خاص العهد
فوضى مناخية تهدّد لبنان والجفاف يطرق باب بلاد الشام
لطيفة الحسيني
يستغرب اللبنانيون اليوم غياب الأمطار. كمية غير وفيرة تتساقط ثمّ يصحو الطقس لأسابيع طويلة. الكلّ يسأل عن السبب، ويتشاءم من تأخّر فصل الشتاء ومشهد الثلوج التي تُسيطر على قمم الجبال منذ تشرين الثاني من كلّ عام. ما الذي يحصل تحديدًا؟
الخبير والباحث في الأحوال الجوية والمتخصّص في علم المناخ علي جابر يشرح في حديث لموقع "العهد" الإخباري أسباب ما يجري، فيقول إن "تأخر الأمطار يتكرّر كل 5 سنوات مرة، على غرار شتاء 2009/2010 وشتاء 2013/2014، لكن هذا العام الوضع مختلف لأننا نعيش موجةً من الفوضى المناخية التي تُصيب العالم".
يُبيّن جابر أن "المنخفضات التي تتشكّل في موسم الأمطار هذه السنة ما إن تبدأ بالظهور حتى تتلاشى سريعًا مقابل العديد من المرتفعات الجوية جراء التخبّطات بين جبهات باردة وحارّة، إذ لم يعد هناك مسارٌ ثابتٌ للطقس في كلّ دولة أو قارة".
ويُشير الى أن بلاد الشام ودول الخليج العربي تتأثّر اليوم بتغيّر جديد وهو ما ظهر بوضوح في مناطق مكة المكرمة والمدينة المنوّرة المعروفة بمناخها الجافّ والصحراوي، إذ تحوّلت الى خضراء وأصبحت تتميّز بطقس استوائي ورطوبة عالية.
بحسب جابر، لا وجود اليوم للبرودة التي كانت مُنتظرة مع حلول "المربعانية" في 21 كانون الأول الى جانب مخزون قليل للثلوج على الجبال، فالمنخفضات تتلاشى والأمطار ليست بالمستوى المطلوب، والمرتفع المداري يُسيطر مع ضغط جوي عالٍ يُبعد المُتساقطات بموازاة تقلّبات جوية عديدة في شهر كانون الثاني ليست بوقتها، وهذا يعني أننا أمام فوضى وتطرّف مناخي ونقول فقط "الله يستر من الأسوأ".
بتقدير جابر، التعويض لن يكون إلّا بالعديد من المنخفضات، واذا ظلّ الوضع على ما هو عليه بعد منتصف كانون الثاني فهذا مؤشّر مُقلق ضمن حالة استثنائية، ولا سيّما أن معدّل أمطار هذا الموسم لا يتجاوز الـ140 ملم مقابل 300 ملم السنة الماضية.
ويرى جابر أن تأخّر الأمطار سيؤثّر حُكمًا على الريّ ومخزون المياه الجوفية والينابيع، وبالتالي على عمل المزارعين في ظلّ عدم ترشيد استعمال المياه في لبنان.
المشهد ليس بهذا السوء، فجابر يتوقّع وصول منخفضٍ جوي ابتداءً من يوم الجمعة قد يعوّض ما فات، مع انتظار هبوب رياح ناشطة وأمطارٍ غزيرة بكميات كبيرة حتى الأحد.
ويخلص الى التشديد على أن المنظومة الجوية الجديدة التي تنشأ اليوم بشكل مختلف عمّا اعتدناه سابقًا ستؤدي الى ظهور الجفاف في منطقة بلاد الشام.