خاص العهد
ذكرى النكبة.. محطة نضالية على طريق التحرير
تونس – عبير قاسم
بمناسبة الذكرى 75 للنكبة نظّم مركز دراسات أرض فلسطين للتنمية والانتماء بالاشتراك مع مركز مسارات للدّراسات الفلسفيّة والإنسانيات ندوة فكريّة بعنوان: " ذكرى النكبة.. محطّة نضاليّة على طريق تحرير فلسطين"، في مقرّ مركز مسارات للدّراسات الفلسفيّة والإنسانيات بتونس. وأدارها الدّكتور فوزي العلوي رئيس مركز مسارات للدّراسات الفلسفيّة والإنسانيات، وعضو الرّابطة الدّوليّة للخبراء والمحلّلين السياسيين.
وقد شهدت الندوة حضورا نوعيّا ومتنوّعا لأساتذة جامعيين وناشطين في المجتمع المدنـيّ التّونسي وباحثين عرب وأفارقه من بلدان وجنسيات مختلفة. وافتتح الندوة رئيس الجلسة الدكتور فوزي العلوي، وقد أكّد في كلمته على دلالات ومعاني إحياء ذكرى النكبة ورمزيتها في تواصل مشروع المقاومة وديمومته، باعتبارها (النكبة) محطّة نضاليّة هامّة للالتفاف حول القضية الفلسطينية، وتوجيه بوصلة نضال الأمّة نحو العدو الواحد والمشترك. وقدم المداخلات ثلة من الباحثين والمناضلين السياسيين برؤى متنوّعة سياسيّة وتاريخيّة وأدبيّة حضاريّة .
محمّد بدران عضو الهيئة التنفيذية لاتّحاد عمّال فلسطين والمجلس الوطني الفلسطيني سابقا، والرئيس الحالي لجمعيّة تكافل الجاليّة الفلسطينيّة بتونس أكد لـ" العهد" على أهمية دور الحركة النقابية الفلسطينية في النضال الوطني قبل عام 1948. مشيرًا الى أن الحركة العمالية الفلسطينية لعبت دورًا بارزًا في تنظيم وتأطير العامل الفلسطينيين وفي المقاومة والتصدي للهستدروت الذراع النقابي للحركة الصهيونية". وقال إن "ذكرى النكبة تأتي هذا العام في ظل متغيرات إقليمية كبرى، مشددًا على أن الفلسطينيين سيظلون صامدين رغم كل مخططات التطبيع الصهيونية ومؤامراتها".
أما الدّكتور عابد الزريعي مدير مركز دراسات أرض فلسطين للتنميّة والانتماء. فقدم محاضرة بعنوان "المجاهدون في حرب 1948 ـــ محمد طارق الأفريقي الهوية والدور".. وقد أشار في بداية المداخلة الى أهمية التعريف بهؤلاء المجاهدين، لأنهم يشكلون جزء من تاريخ اوطانهم التي قدموا منها، وجزء من الذاكرة الفلسطينية، والقومية والإنسانية المناضلة من اجل العدل والحرية، إضافة الى أن التعريف بهم في الراهن السياسي يمثل عملية نضالية لاستقطاب أجيال جديدة كما انهم يمثلون انموذجا مضادا لكل محاولات التطبيع الجاري. وقد تم تقديم محمد طارق الافريقي، في ثلاثة مستويات. أولا في مستوى الهوية التي تتضمن سماته الشخصية المتعلقة باسمه وميلاده بنيجيريا عام 1886 ودراسته العسكرية بتركيا والمانيا. وثانيا في مستوى العلاقات حيث بنى محمد الافريقي شبكة علاقات واسعة شملت قيادات عربية خاصة سورية ودول عربية اخرى، وشخصيات عالمية. وثالثا في مستوى الأدوار وتتمثل في الدور العام المتمثل في مشاركته في النضال لليبي والاثيوبي.
أما عن الدور الخاص المتعلق بمشاركته النضالية في فلسطين فأوضح الزريعي في تصريح خاص لـ" العهد" على هامش الندوة أن علاقة المناضل مع فلسطين بدأت عام 1931 حيث حضر المؤتمر الدولي الاسلامي الاول الذي عقد في بيت المقدس سنة 1931. وفي عام 1935 ترأس وفد المؤتمر الإسلامي لجمع التبرعات من نيجيريا. وعاد الى فلسطين عام 1935.ـــ 1948 و انتدبه الحاج امين الحسيني عام 1948. حيث استلم قيادة جبهة غزة بتاريخ 4 آذار -مارس 1948. وخاض 18 معركة من 13 آذار مارس الى 15 نيسان ابريل / 1948. وفي جبهة القدس خاض 22 معركة خلال الفترة من 17 / 7/ 1948 الى 17 /10 / 1948.
وقدم الدّكتور موديبو دانيون رئيس وحدة الدّراسات الإفريقيّة بمركز مسارات للدّراسات الفلسفيّة والإنسانيات مداخلة بعنوان: "النَّكبةُ باعتبارها سيرورةً". أشار فيها الباحث أوّلا إلى الدّلالات اللّغويّة والاصطلاحيّة لمفردة" النكبة"، التي لم تنشأ في سنة 1948 ولم تقف عندها، لأنّ هزيمة العرب في فلسطين – كما قال قسطنطين زريق- ليست "مجرد إخفاق، أو شر عابر. هذه نكبة بكامل معنى الكلمة، وإحدى أصعب النكبات التي ألمت بالعرب خلال تاريخهم الطويل. تعلن سبع دول عربية الحرب على الصهيونية في فلسطين، وتقف عاجزة مرتدة على أدبارها. تريد سبع دول إلغاء التقسيم والقضاء على الصهيونية، لكنها تترك المعركة بعد أن خسرت جزءًا كبيرًا من أرض فلسطين، حتى ذلك الجزء الذي أُعطي للعرب. إنها تضطر إلى قبول الهدنة التي لا يوجد فيها أي ميزة أو مكسب من جهتها".
وقارن المحاضر بين ما حدث ويحدث في فلسطين وما يحصل في إفريقيا اليوم ومنذ أمد بعيد من صناعة الإرهاب الدوليّ والتمرّد المتكرّر الذي لا يأتي في رأيه من فراغ. إنّه مشروع غربيّ بتحالف شرقيّ لزعزعة الاستقرار من أجل نهب الثروات واستيطان الأراضي واستعباد أهلها وتهجيرهم. واستنتج أنّ النكبة مأساة إنسانيّة لا تنسى. ووعي وجوديّ ينبغي أن يدرَّس. لأنّ التّاريخ أمر مكرّر. والتضامن مع الشّعب الفلسطينيّ تضامن مع كلّ الشعوب المستضعفة. والسكوت على الظلم تشجيع على استمراريّته.
اما مداخلة الأستاذة سمر عبد العظيم الباحثة في مركز دراسات أرض فلسطين للتنمية والانتماء، فقد كانت بعنوان: "النكبة في أدب غسّان كنفاني" وبيّنت من خلالها ان غسان كنفاني قد تناول نكبة عام 1948 من خلال السرد؛ أي من خلال التخييل في القصة القصيرة والرواية، موظفا عناصره من حدث، ومكان، وزمان، وشخصيات، ولغة معبرة، جاعلا من هذا التوظيف هدفا يعبر فيه عن النكبة من زاوية الالتزام بالأدب ليكون أدبا في خدمة الجماهير يعمل على نشر الوعي بينهم. إذ أنّ حدث النكبة قد هيمن على فكرة موضوعات السرد من خلال الحدث الذي تناول فيه غسّان الأسباب التي أدت إليها، وهي الهزيمة التي تجلت مظاهرها في اقتطاع جزء من أرض فلسطين، أقام اليهود عليه كيانهم "إسرائيل"، كما ذكر أسماء شخصيات تاريخية كان لها دور فاعل في أحداث النكبة، وتناول أدوار شخصيات إيجابية وسلبية محاكياً الواقع، وشخصيات الآخر أو العدو؛ وهو المنتدب البريطاني، واليهودي الذي قدم للاستيطان في فلسطين.