معركة أولي البأس

خاص العهد

حضور معلمي "الرسمي" لمدارسهم توقف قسرًا.. ماذا بعد الخميس؟
28/11/2022

حضور معلمي "الرسمي" لمدارسهم توقف قسرًا.. ماذا بعد الخميس؟

لا تبدو الزحمة في الشوارع على وتيرتها اليوم، ثمّة انخفاض في حدّتها. الأمر لا يتعلق بمنع للتجول أو بانقطاع للمحروقات، لكن جزءًا من أساتذة التعليم الرسمي لم يعودوا قادرين على دفع أجرة الذهاب إلى أماكن تدريسهم بوسائل النقل المختلفة، أو أنّ خزانات الوقود في سياراتهم بات يملؤها الهواء بعد أن نفدت حفنة الليرات التي تقاضوها كراتب أول الشهر.

التوقف القسري عن العمل كان أمرًا واقعًا فُرض على المعلمين في التعليم الأساسي من اليوم حتى الأربعاء المقبل، عسى أن يحمل آخر الشهر تحسنًا في الرواتب وأن يلحظ زيادة في بدل التنقل التي لم يحصلوا عليها منذ بداية العام تقريبًا.

التوقف الذي بدأه معلمو الأساسي في المدارس الرسمية اليوم، سينضم إليه زملاؤهم في التعليم الثانوي يومي الثلاثاء والأربعاء، وستكون الشوارع خالية بشكل أكبر، إن من حركة المعلّمين أو من طلابهم، الذين سيلزمون بيوتهم بطبيعة الحال، فيما تشخص الأنظار إلى موعد آخر الشهر، ليبنى على الشيء مقتضاه، فهل يأتي الفرج ويكحّل الأساتذة عيونهم بالزيادة الموعودة ليعاودوا سبر طريقهم إلى تعليم أجيال المستقبل، أم أنّ الأمور ستراوح مكانها وتزيد سوءًا، لا سيما بعد بدء سريان مفعول الدولار الجمركي وسعر صرف الدولار الرسمي في بداية آخر شهر من العام؟. 

جواد: لن نذهب إلى الإضراب المفتوح أبدًا

رئيس رابطة التعليم الأساسي، حسين جواد، يلفت في حديث لموقع "العهد" الإخباري إلى أنّ التوقف القسري عن الحضور إلى المدرسة كان بسبب فقدان المعلمين لأي إمكانية للوصول إلى مدارسهم. ويضيف "اليوم يتقاضى الأستاذ مليوني ليرة أو 2.5 مليون ليرة، وبالكاد يصل راتب من لديه 40 سنة أقدمية في التعليم الأساسي إلى 3 ملايين ليرة لبنانية... الناس خلال هذا الشهر لم تحصل على إيرادات مساعدة لهذا الراتب الذي لا يستطيع أن يجاري ارتفاع أسعار المحروقات للوصول إلى أماكن التدريس، وعليه فإنّ بعض الأساتذة قد يصلون إلى مدارسهم، بمساعدة أو من دونها، وآخرون لا يستطيعون الوصول".

ويضيف " التوقف عن التعليم سيكون طيلة الأيام الثلاثة (من الاثنين إلى الأربعاء)، بانتظار يوم الخميس حيث سيصدر الراتب ويكون من ضمنه بدل التنقل مع ما تتضمنه من متأخرات من شهر شباط إلى حزيران"، لافتًا الى أننا أخذنا توجهًا كهيئة إدارية لرابطة المعلمين في التعليم الأساسي أن تكون هذه الأيام الثلاثة بمثابة غطاء للأستاذ غير القادر على الوصول إلى المدرسة، من خلال إعلان التوقف القسري.

ولدى سؤاله عمّن يتحمل مسؤولية الأموال التي لم تصل للأساتذة، يوجّه جواد إصبع الاتهام بشكل رئيسي للحكومة، ومن ثم للتأخير الذي حصل من وزارة المالية، ويلفت "نحن من شباط إلى الآن بدون بدل انتقال، حاولنا جاهدين خلال 5 أو 6 أشهر أن نحصل على مرسوم بنقل اعتماد لدفع بدل النقل ولم نوفّق، ورفض رئيس الجهورية وقتها أن يوقّع هذا المرسوم، لذلك تأخرت إلى اليوم، والأستاذ لم يعد قادرًا على الوصول إلى المدرسة".

ويضيف "كان بدل النقل مُقرًّا على الـ 64000 ليرة عن كل يوم حضوري إلى العمل، و95000 ليرة يُعمل بها من أيلول وصعودًا، وهذه المسألة ستنتظم بعد أن أصبحت الموازنة سارية المفعول، ويبدأ الدفع على أساس بدل نقل بسعر 95000 ليرة لبنانية خلال الشهر القادم".

"هذا التوقف القسري خلال الأيام الثلاثة هو واقع لا يمكن التبديل فيه" يجزم جواد، لافتًا الى أنّ "الأموال لن تأتي غدًا للأستاذ لخرق التوقف القسري والذهاب إلى المدارس"، مشيرًا إلى أنّ "المشكلة الأكبر ستظهر في الأشهر القادمة، حتى في الرواتب الثلاثة، أحد هذه الرواتب أو أكثر بقليل سيكون بدل نقل إلى المدرسة، حتى بالرواتب الثلاثة لن نستطيع الإكمال بمعيشة لائقة بالأستاذ بالحد الأدنى".

رئيس رابطة التعليم الأساسي يتابع "نحن لا نقول إننا نريد أن نعطي الأستاذ الكماليات التي كان يعيشها قبل الانهيار الذي حصل في البلد، لكننا نقول أننا نريد أن نكمل حياتنا بالحد الأدنى، بانتظار حوافز تحدث عنها وزير التربية وأعلن عنها في أكثر من مناسبة بوسائل الإعلام، وهي إعطاء 130 دولارًا أميركيًا لكل أستاذ".

ويضيف جواد "نحن ذاهبون في هذه المرحلة، من الآن إلى 15 يومًا، ونطالب وزير التربية بإصدار قرارات واضحة بكيفية آلية الدفع ومواعيده لهذه الحوافز، وإن لم تكن هذه الحوافز متوفرة سيكون لدينا مواقف أخرى".

كما يؤكّد جواد أن "الحد الأدنى والحد الأقصى هما الرواتب الثلاثة التي سنقبضها مع بدل النقل، إضافة للحوافز الثلاثة التي وعد بها وزير التربية، ورغم أنه بالرواتب الثلاثة هناك قدرة محدودة على الحضور، إلا أنها ستجعلنا قادرين أكثر على الحضور والاستمرار وعدم اللجوء إلى أي موقف تصعيدي".

وفي حال ذهبت الأمور نحو مسارٍ سلبي، يجيب جواد "نحن كهيئة إدارية، إن لم تأخذ الأمور مجراها كحوافز، لدينا أكثر من خيار، منها تقليص عدد أيام الحضور إلى المدرسة"، مؤكدًا أننا "لن نذهب إلى الإضراب المفتوح أبدًا".

ويردف قائلًا "الموضوع ليس المطالبة بتصحيح سلسلة رتب ورواتب، ونحن نعرف أنه لا يوجد بلد ولا حكومة حاليًا، اليوم لن نذهب ونقول في ظل كل هذه الأجواء والحصار المفروض على البلد نريد أن تصححوا رواتبنا، نحن نعرف أن السبب وراء التأخير في إصدار قرار واضح بالحوافز هو عدم التزام الجهات الغربية أو الدول المانحة بالتزاماتها، فهم التزموا بدفع مبالغ مالية لدعم المعلمين في التربية ونقضوا هذه العهود، ونحن في ظل هذا الواقع نعمل على قدر طاقتنا".

ويختم جواد متوجهًا لوزير التربية في حكومة تصريف الأعمال بالقول "إذا كان لديك جزء من الحوافز أعلن عنه بصراحة، وقل أنا عندي هذا الجزء حاليًا وأنا قادر على أن أدفع لشهر أو شهرين أو ثلاثة أشهر، لتستمر المدرسة، وأن نكون واضحين، وبعدها يتابع استكمال الحوافز لباقي الأشهر".

محرز: هذا الأسبوع حاسم.. ولا نيّة للذهاب إلى "أبغض الحلال"

الأسباب التي أوقفت قسرًا أساتذة التعليم الأساسي، لا تختلف عن نظرائهم في التعليم الثانوي، فرئيسة رابطة التعليم الثانوي ملوك محرز تشير لـ"العهد" إلى أن السبب الأساسي لهذا التحرك هو قبض رواتب هذا الشهر فقط مع تأخر الزيادة وهي المستحقات التي كان ينبغي أن تصرف كبدل نقل قديم إضافة للتأخير بدفع الحوافز التي كان من المفترض أن تصرف منذ شهر تشرين الأول.

وتلفت محرز إلى أنّ "الاجتماعات مفتوحة في الروابط الثلاثة، وبالطبع ليس هناك نيّة للذهاب إلى "أبغض الحلال"، سائلة "إن لم تهتم الدولة بالقطاع التعليمي ماذا نفعل وماذا بقي لدينا لندفعه؟".

وتؤكد رئيسة رابطة الثانوي أن الأمور تتابَع لحظة بلحظة، وإن كان هناك بوادر جيدة من قبل الدولة فسنبادلها بما هو إيجابي، وإن أهملت ما أقرته وقالت إنها ستعطيه للأساتذة، فما العمل عندها ومن أين ندفع لأن ليس لدينا شيء؟.

إلا أن محرز تؤكد أيضًا أنه "لم يعد باستطاعتنا إلا المضي بأمور واضحة، ولن نكرر تجربة العام الماضي، والوضع نحو الأسوأ، نحن سننتظر هذا الأسبوع لأنه حاسم، هناك بعض الأموال سيتم دفعها بالليرة اللبنانية، لكنها ليست كافية وحدها، وهي بالأساس ليست مطلبنا"، وتردف "إن سارت الأمور كما سبق وقرروا فهذا ممتاز، وإن لم تسر الأمور فعندها لكل حادث حديث، ونحن في اجتماعات مفتوحة مع كل الروابط".

وتشير محرز إلى أن آخر لقاء مع وزير التربية كان منذ أسبوع، وأنه سيكون هناك لقاء معه خلال هذا الأسبوع، مؤكدة أن الوزير متعاون، "ولكن ليس المهم هذا التعاون بل نريد نتيجة، فهناك مستحقات ومكتسبات للناس من المفروض أن "تمشي"، نريد النتيجة الإيجابية لصالح الأساتذة".

وعند سؤالها عن الحد الأدنى للتراجع عن التوقف عن العمل، تقول محرز "كنا قد طلبنا تصحيحًا للرواتب والأجور وقد أقرّت الدولة موازنة أعطت فيها مساعدة للقطاع العام، على الدولة أن تلتزم بما أعلنت أنها ستقدّمه، لا أن تلتزم بشيء ولا تقّدمه، ونحن التزمنا بما تعهدنا به لذا على الدولة أن تلتزم بما أقرته من حقوق لنا".

"هذا الأسبوع حاسم، ونحن لسنا هواة إضراب ولا تعطيل ولا نريد تضييع العام الدراسي على الطلاب" تؤكد محرز، مضيفة "لكن في الوقت نفسه نحن كأساتذة لدينا عائلات ومصاريف، فلا نستطيع تقديم شيء من دون مقابل".

وتؤكد رئيسة رابطة التعليم الثانوي أنها لا تريد إخافة الناس وأنها تأمل دائمًا بالإيجابية، وتقول "نحن قدمنا ما لدينا بكل حرص على التعليم وعلى التلاميذ، لكن ألا ينبغي أن يكون هناك حرص بالمقابل على هذا الأستاذ؟"، وتردف "عندما يهاجر الأستاذ خارج البلاد ويترك الوظيفة، وعندما يدخل المستشفى ولا يمكنه دفع فاتورته، هو يضطر للذهاب لطلب المساعدة من الخارج، ألا ينبغي أن يكون هناك مسؤولية تجاه الأساتذة ويبعدنا السياسيون عن الخلافات؟".

وتتابع ""كل عمرنا" لدينا كباش في البلد وهذه ليست المرة الأولى، لكن هناك ما ينبغي أن ينتبهوا إليه، فنحن مثل العسكر، وهذا قطاع أساسي، وهو يرفد كل القطاعات الثانية ويعطي القطاع الإداري ويحافظ على استمرارية البلد، ومن المفترض أن يكون هناك اهتمام بنا".

وفي الختام، تناشد محرز "جميع المسؤولين في الحكومة ورئيس مجلس النواب والنواب، -وهم معنيون باستمرارية قطاع التعليم الرسمي في البلد والمسؤولية تقع على عاتق الجميع- أن يكون لديهم القدرة على تقديم حلول سريعة لهذا القطاع".
 

المدارسالتعليم

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة

خبر عاجل