خاص العهد
أسعار الخضار نحو الارتفاع.. قادرون على تحويل التهديد إلى فرصة
بمزيد من الإصرار على مواجهة الحصار الأميركي، كان قد أعلن الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله بداية الأزمة "النهضة الزراعية والصناعية"، معتبرًا أن اللبنانيين "قادرون على تحويل التهديد إلى فرصة". تمامًا كما دعا حينها الشعب اللبناني إلى خوض "معركة إحياء قطاعَي الزراعة والصناعة لمواجهة الجوع والغلاء". ولأنّ الأزمة المعيشية تستفحل يوميًا وتظهر معالمها بالأسعار الخيالية للمنتجات، كانت الدعوة لـ"الجهاد الزراعي". علينا أن نكون جميعنا كل حسب قدراته مزارعين حتى نؤمّن احتياجاتنا، فأي أرض صالحة للزراعة في أي مكان سواء في القرى أو حتى المدن يجب زراعتها، وعندما نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع سنصبح شعبًا ذا سيادة.
وبالعودة إلى الأزمة، وفي ظل الغلاء الذي يطال أسعار مختلف السلع لا سيما الغذائية منها، بدا لافتًا أنّ سعر كيلو البصل في أكثر من منطقة لبنانية تخطى الـ70 ألف ليرة لبنانية، ما يؤكّد أهمية الدعوة التي وجّهها السيد نصر الله والفراغ الذي من الممكن أن تسده.
رئيس تجمع مزارعي وفلاحي البقاع إبراهيم ترشيشي يرجع سبب ارتفاع أسعار الخضار في الأسواق اللبنانية بشكل عام والبصل بشكل خاص لارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية بشكل جنوني إلى جانب تقلباته غير المعقولة. ويشير إلى أن الإنتاج المحلي موجود، ولكننا نتجه في فصل الشتاء في لبنان نحو السهل الساحلي، فالتغير المناخي يؤثر على حجم غلة المحاصيل الزراعية، فالبيوت البلاستيكية لا تعطي المنتوج الوفير نتيجة تدني درجات الحرارة. ونتيجة انخفاض الانتاج في الساحلين اللبناني والسوري -الذي نستورد منه- على حد سواء انخفض العرض وارتفع الطلب ما رفع الأسعار.
وفقًا لترشيشي، فإن هناك عدة عوامل تدخل في صلب ارتفاع أسعار الخضار أيضًا، وفي مقدمتها الزيادة المستمرة في كلفة الانتاج، وتراجع الانتاج الزراعي العام الماضي -الذي يصفه بالعام "النحس"-، حيث تكبّد العدد الأكبر من المزارعين خسائر فادحة، ما أدى إلى انخفاض العرض في الأسواق اللبنانية، يُضاف إلى هذه العوامل موجة الصقيع الأخيرة التي ضربت بعض الإنتاج الزراعي.
وبخصوص أسعار البصل، يوضح ترشيشي أنها ارتفعت بصورة رئيسة لانخفاض المعروض المتاح بالأسواق في الفترة الأخيرة، فبعد السيول التي ضربت كلًا من الهند وباكستان اللتين هما مصدر البصل في العالم (علمًا أننا لا نستورد من هناك)، عمد بعض المزراعين لتصريف 90 بالمئة من المنتج والمخزون اللبناني باتجاه ليبيا والعراق بأسعار أعلى. ويلفت ترشيشي الى عدم وجود إنتاج لبناني في الوقت الحالي، حيث ليس هناك إنتاجية في المساحات الزراعية في لبنان في مثل هذه الأيام للبصل. وحول مصدر البصل الموجود حاليًا في الأسواق اللبنانية، يقول إنه "من بقايا العام الماضي وفي آخر عمره".
ورغم ما تقدم، يطمئن ترشيشي اللبنانيين أن البواخر المحملة بالبصل آتية من مصر وستمتلئ الأسواق اللبنانية أول الأسبوع المقبل، وسيتراوح سعر الكيلوغرام الواحد بين 40 و50 ألفًا، الا اذا شهد الدولار ارتفاعات مفاجئة.
أما بالنسبة إلى الأسعار في شهر رمضان -الذي سيحل أواخر شهر آذار المقبل- فيأمل ترشيشي أن يكون الطقس دافئًا ما يسمح بزيادة الانتاج المحلي لمكوّنات طبق "الفتوش"، فتبقى الأسعار معقولة، ويعود ويذكر أن الأسعار مرهونة بتقلبات السوق السوداء وسعر صرف الدولار.