معركة أولي البأس

خاص العهد

الجولاني يتوعد "بقلب الطاولة" في سوريا.. فهل ينجح؟
15/05/2023

الجولاني يتوعد "بقلب الطاولة" في سوريا.. فهل ينجح؟

محمد عيد

مع دخول المنطقة مرحلة التسويات والتخفيف من حدة الاحتقان السياسي بين دولها يشعر زعيم تنظيم "هيئة تحرير الشام" الإرهابية - "جبهة النصرة"، بأنه قد يكون ضحية هذه التسويات وقربانا على مذبح نجاحها فأسرع يستعرض ما يدعي أنها أوراق قوة في يديه في محاولة للتذكير بأن لديه ما يفعله في حال حاولت الدول الراعية لإرهابه التفريط بـ "كرته المحروق" ليذهب إلى أبعد من ذلك، مدعيًا أن "الثورة السورية في عصرها الذهبي" وهو ادعاء يستبطن وفق مراقبين محاولة لثني الدول الداعمة له عن مسارها التفاوضي مع محور المقاومة بالتأكيد على قدرته على حسم الموقف عسكريًا إذا ما استعادت هذه الدول زخم الدعم له بالمال والسلاح.

الجولاني ورقة تحترق

يؤكد المحلل السياسي المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية حسام طالب أن "المزايا التي يحتكم عليها زعيم "النصرة" أبو محمد الجولاني قد لا تنفعه في شيء إذا سار قطار التسويات في المنطقة على النحو الذي لا يشتهيه".

وفي تصريح خاص بموقع "العهد" الإخباري أشار طالب إلى "أزرار" الجولاني التي يتوعد بها في سوريا وهي:

١_ حقيقة أن الجولاني بسيطرته على معظم محافظة إدلب امتلك أزرارًا مهمة حسب وصفه بتواجده في عقدة تفصل الشمال الغربي عن الشمال الشرقي ما جعل معظم الفصائل المسلحة في الشمال مضطرة للتعامل معه لايصال إمداداتها أو التنقل حتى العبور إلى تركيا لكن بعد تقدم الجيش السوري وحلفائه في معرة النعمان وخان شيخون وسراقب وجزء مهم من جبل الزاوية باتت أزرار الجولاني بلا عُرى خاصةً بعد نشوب الخلاف والاقتتال بين النصرة وما يسمى الجيش الوطني التابع لتركيا، لتصبح تهديداته خالية من مضمون مؤثر سياسيًا وفاقدة لعمق استراتيجي عسكري يعطيه هامش المناورة في أي معركة مقبلة، وتحولت تهديداته للاستثمار داخل فصيله وشد عصب مؤيديه أكثر من تهديدات ذات مضمون عسكري.

٢_ منذ مدة ليست بالقصيرة تراجع الدعم المقدم للجولاني وجميع الفصائل المسلحة بشكل لافت ما جعل اعتماد الجولاني وباقي الفصائل على المعابر وتجارة المخدرات للتمويل وشراء السلاح، فالسلاح الذي كان يقدم من دول بشكل علني بات اليوم يعتمد على السوق السوداء، وهذا ما جعل المعابر تشعل فتيل حرب بين الجولاني وباقي الفصائل المتواجدة في الشمال.

أما الدعم التركي فبات مقتصرًا على ميليشيات الجيش الوطني وهذا الأمر جعل الجولاني يفتح خطًا ساخنًا مع أمريكا وبريطانيا لسد الفراغ التركي الذي كان يشكل مظلة  للجولاني.
 
أما الآن وبعد التقارب التركي السوري فإن الجبهة تتهيأ ليكون الجولاني الفصيل الأول الذي ستضحي به تركيا مقابل التقارب مع دمشق، وهذا الهاجس الأكبر عند الجولاني الذي جعله يفقد صوابه ويهدد تركيا بشكل مباشر مع إعلان المشاورات السورية التركية.

٣_لم يعد خافيًا على أحد دعم واشنطن لـ"القاعدة" و"داعش" وهذا أتى على لسان كلينتون وترامب ومن هنا ندرك أن استهدافات أمريكا لقيادات "داعش" هو لشرعنة وجودها في سورية بعيدا عن أي اعتبارات أُخرى.

اما الجولاني وغيره من الجماعات الإرهابية فهم منذ تأسيسهم في خورسان واطلاقهم في أفغانستان وإفريقيا قبل العراق وسورية عبارة عن أوراق وأذرع عسكرية تنفذ سياسات الغرب في نشر الفوضى وإعطاء الذريعة للتدخل العسكري من قبل الغرب في الدول المستهدفة بحجة مكافحة الإرهاب، فالجولاني ليس استثناء وهو ورقة ما زالت أمريكا تستفيد منها بعكس تركيا التي انتهت صلاحية الجولاني عندها، وهذا أحد أوجه الخلاف بين أنقرة وواشنطن حاليًا.
وختم الخبير في الشؤون الإسلامية حديثه لموقعنا بالتأكيد على أن هذا الخلاف يستفيد منه الجولاني بعلاقته مع أمريكا وبريطانيا اللتان تريدان إفشال أي حل في سورية.

الجولاني يصوب على التسوية

يرى الخبير العسكري والاستراتيجي العميد قاسم قنبر أن فكرة التسويات تؤرق زعيم "النصرة" أبو محمد الجولاني الذي سيجد فيها مقتله.
وفي حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري يؤكد العميد قنبر أن الجولاني أطلق وصف "تعذر الحل السياسي" على الوضع في سوريا بحجة وجود العديد من الدول الداعمة لطرفي النزاع وفق توصيفه، وكأنه يريد من وراء ذلك التذكير بقدرته على قلب الطاولة من خلال "الأزرار" التي يدعي امتلاكها في حين أن هذه الأزرار "وديعة" من قبل هذه الدول الداعمة للإرهاب في يد الجولاني ويمكنها تعطيل مفاعيلها في الوقت الذي تشاء لا سيما وأنها وصلت في الحل العسكري إلى المدى الذي استطاعته قبل أن تصطدم بجدار صمود الدولة السورية ومعها محور المقاومة فصار الجولاني عبئا بعدما كان حصان رهان.

وأضاف قنبر أن تدرج الجولاني في حديثه ما بين "زر قلب الطاولة إلى الانفجار الكامل والتسخين" وصولاً إلى القدرة على" تغيير الأحداث ومواجهة التحديات" هو مجرد كلام لا يقدم ولا يؤخر، على اعتبار أن الجولاني لم يعد يحقق الانتصارات إلا على "أخوة الجهاد" الذين راح يتمدد على حساب مناطق سيطرتهم مع ما أشعله ذلك من احتقان وكراهية وفرصة للوثوب من قبل هؤلاء حين تسنح لهم الفرصة مجدداً ويجدون من يمد لهم العون على حساب الجولاني، مشيرًا إلى أن هذا الأمر بات مستبعدًا على اعتبار أن "ورقة الجهاديين" أوشكت أن تحترق بالكامل.

ولفت قنبر إلى أن التحول التدريجي والكبير في خطاب الجولاني من خطاب جهادي بحت إلى آخر "متمدن" ينطوي على رغبة كبيرة في مغازلة الغرب من أجل طرحه كحالة يمكن التعامل معها لا سيما وأنه قرن ذلك بسلوكيات ترتبط بمظهره وقيامه بزيارات استعراضية للقرى التي توجد فيها بقايا الأقليات التي قام هو نفسه بتهجير أغلب سكانها بل وارتكب المجازر بحقهم كما حصل مع الموحدين في جبل السماق بادلب فضلًا عن تهجير المسيحيين من قراهم وتدمير كنائسهم.
وختم حديثه لموقعنا بالتأكيد على أن "الأزرار" التي يتحدث عنها الجولاني ما هي إلا طلب منحه فرصة أخرى يعيد من خلالها ترتيب قدرات تنظيمه الإرهابي العسكرية بعد تزويده مجددًا بالمال والسلاح وهو أمر لا يبدو أن دول الإقليم بوارد الاستجابة إليه.

جبهة النصرةأبو محمد الجولاني

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة