خاص العهد
الاضراب مستمر.. هل من جلسة حكومية تربوية الأسبوع المقبل؟
يوسف جابر
تواصل روابط التعليم الرسمي إضرابها للأسبوع الثاني على التوالي، مطالبةً بمقوّمات البقاء، في وقت لا يختلف اثنان على أولويّة معالجة الأزمة التربوية المستفحلة.
المشهد اليوم في الساحات يختصر الرواية. الأساتذة بمختلف مسمياتهم اعتصموا في ساحة رياض الصلح، تزامنًا مع انعقاد جلسة الحكومة، مطالبين برفع الظلم وإنقاذ مصير الطلاب، على أمل أن يستجيب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لمطالبهم، لكن ما من شيء في الأفق كان يشي بذلك. فما حصل في السراي الحكومي بعد فك الاعتصام كان كافيًا لتبديد كل الآمال.
بعد انتظار دام لأكثر من ساعة ونصف، خرج ميقاتي ليلتقي بهم "وقوفًا" لأقلّ من دقيقة ونصف الدقيقة، يرافقه وزيرَي التربية عباس الحلبي، والمالية يوسف الخليل، والنتيجة "وعد على وعد".
ما تقدّم، استدعى بيان استنكار للروابط، فأمام صراخ القطاع التربوي واستفحال الأزمة، يصمُّ مجلس الوزراء آذانه عن 350 ألف طالب في منازلهم محرومين من حقّ التعلُّم، وعن أكثر من 50 ألف معلِّم محرومين من أبسط مقوّمات العيش، وتوقُّف أكثر من 1200 مؤسّسة تربويّة رسميّة عن العمل، فهل يستجيب المعنيون لنداءات الاستغاثة قبل أن يُدمّر القطاع التعليمي الذي بدونه لا تُبنى الأجيال؟
جواد: الإضراب مستمر وميقاتي لا يبالي بالتعليم الرسمي
عن مستجدّات الأزمة التربوية، كان الحديث مع رئيس رابطة التعليم الأساسي في لبنان، حسين جواد الذي أكد في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ اللقاء بين وفد يضم كلّ الروابط برئيس حكومة تصريف الأعمال كان لمدة دقيقة ونصف و"عالواقف" بعد انتظارهم له لأكثر من ساعة.
وأشار جواد إلى أنَّ ميقاتي خرج برفقة وزيري التربية والمال، وقال: "أعدكم بتخصيص جلسة للواقع التربوي، الأسبوع القادم"، ليجيبه الوفد: "أخبرونا بما أنتم عازمون عليه الأسبوع القادم، لنخبركم بدورنا عمَّا سنفعله بموضوع المدارس. سوف يستمرّ الإضراب حتى تجتمعوا وتتخذوا القرار المناسب بشأن مشكلتنا".
وأضاف رئيس رابطة التعليم الأساسي: "كروابط تعليم، لم نكن نرغب في لقاء رئيس الحكومة لأنّه ليس لديه ما يقنع الأساتذة، ولكن نزولًا عند رغبة المشاركين في الاعتصام وإصرارهم على مقابلة الشخص المعني بحلّ مشاكل الأساتذة، اضطررنا للمشاركة في الوفد. ولكن ما جرى لاحقًا فاجأنا جميعًا، فقد قابلنا رئيس الحكومة وقوفًا، وكأنه على عجلة من أمره، أو كأنّ الوقت لديه لا يتسع لاستقبال وفد يضم كلّ الروابط. لقد أجج هذا التصرّف الذي بدر منه الوضع لدى المعلمين".
ورأى أنَّ "تصرف ميقاتي يدلّ على اللامبالاة وعدم الاكتراث بالتعليم الرسمي، في حين أن المسؤول ينبغي أن يكون أكثر حرصًا على مسائل من هذا النوع، خاصة وأنّ هناك ما يقارب 350 إلى 400 ألف طالب لم يتسنَّ لهم متابعة العام الدراسي، ناهيك عن أكثر من 50 ألف أستاذ ومعلم متوقف عن متابعة التدريس، وهذا برسم رئيس الحكومة".
وأكَّد جواد أنَّ "الإضراب مستمر، وسيصدر بيان عن الروابط خلال 48 ساعة، يحدد الخطوات القادمة ويتكلّم بوضوح عن تمديد الإضراب، ريثما تجتمع الحكومة وتخبرنا بما لديها، مؤكدًا أنهم بصدد التباحث حول أفق التصعيد، فيما الأمر متروك كما عبَّر "لهيئات الروابط".
وتابع: "هناك سيناريوهان أمامنا، الأول: من الممكن أن لا تحصل جلسة مجلس وزراء وهذا تأجيل للأزمة، والثاني: أن تحصل الجلسة ولكن مخرجاتها غير كافية ولا تتناسب مع المطالب، وهذا أيضًا استمرار للأزمة".
وأعاد جواد التذكير بالمطالب، وهي تصحيح الرواتب والأجور بما يتناسب مع غلاء المعيشة، لافتًا إلى أنَّه "سمعنا نغمة بظل الفراغ أن لا إمكانية لتصحيح الرواتب، ويجب الانتظار لانتخاب رئيس وإقرار الموازنة للعام الحالي، فأخبرنا المعنيين بضرورة تحسين الرواتب، ولو عبر المساعدات أو الحوافز".
وأضاف: "يجب إقرار قانون تعديل بدل النقل وربطه بسعر صفيحة البنزين، حيث أنَّ بدل النقل الحالي أي 95 ألف ل.ل لا يكفي، في وقت متوسط كلفة النقل للأستاذ 200 ألف ليرة".
وذكّر جواد بالمطلب المتعلق بتحسين التقديمات الصحيّة والاجتماعيّة لتعاونية موظفي الدّولة والضمان الاجتماعي بما ينسجم مع الارتفاع في قيمة الفاتورة الصحيّة، متحدثًا عن معاناة الأساتذة من "بهدلة" المستشفيات، وتابع: "اقترحنا أن يؤمَّن في العام الحالي الفرق الذي ندفعه كبدل استشفاء. تعاونية الموظفين تضمننا وتغطي ما تغطيه، ولكن مشكلتنا بالفروقات التي نتكلّفها، والتي قد تصل إلى أضعاف أضعاف الراتب، وهذا لا يعني إلغاء دور التعاونية بل إنقاذ للأستاذ".
كما شدَّد على مطلب اعتماد منصّة صيرفة خاصّة بالمعلّمين على ألّا تزيد عن الـ15 ألف كما هو الدولار الجمركي، مشيرًا إلى أنَّه "بذلك تصبح معاشات الأساتذة تقريبًا 500 دولار أميركي، مبيّنًا أنَّه حسب آخر الإحصائيات، العائلة المؤلفة من 5 أفراد تحتاج إلى 25 مليون ليرة، ونحن لا نريد الرفاهية بل نريد العيش فقط والاستمرار في ظل هذه الظروف القاهرة".
"إقفال المدارس ليس مسألة سهلة على المعلّمين"، لفت جواد، وأضاف "نحن لأوّل مرّة نقفل بشكل أسبوعي فقط، ولم نعلن الإضراب المفتوح، ونحن منزعجون من إقفال المدارس، وما يتعرض له طلابنا، ولكن على الحكومة تحمّل مسؤولياتها"، مشيرًا إلى أنَّه "في العام الماضي أضربنا لفترة، لكن عوّضنا على طلابنا عندما عدنا، وكان المطلوب قرابة الـ104 أيام، وعوّضنا في مختلف المدارس ما بين 96 إلى 114 يومًا للطلاب حرصًا على عدم تضييع حقوقهم، وأنجزنا كامل المنهاج المطلوب منهم".
حمادة: مطالب الأساتذة محقّة وغياب السيولة المالية يعني استمرار الأزمة
من جهته، اعتبر عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" وعضو لجنة التربية النيابيّة إيهاب حمادة خلال حديثه لموقع "العهد" الإخباري أنَّ "مطالب الأساتذة محقّة سواء بالرواتب والتنقل وفروقات الضمان، وأيضًا بما يتعلق باعتماد منصة صيرفة بعد أن رأوا أنّها شملت القضاء والجيش وهم يريدون تطبيق ذلك في القطاع التربوي، وهذا ما يشكل نوعًا من الرافعة لهم ليتابعوا العام الدراسي".
وأضاف النائب حمادة: "بالمقابل الدولة لا تملك القدرة على التغطية المالية لكافة المطالب، ولذلك تلجأ لأموال الجهات المانحة التي لم تفِ بوعودها بدعم القطاع التربوي"، مشيرًا إلى أنَّ "وزير التربية عباس الحلبي عبّر عن عدم ترجمة الوعود من كافة المانحين بالقول أن هناك حصارًا مفروضًا على القطاع التربوي في لبنان، ولا نزال في أزمة حقيقية بظل غياب السيولة المالية من الجهات المانحة بسبب الحصار أو من الدولة بسبب عدم القدرة".
وأعرب عن تخوفه من عدم توفر أيّ غطاء مالي في المنظورين القريب أو البعيد، ما حدا بكتلة "الوفاء للمقاومة" لرفع الصوت، مطالبةً بالبتِّ في قضية التعليم، لكونه مرتكَزًا أساسيًّا بالنسبة للبلد، ولكونه مستهدفًا من خلال الحصار.
ولفت إلى أنَّ لدى "رئيس الحكومة مشروع عمل مرتكز على إعطاء 130 دولار أميركي حوافز، ولكن من أين؟"، وأضاف "إذا كان اعتماد ميقاتي على الجهات المانحة فيحتاج إلى ضغط، ووزير التربية تكلم عن تعمّد الجهات المانحة محاصرة الواقع التربوي في لبنان، بل ورفع السقف من خلال حديثه عن تعليم السوريين، بأنه لا تعليم لهم ما لم يكن هناك تعليم للبنانيين، لأنه لا عدالة بذلك، وهذا خلاف كافة حقوق الإنسان والشرائع التي تتحدث عن حرية التعليم".
وشدَّد حمادة على ضرورة أن تكون هناك أولوية للموضوع التعليمي وعلى ضرورة أن تقوم الدولة بمسؤولياتها، مذكرًا بأنَّ تحرك الأساتذة ليس طلبًا للرفاهية بل استنادًا للحد الأدنى من الحقوق، ليتمكنوا من الاستمرار.
مراد: الجهات المانحة تحاول ابتزاز لبنان بالأموال
من ناحيته، جدد رئيس لجنة التربية النيابية النائب حسن مراد الدعوة لحالة طوارئ تربوية، تستوجب استنفار مجلس الوزراء للاجتماع، والإفراج عن أموال المدارس الموجودة في المصارف، مشيرًا في حديث لموقع "العهد الاخباري إلى أنَّ "البند التربوي في جلسة الحكومة أهم من بنود الطاقة وغيرها، فالكهرباء لا تأتي، بل ويُهدر لأجلها المال، بينما هناك حل حقيقي بمساعدة إيران التي لم نلجأ إليها".
وأضاف مراد: "القطاع التربوي يحتاج إلى سندة صغيرة، وأطفالنا خارج المدارس، ونحن لا نزال في بداية العام الدراسي، وعلى "النجيب أن يُجيب". وعلى مجلس الوزراء أن يجتمع، ويؤمن المال الكافي لضمان عودة المعلمين إلى مدارسهم".
وحول سبب إلغاء جلسة لجنة التربية النيابيّة أمس الثلاثاء، أوضح أنَّها ألغيت بسبب تعدد الجلسات في آنٍ معًا وتوزّع النواب على مختلف اللجان، واستدرك بالقول "لكن رغم حصول نصاب من 4 نواب، تقرّر الالتحاق بجلسة لجنة المرأة والطفل حيث كانت الجهات المانحة حاضرة".
ولفت مراد إلى أنَّ "الجهات المانحة تحاول ابتزاز لبنان بالأموال من خلال ممارسة الضغط بموضوع دمج النازحين السوريين مع اللبنانيين، وهذا ما لن نقبل به، لأن ما علينا فعله هو إعادة النازحين. ونحن على استعداد لمساعدتهم في بلادهم".
الحكومة اللبنانيةوزارة التربية والتعليم العالي في لبنانالمدارس الرسميةالتعليم