معركة أولي البأس

خاص العهد

تطور المدارس الرسمية جنوبًا بجهود العمل البلدي
01/11/2022

تطور المدارس الرسمية جنوبًا بجهود العمل البلدي

داني الأمين

منذ التحرير في العام 2000 بدا واضحًا مدى الإهمال الذي لحق بالمدارس الرسمية لا سيما الابتدائية منها في المناطق الحدودية في جنوب لبنان. إدارة الظهر للمدارس الرسمية جنوبًا أدت لاحقًا إلى زيادة أعداد المدارس الابتدائية الخاصة على حساب المدارس الرسمية، واقفال 5 مدارس ابتدائية رسمية في قضاء بنت جبيل وحده عام 2010 بقرار من وزيرة التربية السابق حسن منيمنة، بسبب عدم وجود الطلاب، وتم حينها دمج عدد من المدارس والحاق الأساتذة والمدرسين بأماكن أخرى.

خطة النهوض بالتعليم الرسمي في جبل عامل وبنت جبيل رفعت نسبة نمو الطلاب إلى 70%

يشير رئيس بلدية عيناتا السيد رياض فضل الله لموقع "العهد" الاخباري إلى أن التحرير واعادة الاعمار بعد انتصار المقاومة في حرب تموز أديا الى زيادة الأمن والأمان في المنطقة، وبالتالي عودة مئات النازحين إلى قراهم، وارتفاع أعداد المقيمين، وبالتالي ارتفاع أعداد الطلاب. وفيما أدّى الاهمال المتمادي للمدارس الرسمية الى تراجع عدد طلاب مدرسة عيناتا إلى 24 تلميذًا، ساهمت صحوة العمل البلدي ومعه اتحاد بلديات بنت جبيل وبلدية عيناتا باعادة الاعتبار للمدرسة الرسمية، بعد وضع خطة ممنهجة لدعمها، ما أدى إلى ارتفاع عدد الطلاب في مدرسة عيناتا ليصل قبل الأزمة الاقتصادية عام 2019 إلى 500 تلميذ.

من جهته، يلفت مدير مشروع النهوض بالمدارس الرسمية في اتحادي بلديات بنت جبيل وجبل عامل، ورئيس تجمع المعلمين في منطقة جبل عامل الأولى عباس أسعد في حديث لموقع "العهد" الى أن "اتحادي بلديات بنت جبيل وجبل عامل نفّذا خطة تربوية قبل الأزمة الاقتصادية الأخيرة، استمرت لمدة ست سنوات، تحت شعار النهوض بالتعليم الرسمي، بهدف جعل المدارس الرسمية مؤهلة لاستيعاب جميع المتعلمين في المنطقة، وقد تم العمل حينها على تحقيق مجموعة أهداف، منها: تطوير الادارات المدرسية، تحسين أداء المعلمين وتطوير قدراتهم، رفع المستوى التعليمي للطلاب، الاهتمام بالجانب النفسي والسلوكي للطلاب، تأهيل المباني المدرسية، اعادة الثقة بالمدرسة الرسمية".

تطور المدارس الرسمية جنوبًا بجهود العمل البلدي

وبدا جليًّا بحسب أسعد أن "هذه الخطة حققت نجاحًا لافتًا يستحق التقدير، فخلال ست سنوات، منذ العام 2016، زاد عدد الطلاب في مدارس الاتحادين بما يزيد على 70 %، وكل ذلك بدعم البلديات والجهات المانحة ومجلس الجنوب، اضافة الى الدعم الرئيسي من الاتحادين، حتى أصبح التعليم في معظم المدارس الرسمية الابتدائية في المنطقة مجانيًا بالكامل، بعد أن تم تأمين الكتب المدرسية والقرطاسية ودفع بدلات النقل للطلاب، إضافة الى تأمين رواتب عشرات المعلمين الجدد الذين احتاجت اليهم المدارس ولم توافق الوزارة على تغطية رواتبهم بسبب قرار وقف التعاقد".

ومن أجل استعادة الثقة بالتعليم الرسمي في المنطقة يشير أسعد الى أن "تنفيذ الخطة تضمّن التركيز على مرحلة الروضات من خلال اختيار معلمين متخصصين وتأمين بيئة تعليمية مناسبة للأطفال واقامة دورات تدريبية مستمرة، كما أقيمت نشاطات لا صفّية متنوعة، من بينها التدريب على أنشطة الروبوت، التي جعلت طلاب المنطقة يحتلون المركز الأول في لبنان، ويمثلون لبنان في مباريات عالمية، وبفضل هذه الخطة، باتت كل المدارس الرسمية (26 مدرسة) في المنطقة تدرّس اللغة الانكليزية، وارتفعت نسبة النجاح في الامتحانات الرسمية الى 90%.

في هذا الإطار، يذكر رئيس اتحاد بلديات بنت جبيل السيد رضا عاشور أن "الاتحاد اطلع على حاجات المدارس الرسمية حينها، فتبين لنا أنها تحتاج إلى الدعم في كافة المجالات، ابتداء من البناء المدرسي، مرورًا بالكادر التعليمي وتجهيزات المدارس وتحفيز الطلاب وتدريبهم، فكانت خطة النهوض لتأمين كل ذلك، كما اجُريت دورات تقوية للطلاب في كل المراحل، وكان ذلك مكلفاً، حتى وصلت الكلفة الى حوالي 150 ألف دولار سنويًا من اتحاد بنت جبيل وحده، على مدى ست سنوات. وهنا يؤكد المسؤول التربوي في منطقة جبل عامل الأولى في حزب الله حيدر مواسي أن "أبناء المنطقة لهم الفضل الكبير في نجاح الخطة التربوية، كون همهم الأول كان يرتكز على تعليم أولادهم رغم كل المعاناة والمآسي".

منصة الكترونية تضمنت 100 فيديو تعليمي خلال جائحة "كورونا"

خلال جائحة كورونا، تم تعديل الخطة التربوية، والتركيز على كيفية الحفاظ على المستوى التعليمي للطلاب، وتأمين الدعم اللازمة لهم من خلال التدريس عن بعد، وبتوجيه من التعبئة التربوية في حزب الله تم انشاء منصة الكترونية سجّل فيها أكثر من 700 فيديو تعليمي في كل المواد التعليمية، ليتطور أداؤها، بحسب الاستاذ عباس أسعد بشكل سريع بعد عدة لقاءات تربوية، واجتماعات مكثفة، ودورات تدريبية للمعلمين على البرامج الالكترونية.

لجان لدعم المعلمين والطلاب اقتصاديًا

بعد انتهاء أزمة كورونا، وتفاقم الأزمة الاقتصادية، بات دعم التعليم في المدارس الرسمية يأخذ أبعادًا مختلفة، ويحتاج الى مواكبة مغايرة، لا سيما في ما يتعلق بمواجهة التسرّب المدرسي، وتأمين انتظام العمل في المدارس الرسمية، التي بات معلموها يعانون من ضائقة اقتصادية لا تسمح لمعظمهم في تأدية عملهم بشكل دائم، بسبب عدم القدرة على الحضور الى مراكز عملهم، أو بسبب الاضرابات المحقة، التي تهدف الى استعادة رواتبهم وحقوقهم المهدورة.

في هذا السياق، يؤكد عاشور أن "الهدف الأساسي اليوم للاتحادات والعمل البلدي بشكل عام، هو تأمين انتظام عمل المدارس الرسمية والتخفيف من حدة تسرب الطلاب الى المدارس الخاصة، بسبب أوضاع المعلمين الاقتصادية".

ولذلك يشير عباس أسعد الى أن "اجتماعات عقدت مؤخرًا باشراف العمل البلدي، هدفها تأمين ما يلزم لانتظام عمل المدارس الرسمية. ولما كانت الأوضاع الاقتصادية للبلديات واتحادات البلديات سيئة جداً، كان الحل بتأمين بدائل دعم مادية من قبل الأهالي والجهات المانحة". ويلفت أسعد الى أن "ما تم تحقيقه من خطة تربوية في قرى اتحادي بنت جبيل وجبل عامل، ساهم في بناء ثقة جيدة مع الأهالي، وهذا يساهم اليوم في تأمين مساعدات مالية من الأهالي ورجال الخير، لدعم المدارس الرسمية".

كما تم تشكيل لجان من قبل كل بلدية على حدة، كل لجنة هدفها الحصول على المساعدات من قبل الأهالي والمغتربين وأي جهة مانحة، ويوضح أسعد في هذ الاطار أن "كل بلدية معنية بحل أزمة مدرستها ومعلميها، من خلال الأموال التي يتم جمعها، وانفاقها حسب الأولويات المطلوبة لتأمين سيرورة عمل المدرسة الرسمية، ومن أهم هذه الأولويات هي سد النقص بأعداد المعلمين، وتأمين بدلات انتقال المعلمين والطلاب، حسب حاجة كل منهم. ويبدو أن الخطة الحديثة بدأت تحقق نجاحا لافتاً، بعد الحصول على جزء من الأموال المطلوبة في الفترة الأولى، فقد تم تغطية النقص بأعداد المعلمين في منطقة جبل عامل الأولى بنسبة 90%، وعلى حساب صناديق اللجان التربوية التي تم اختيارها من قبل البلديات.

المدارس الرسمية

إقرأ المزيد في: خاص العهد