكنيست الصهيوني، وكل طرف يحاول أن يستغل هذه الفترة لتسجيل نقاط له على حساب الطرف الآخر.
وأضاف حجازي: "اتفاق الترسيم يحمل عدَّة أوجه على هذا المستوى، بنيامين نتنياهو ركَّز في مواقفه على أن هذه الاتفاقية هي استسلام أمام حزب الله، وتشكل تنازلًا عن "السيادة الإسرائيلية" عن حقول ومناطق اقتصادية في البحر، وهو يحاول أن يلوِّح بهذه الورقة في المعركة الانتخابية ليظهر أن الحكومة الحالية غير جديرة بالحفاظ على المصالح "الإسرائيلية"، وبالتالي هو يصوب على هذه النقطة بشكل خاص على أنَّ حكومة لابيد حكومة مستسلمة، خاضعة، أمام حزب الله".
وأشار إلى أنَّ "نتنياهو يراهن على أن يكون لموقفه وتصريحاته وقع كبير على مستوى الناخبين. في حين يركَّز لابيد على أنَّ الاتفاق يحمل مكتسبات كبيرة للكيان الصهيوني على المستوى الاقتصادي والأمني والاستقرار على الحدود الشمالية (مع لبنان) وعلى الجبهة البحرية، ويحاول أن يُسوِّق الاتفاق أمام الرأي العام كإنجاز أمني وسياسي واقتصادي". مبينًا أنَّ هذا الموضوع يعني الكثير للصهاينة.
وأكَّد حجازي، أنَّ كل طرف في الكيان الصهيوني يحاول أن يشوِّش ويزايد على الطرف الآخر، ولابيد يقول، إن طريقة تعاطي المعارضة معه تخدم حزب الله وتُظهر "إسرائيل" على أنها منقسمة وضعيفة.
ورأى المحلل السياسي والخبير في الشؤون الصهيونية، أنَّ المسؤولين الصهاينة يركزون على نقطتين أساسيتين: الأولى موضوع خط "الطفافات"، حيث يقولون، إنهم حصلوا في هذه النقطة على ضمانات أمنية، وهي المسافة التي تمتد نحو 6 كم من نقطة اليابسة، وهي منفصلة عن خط الترسيم البحري، ما يعني أن خط الترسيم البحري يقع بعد هذه النقطة، ابتداءً من خط الـ 23، ولكن منها إلى اليابسة يصبح على أساس الخط رقم 1.
المسؤولون الصهاينة بحسب حجازي يعتبرون أنَّ هذه المساحة هي ضمانة أمنية. طبعًا لم يقولوا، إنَّ لبنان تنازل عن السيادة فيها، واللبنانيون كان لديهم رد مختلف، وهذه من النقاط التي فيها إشكالية.
ولفت إلى أنَّ المنطقة الاقتصادية لا ينطبق عليها قانون السيادة الذي ينطبق على اليابسة، وعلى المياه الإقليمية في البحر، أما خط "الطفافات" فعمقه نحو 6 كم فقط، وعليه جدل.
وأشار حجازي خلال حديثه لـ"العهد" إلى أنَّ لدى الصهاينة نقطة أخرى لها علاقة بالتعويض عما يعتبرونه حصة لهم من الغاز المستخرج من حقل قانا، موضحًا أنَّ هذه النقطة تم حلها عبر إلزام شركة "توتال" بدفع ما سُمِّي بالتعويضات، الأمر الذي لا علاقة للبنان فيه.
وشدَّد على أنَّ "عامل المقاومة هو عامل بارز، وهو العامل الأساسي الذي أظهر الموقف الصهيوني على أنه موقف ضعيف، فقبل كلام السيد نصر الله، وقبل التهديد بالمسيرات وباللجوء إلى القوة، كان العدو الصهيوني يناقش انطلاقًا من خط "هوف" ويقول للبنانيين، إن أردتم التفاوض تفضلوا وإن لم تريدوا فأنتم أحرار".
ويضيف حجازي: "لكن "الإسرائيلي" الآن يقول، إنه خلال الـ3 أشهر الأخيرة، حصل التحول، وتغير موقف كيان العدو"، مؤكدًا أنَّ ما وصلنا إليه كان بفضل المقاومة، فالعدو الصهيوني رضخ فقط عندما أعلن سماحته أن استخراج العدو من حقل "كاريش" لن يحصل ما لم يحصل لبنان على كامل حقوقه.
من هذا المنطلق، بيَّن حجازي خلال حديثه لـ"العهد" أنَّ حكومة العدو تعتبر أنَّ المقاومة وضعتها أمام تحدٍ كبير، وأجبرتها على الخضوع، وهذا ما يعبر عنه نتنياهو بأن الموقف "الإسرائيلي" خضع لتهديدات حزب الله، وحتى المراقبون "المحايدون" في الكيان الصهيوني يقولون، إن العامل المؤثر في تسريع المفاوضات وفي التوصل إلى اتفاق كان الحاجة "الإسرائيلية" لاستخراج المشتقات النفيطة، وهذا لن يحصل ما لم يحصل اتفاق مع لبنان.
وخلص حجازي إلى أنَّ "حزب الله وتهديدات السيد نصر الله كانا الحاضرَين الأساسيَّين في الاتفاق، والمحرك والعامل الرئيس لكل ما تم التوصل إليه على مستوى الترسيم والتنازلات التي قدمها العدو الصهيوني للبنان".